قائمة الموقع

معتز النجار.. حكاية شاب لم تهزمه 11 إصابة

2020-03-15T10:19:00+02:00
(أرشيف)

يجلس الشاب معتز النجار على كرسي في ساحة المستشفى الخارجية، بردائه الأزرق، وإلى جواره عكازان يسير عليهما، مع عدم قدرته على السير على إحدى قدميه، بعد أن أصابها طلق ناري متفجر من فوهة بندقية قناص تابع لجيش الاحتلال قرب السياج الفاصل، الذي يقيمه الأخير شرق مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة.

طلقٌ لم يكن الأول الذي يخترق جسد النجار (22 عامًا) إذ إنها الإصابة الـ11 تواليًا، جلها في مربع مكان مخيم مسيرة العودة السلمية نفسه في بلدة خزاعة شرق المدينة، غير أن هذا الطلق الناري كان الأصعب والأقسى على نفسه.

يروي النجار أن جنديًا في جيش الاحتلال تموضع فوق تلة رملية، برفقة جنود آخرين، بنية قنص كل مَن يقترب من جثمان شهيد ملقى على الأرض لمنع الاحتلال من احتجازه، غير أنه سار بروح معنوية عالية وإصرار كبير، بعد أن تجرد من ملابسه العلوية.

وفي هذه اللحظات وفي أثناء تقدم الشاب النجار، تفاجأ بخروج جرافة احتلالية ضخمة تندفع بسرعة هائلة نحو جثمان الشهيد الذي لم يكن يعرف هويته في حينه، وقد اقترب إلى حد كبير منه دون خوف، وقد حاولت أن تضربه الجرافة بأسنانها وأن تدفنه بالتراب.

ولم يفتح عينيه النجار إلا وهو مسجى على سرير المستشفى، ملفوف القدم، بعد أن أصابه قناص برصاصة متفجرة في قدمه سقط عقبها مغمى عليه على التراب.

وبعد استعادة وعيه، شاهد مقطعًا مصورًا للحادثة، ليعلم أن الجثمان يعود للشاب الشهيد محمد الناعم، الذي ارتقى في إثر جريمة ارتكبها الاحتلال وهزت قلوب الفلسطينيين وأحرار العالم.

وكانت قوات الاحتلال الإسرائيلي قتلت الشاب "الناعم" بالقرب من السياج الفاصل الذي تقيمه شرقي خانيونس جنوبي قطاع غزة في 23 من الشهر الماضي، وقالت مؤسسات حقوقية خلال مؤتمر صحفي آنذاك: إنّه وفقًا للمشاهد المصوّرة التي نقلتها وسائل الإعلام، وشهود العيان، فقد أقدمت قوات الاحتلال الإسرائيلي على إعدامه يعد استهدافه بقذيفة دبابة ووابل من الرصاص الحي.

يقول النجار: "لم أعرف الشهيد، توجهت للمكان بعد سماعي في الإذاعة وجود جثمان قرب الشارع المعروف شعبيًّا باسم "جكر"، فمنزلي قريب من المكان، وبالفعل رأيت الجثمان (...) وكنت أدرك أن جنود الاحتلال سيسحبونه فأردت أن أستبقهم، لكنهم أطلقوا النار على قدمي".

ولم يصب الشاب النجار وحده فيما يصفها بـ"معركة الحصول على جثمان الشهيد"، إذ استبقه رفيقه كذلك، وقد أصيب معظم من كان يقترب من المكان.

وينظر النجار إلى قدمه التي لم يكف التهتك الذي أصابها بسبب الطلق الناري أن تلف باللفاف التقليدي (الجبس)، إذ ركّب الأطباء فيها جهازًا خارجيًّا لتثبيت العظام، ويقول: "هذه المرة الـ11 التي أقع فيها جريحًا".

يشير إلى أن الأطباء أجروا له أربع عمليات جراحية، في الإصابة الأخيرة، التي كانت الأصعب، إذ هناك قطع في الأعصاب، وتهتك في الأوردة، وتهشم كامل لرمانة القدم السفلية، إلا أن الشاب النجار لم يبدِ أي ندم على ذلك.

ويقول: "لو عادت بي الأيام فلن أبرح مخيم العودة، وسأرجع مرة ومرة، ولن أخشى أي طلق ناري".

الشاب النجار على دمائه النازفة، وجراحه التي أصابت معظم أجزاء جسده، يكتنز في قناعته أن هذه "الدماء حتمًا ستنتصر على المحتل في نهاية المطاف، وستغلب الكف المخرز بقوة وإرادة الله"؛ بهذا يختم حديثه.

ونتيجة عنف الاحتلال ضد المتظاهرين السلميين في مسيرة العودة بلغ إجمالي الجرحى، منذ انطلاقها في 30 آذار (مارس)  2018م  حتى 23 تشرين الآخر (نوفمبر) 2019م، نحو 35.703 جرحى، وشكلت الإصابة في الأطراف السفلية ما نسبته 48.2%، والرأس والرقبة 10.1%، وبلغت إصابات الرصاص الحي 40.7%، والرصاص المعدني المغلف بالمطاط 7.7%، وإصابات الغاز 13.0%؛ وفق إحصاءات وزارة الصحة في غزة.

اخبار ذات صلة