فلسطين أون لاين

"التوك توك" "صديق" البطش بعد أن "خذلته" السلطة

...
(أرشيف)
غزة - جمال غيث

بقدمه المبتورة، يجوب الجريح محمد البطش، من مخيم جباليا شمال قطاع غزة، شوارع الحي بمركبته النارية ذات العجلات الثلاثة المعروفة شعبيًّا باسم "التوك توك"، باحثًا عن لقمة عيش أسرته.

وأصيب البطش، عام 2006م، خلال قصف طيران الاحتلال الإسرائيلي منزلًا كان يسير بالقرب منه، ببتر في رجله اليمنى، في حين أصيب عدد من سكان المنطقة.

وكان البطش، طوال الأعوام الماضية، يعتمد على راتب الجريح، الذي تصرفه له السلطة في رام الله كل شهر، لكن منذ كانون الآخر (يناير) 2019م فجأة أقدمت السلطة على قطع راتبه دون إبداء الأسباب، ما دفعه للبحث عن مصدر دخل يسد به رمق أسرته.

وفي تمام الساعة السابعة صباحًا يستيقظ البطش من نومه، ليستقل "التوك توك" ويتجول في شوارع مخيم جباليا، وبعض المناطق المجاورة له بحثًا عن حمولة يكسب منها لتوفير احتياجات أسرته.

ويلفت البطش في حديث لصحيفة "فلسطين" إلى أن مهنته شاقة، وتحتاج إلى قوة وتحمل، وأن ما يوفره منها لا يكاد يكفي قوت أطفاله وكسوتهم، مشيرًا إلى أنه مضطر إلى العمل يوميًّا، خاصة أنه يعيل أسرة مكونة من ثلاثة أفراد طفلتين وزوجته، وهذا يحتاج منه إلى العمل يوميًّا لتوفير مصروفاتهن اليومية.

ويستعين البطش في عمله ببعض العمال، أو الأهالي، لمعاونته على عمله الشاق بسبب إصابته، وشعوره بآلام في رجله اليسرى لاعتماده عليها كليًّا عوضًا عن اليمني التي بترت.

ويستعين البطش بعدد من العمال، لمساعدته في عمله الشاق، نظرًا لإصابته وعدم مقدرته على الاتزان وقتًا طويلًا، خاصة خلال رفع بعض الأحمال الثقيلة أو تنزيلها، كالأثاث المنزلي للسكان المقيمين في الأبراج.

قطع الراتب

وبدأت معاناة الشاب في مهنة النقليات، بعد ستة أشهر من قرار السلطة قطع راتبه، إذ قدمت له اللجنة الدولية للصليب الأحمر عربة "التوك توك"، كي يعمل عليها ويوفر احتياجاته، بعد ما أقدمت السلطة على قطع راتبه، وعدم وجود أي مصدر دخل له.

وكانت السلطة قطعت قبل سنة رواتب نحو 1100 جريح، و400 أسير، و1668 عائلة شهيد من غزة.

ويلفت إلى أن العمل في مجال النقليات مرهق جدًّا، وتزداد صعوبته بسبب إصابته ولعدم قدرته على رفع الأحمال طويلًا، إلى جانب تدهور الأوضاع الاقتصادية للغزيين بسبب الحصار، "فما أعمل به في اليوم يقدر من خمسة إلى عشرة شواقل" يقول البطش.

ويتابع: "أريد أن أساعد نفسي وأسرتي، وألا أحتاج لمساعدة أحد بعد قطع راتبي، لذلك أعمل على (التوك توك)"، مشيرًا إلى أنه توجه أكثر من مرة لمؤسسة رعاية أسر الشهداء والجرحى بمدينة غزة للاستفسار عن أسباب قطع راتبه، لكن دون جدوى.

ويشير إلى أن مؤسسة أهالي الشهداء والجرحى كانت ترد عليه بأنه لا يوجد أي إشكالية بملفه، وأن عليه الانتظار، ورغم ذلك حاول البطش مرارًا التواصل مع المعنيين في الضفة الغربية لإنهاء معاناته، لكن لم يوفق بذلك، ولا يزال ينتظر صرف راتبه.

ويطالب البطش رئيس السلطة محمود عباس ورئيس وزرائه محمد اشتية، بإعادة راتبه المقطوع منذ بداية عام 2019م.

وفرضت السلطة منذ آذار (مارس) 2017م إجراءات وصفت بالعقابية على قطاع غزة، شملت تقليص إمدادات الكهرباء، والتحويلات الطبية، والأدوية، وتقييد التعاملات المالية والحوالات عبر البنوك، وإحالة 33 ألفًا من موظفي السلطة في القطاع إلى التقاعد المُبكر الإجباري، والخصم من رواتب الباقين بنسب وصلت إلى 70%.