فلسطين أون لاين

تقرير جبل العُرمة.. تأكيد لثبات الفلسطينيين وتعلقهم بأرضهم

...
جانب من المواجهات جنوب جبل العرمة (أ ف ب)
نابلس - محمد أبو شحمة

بين صخور حادة ورصاص الاحتلال وقنابل الغاز المسيل للدموع التي يطلقها جيش الاحتلال الإسرائيلي، وسقوط شهيد والعديد من الجرحى، يواصل الفلسطينيون صمودهم على أعلى جبل العُرمة بمحافظة نابلس شمال الضفة الغربية، في تأكيد تعلقهم في أرضهم، وثباتهم أمام الاستيطان المتواصل.

وتصدر جبل العُرمة أقدم الأماكن الأثرية المشهد السياسي الفلسطيني خلال الفترة الأخيرة، خاصة أمام الصمود الكبير الذي سطره النشطاء وأهالي المنطقة المحيطة بها وهم أهالي "بيتا" جنوب نابلس، في مواجهة المستوطنين ومحاولاتهم بسط السيطرة عليه.

ويعتبر "العُرمة" الجبل الأعلى بعد جبل عيبال في المنطقة، إذ يرتفع عن سطح البحر 850 مترًا، وشكَّل حصنًا منيعًا لصد الغزاة، وبرجًا لمراقبة الطريق، وهو جزء أصيل من أراضي بلدة بيتا.

ويطل الجبل على السلط الأردنية شرقًا، وشاطئ البحر الأبيض المتوسط غربًا، وعلى قرى جنوب وشرق محافظة نابلس، ويشكل شاهدًا على فترة الحكم العثماني لفلسطين التي اتصفت بالقلاع والحصون المشيدة.

ويعكس ثبات الفلسطينيين على جبل العُرمة الحالة الوطنية الكبيرة التي يتمتعون بها، ودرجة الوعى لدى المواطن الفلسطيني من مخاطر الاستيطان الإسرائيلي المتواصل والذي اقتطع أجزاء كبيرة من مدن وقرى الضفة الغربية المحتلة، كما يقول مسؤولان فلسطينيان.

ويؤكد عبد الله أبو رحمة، مدير عام العمل الشعبي ودعم الصمود في هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، أن جبل العرمة يعد من المناطق الأثرية القديمة في بلدة بيتنا، والمناطق الاستراتيجية حيث يطل على غالبية القرى والمناطق المحيطة، لذلك يسعى المستوطنون للسيطرة عليه، لكونه يتوسط المنطقة.

ويقول أبو رحمة في حديثه لـ"فلسطين": "في الفترة الأخيرة كان هناك زيارات متكررة من قبل المستوطنين المتطرفين وبشكل يومي للجبل، وهنا تدارك أهالي المنطقة بوجود حركة غريبة للمستوطنين بها، لذا دعوا للاعتصام لحماية الجبل، وأطلقوا مبادرة لوضع سارية علم ضخمة على قمة الجبل للتأكيد أنه خط أحمر ولا يمكن السماح بالاقتراب منه".

وأضاف: "مع رباط الأهالي في الجبل ليلية الثلاثاء الماضي، بدأت القوات الراجلة التابعة لجيش الاحتلال التسلسل في محيط الجبل واقتحامه بقوة السلاح وفتح النار بصورة مباشرة على المعتصمين السلميين الذين لا يمتلكون إلا إرادتهم، ما أدى إلى استشهاد أحد الفتية".

وشدد أبو رحمة على أن المواطنين والمعتصمين في جبل العُرمة لن يسمحوا بسيطرة المستوطنين على الجبل، وقرروا حمايته بأرواحهم والدفاع عنه، وهي إشارة إلى أنهم بالفعل قولًا وفعلًا يتصدون لجميع محاولات لضمه للمستوطنات".

والثلاثاء الماضي، استشهد فتى وأصيب عشرات آخرون برصاص الاحتلال في منطقة جبل العرمة، عندما اقتحمت قوات الاحتلال المنطقة وأطلقت الرصاص على شباب محتجين ضد ضمها إلى مستوطنة إسرائيلية.

من جهته، أكد منسق اللجنة الشعبية لمقاومة الجدار والاستيطان، صلاح الخواجا، أن الفلسطينيين في جبل العرمة أعطوا دلالة على قدرتهم على وقف الاستيطان في مدن الضفة الغربية، ومجابهة دولة الاحتلال.

ويقول الخواجا في حديثه لـ"فلسطين": "على مدى أيام متواصلة صمد الفلسطينيين في نابلس أمام محاولات سلطات الاحتلال والمستوطنين السيطرة على الأراضي الخالية في جبل العرمة الأثري".

وشدد على أن الفلسطيني لديه انتماء كبير لأرضه، ولديه استعداد للرباط لفترات طويلة بهدف منع استمرار تغول المستوطنين على الأرض، إضافة إلى المواجهة في كل الوسائل للحفاظ على أرضه، كما يحدث في جبل العرمة.

يذكر أن المحاولات الإسرائيلية للاستيلاء على جبل العرمة مستمرة منذ عام 1988، وتُعزى الأطماع به إلى قيمته الاستراتيجية، ولتوسيع حدود المستوطنات المجاورة، ولتزوير الرواية الحقيقية لتاريخ هذه البلاد بادعاء أنها "أرض يهودية".