قائمة الموقع

هل الحكومة الفلسطينية محصَّنة من الكورونا؟

2020-03-14T12:10:00+02:00
(أرشيف)
نادية عصام حرحش - رأي اليوم

بعد إعلان الحكومة حالة الطوارئ بسبب فيروس الكورونا، وعزل مدينة بيت لحم وإغلاقها من قبل السلطة وكذلك من قبل جيش الاحتلال بسبب تفشي الفيروس بعد التأكد من وجود حالات بعد زيارة وفد سياحي يوناني، من المتوقع أن تلتزم الحكومة أولا بإجراءات الوقاية على حسب التعليمات التي أصدرها رئيس الوزراء بهذا الشأن، وبالتالي كان التوقع أن تأخذ كل وزارة وهيئة حكومية المسؤولية بدوائرها وأماكن تحكمها من أجل تطبيق ما يلزم من قانون.

قرار محافظة رام الله بإغلاق المطاعم المقاهي كان صائبا عند التفكير بالحاجة لأخذ كل التدابير الاحترازية من اجل عدم تفشي الفيروس. واعتراض الناس تخوفا من قطع الارزاق وما تشهده المدن من تهديد بانهيار اقتصادي حقيقي.

ولكن هناك حقيقة واحدة، هي عدم الاستعداد والمقدرة للجهاز الصحي لتحمل وزر تفشي الفيروس.

المتابع لما يحدث في دولة الاحتلال، يرصد كذلك خطورة الوضع الذي بات بالفعل مهددًا للاقتصاد وينذر بكوارث من هذه الناحية. ولكن يبدو أن حسبة رئيس الوزراء الإسرائيلي رجحت بالنهاية الصحة على الاقتصاد. فكان تصريح دولة الاحتلال الإسرائيلي واضح بعدم جهوزية القطاع الصحي الإسرائيلي لتحمل كارثة وباء إذا ما تفشى.

التدابير التي أخذها الجانب الإسرائيلي صارمة وواضحة ولا مزاح فيها. الطيران تعطل، ويتم اغلاق المرافئ الجوية تدريجيا من أكثر الدول. البورصة أغلقت، وأزمة أعلن عنها يتم تحديثها على مدار الساعة. خطوط ساخنة وطوارئ خاصة للكورونا وأماكن حجر مع تعليمات بالالتزام بالحجر البيتي لكل من عاد من سفر وكل من كان في منطقة يتم الإعلان عن تفاصيلها من خلال شخص تم تثبيت اصابته.

من الجهة الفلسطينية، لا يبدو أن التفاعل بقدر الأزمة من قبل الشعب والحكومة مأخوذ على نفس القدر من المسؤولية والجدية.

منع تأجير قاعات الافراح لم يوقف الأفراح. منع الندوات أوقف فقط الإعلان عنها ولكنها مستمرة. اغلاق المطاعم ينتج عنه اغلاق باب امامي وفتح باب خلفي. اغلاق المدارس وعدم الذهاب إلى الاشغال تحول الى فرصة للتسوق بالمتاجر وإطلاق الأطفال بالشوارع.

والقرار بخصوص إجراءات السلامة الذي تم تعميمه في وزارة السياحة بناء على تعميم المرسوم الرئاسي المتعلق بالدوام والذي جاء فيه: “على جميع الموظفين الالتزام بالدوام في نفس المحافظة وفقا لاختصاصه ومهامه وعدم التنقل بين المحافظات”، لم ينطبق على وزيرة السياحة التي شاركت في الجلسة الأسبوعية لمجلس الوزراء.

الحقيقة، أنني صدمت عندما رأيت صورتها في الاجتماع وصعقت. من ناحية، لا اريد ان أحمّل وزيرة السياحة مسؤولية تفشي الأزمة بسبب عدم اخذ الوزارة التدابير الاحترازية منذ تحول الفيروس إلى وباء والتحذيرات من الوفود السياحية الأجنبية. لأن الوزارة ربما وثقت بإعلانات وزارة الصحة السابقة التي اكدت جهوزيتها للفيروس ولم تثر أي مكان للقلق الحقيقي. ولكن هنا يأتي السؤال مرة أخرى: إذا لم يكن المسؤول في هذه المناصب بقدر المعرفة وتقدير المواقف في حينها فلماذا يكون في هذه المناصب؟ ولا أريد لسؤال أن يأخذ مجرى مساءلة في هذا الوقت الطارئ فعلا من حياتنا. فلا الوقت ولا الظروف الآن تسمح.

مع الأسف إنّ الكورونا أكدت على انهيار ما يبدو من منظومة غير صالحة لأي شيء. وبدون شك، إن محاولة الحكومة في الأيام الأخيرة تحسب لها في وقت لم نرَ أي إنجاز يمكن رصده. ولكن ما يجري من تدابير وقائية واعلانات في الأيام الأخيرة مهم.

ولكن ما لم أفهمه هو، كيف تكون الوزيرة المقيمة في بيت لحم المعزولة، والمنكوبة بالفيروس المتفشي، على طاولة الاجتماع الوزاري في رام الله؟

لا يسعني إلا أن اسأل: هل الوضع جدي بالفعل أم أنها لعبة؟

لأنه لا يمكن أن يكون الوضع بهذه الجدية، حيث تعزل فيها مدينة بالكامل والقرى المجاورة لها وتغلق بإحكام، ثم تستطيع الوزيرة أن تتنقل بلا التزام بالتعليمات التي أصدرتها، ومن ثم تعرض المتواجدون على طاولة الاجتماع لخطر أكيد بفرضية حملها للفيروس.

لو كان هناك من هو محصن من الفيروس لكنا تجنبنا كل ما يجري. ولكن لا يحتاج الامر لإفتاء ولا تحليل معمق. لا أحد محصن من الفيروس الوبائي.

يعني البديهي هنا أن تكون الوزيرة بالحجر، فكيف استطاعت ان تصل الى رام الله في خرق للتعليمات مهددة بذلك كل من صادفته.

في حملات التوعية التي ينشرها الاحتلال الإسرائيلي عن المصابين، ترصد النشرات كل حركة قام بها المصاب محذرة كل من يمكن ان يكون متواجدا في محيطه لوضع نفسه بالحجر البيتي حتى يتأكد من عدم اصابته.

آخر إصابات تبين أنها جاءت من سائحين من ألمانيا تعرضوا للإصابة بعد لقائهم برجل من بيت جالا كان مصابا بالفيروس.

بينما تحاول الحكومة جاهدة لفرض نظام متعلق بالتزام الشعب بالتدابير الوقائية، نفترض على الأقل التزام افراد الحكومة بالتعليمات التي يعممونها. فكيف لي الا أن أتفهم صاحب مطعم يظن انه اخذ التدابير المناسبة وفتح مطعمه، او عائلة قررت انها اخذت التدابير وقررت ان يكون حفل الزواج في البيت، او جمعية قررت انها اخذت التدابير وأقامت ندوة للوقاية من الكورونا حضرها العشرات في مكان مغلق.

وهنا، لم يعد الامر عاديا، فاعلان الطوارئ حصل من اجل عدم اعتيادية الامر وخطورة التفشي. هل تم التأكد من ان الوزيرة لم تحمل الفيروس؟ مع العلم أن المصابين الألمان عرفوا بإصابتهم بعد رجوعهم إلى ألمانيا، كما الكوريين واليونانيين. أي أن الاعراض لا تظهر في فترة الحضانة للفيروس، ومن أجل هذا تم فرض العزل على مدينة بيت لحم.

فهل حملت الوزيرة معها الفيروس إلى مجلس الوزراء؟

ولكم أن تتخيلوا معي الأعداد التي وصل إليها الفيروس من الناس بعد هذا الاجتماع.

اخبار ذات صلة