في مراجعة بسيطة وقفت الأمم المتحدة تاريخيًّا إلى جانب الكيان الصهيوني في محطات كثيرة، وأعطت أحيانًا الفلسطينيين بعض الحقوق التي بقيت دون تنفيذ.
فالأمم المتحدة قررت تقسيم فلسطين واعترفت بالكيان، ولم تطبق حق العودة، ولم ترغم الاحتلال على الانسحاب من الأراضي المحتلة عام 1967م، وصمتت عن المجازر الإسرائيلية ضد الفلسطينيين ووقفت متفرجة على مشاريع الاستيطان، ولم تقم بتحقيقات عادلة في الانتهاكات الإسرائيلية، ولم تحاكم قادة الاحتلال الذين ارتكبوا جرائم حرب وإبادة جماعية.
ونذكر _على سبيل المثال_ مجازر دير ياسين وكفر قاسم وقبية وصبرا وشاتيلا، والاعتقالات الجماعية والتعذيب في السجون، وحصار قطاع غزة، وبناء الجدار العازل، واستخدام أسلحة محرمة.
وفوق ذلك صمتت الأمم المتحدة عن جميع ممارسات الاحتلال، ووفرت غطاء سياسيًّا ودبلوماسيًّا لكل الجرائم والانتهاكات الإسرائيلية، ما جعل الاحتلال يتمادى في ممارساته الإرهابية ضد الفلسطينيين والعرب.
ولما كانت الأمم المتحدة مسؤولة عن تطبيق القوانين والقرارات الدولية؛ فإنها سكتت عن تجاوز الاحتلال هذه القوانين والقرارات، ومنها حماية المقدسات في القدس، والمسؤولية الشاملة عن المواطنين في مناطق سلطات الاحتلال، والالتزام بمعاهدات الحرب.
عملت الأمم المتحدة غطاء سياسيًّا وقانونيًّا لنظام الاحتلال الإسرائيلي، وأمنت له البيئة اللازمة لامتلاك عناصر القوة ولتجاهل رد الفعل العالمي ولحمايته من المساءلة والمحاكمة.
وهي بذلك كانت في موقف معادٍ للفلسطينيين، ويكفي أن قرارات الأمم المتحدة تجاه فلسطين بقيت حبرًا على ورق.
قضية ريما خلف ليست جديدة؛ فقد سبقتها تقارير كثيرة تجوهلت أو أدخلت النسيان قسرًا.
فالمحاكم الدولية عدت الجدار العازل مخالفًا للقانون، فأين دور الأمم المتحدة؟!
وأين نتائج الاعتداءات الإسرائيلية على قطاع غزة؟!، وأين نتائج مخالفة الاحتلال في قضايا الاستيطان وعدم تنفيذ حق العودة؟!
إن ريما خلف كشفت ما هو معروف، وإنها من موقعها وباستقالتها أعطت القضية بعدًا سياسيًّا وإعلاميًّا ودبلوماسيًّا؛ فهي تعرف ماذا يجري، وهي مطلعة على التحركات داخل الأمم المتحدة.
المشكلة أن هناك من لا يزال يراهن على تدخل دولي، وعلى عدالة دولية، وعلى قرارات الأمم المتحدة.
استقالة ريما خلف أعطت دروسًا وعبرًا للفلسطينيين أن البقاء للأقوى، وأن الرهان على تدخل دولي رهان خاسر، وأن الحل يكون بالقوة، وأن الحقوق تنتزع انتزاعًا.
نحن باقون في أرضنا، ومتمسكون بحقنا.
المجد للمقاومة والشهداء والجرحى والأسرى.