أثار قرار دائرة التعليم في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (أونروا)، إجراء تغييرات جذرية في المناهج الدراسية الفلسطينية الجديدة، ردود فعل غاضبة في الداخل والخارج، واعتبر البعض أنها تمسّ التاريخ والمقاومة والهوية الفلسطينية، وترسّخ وجود الاحتلال الإسرائيلي.
وكانت الرئاسة العامة لوكالة الغوث في عمان، قد أرسلت للمقر الإقليمي في قطاع غزة نشرات خاصة تحتوي على تفاصيل لحذف وتعديل بعض الموضوعات التي يتم تدريسها في مواد (التربية الإسلامية، الرياضيات، التنشئة الوطنية، واللغة العربية) للصفوف من الأول حتى الرابع للمرحلة الأساسية الفصل الدراسي الثاني من عام 2017 كمرحلة أولى، والمرحلة الإعدادية والثانوية كمرحلة ثانية.
إخلال بالمنهاج
وكيل وزارة التربية والتعليم في غزة د. زياد ثابت، أكد أنه "من الواجب على إدارة وكالة الغوث أن تلتزم بمنهاج الدولة المضيفة، وذلك ما حدث في السنوات الماضية سواء على صعيد فلسطين أو الدول الأخرى كسوريا والأردن ولبنان".
وقال ثابت: "نحن الآن أمام مناهج جديدة أُعدّت من قبل وزارة التربية والتعليم على إدارة الوكالة أن تلتزم بها"، مشيرًا إلى اطلاعه على بعض المواد التي أصدرتها إدارة الوكالة وفيها تعديلات على المناهج الجديدة، رافضًا هذه التجديدات التي تخل بالمنهاج الفلسطيني.
ودعا إدارة الوكالة إلى "مناقشة وزارة التربية والتعليم في المواد التي تريد تعديلها، ولكن أن تقدم على إعداد مواد فيها تحريف لمحتوى المنهاج الدراسي، وتحاول أن تجري عليها تدريبات لإجرائها سواء في غزة أو الضفة، فهذا مرفوض تمامًا".
ووفقا للمستندات والوثائق، فإن عمليات الحذف والتعديل ترتكز على ثلاث قضايا هي: "العنف" بقصد (المقاومة)، و"الجندر" بقصد (الاختلاط)، وإلغاء ذكر القضايا السياسية التي تتعلق بالثوابت الفلسطينية.
واستهجن ثابت إحداث وكالة الغوث تغييرات على المنهاج الفلسطيني دون الرجوع إلى وزارة التربية والتعليم، قائلاً: "حتى المناهج الفلسطينية بالكاد تلبي الحد الأدنى للمواطن وكنا نأمل أن ترتقي بمستواها أكثر من ذلك".
وفيما يتعلق بتعليق وزارة التربية والتعليم في رام الله على هذه التعديلات، قال: "قبل أيام كانت هناك زيارة لوفد من وزارة التربية والتعليم خاصة الوفد المسؤول عن إعداد المناهج، طرحنا هذا الأمر وقالوا إنهم لم يروا هذه المواد وأكدوا أنها مخالفة لنهج وزارة التربية والتعليم وهم يرفضون تدخل الوكالة في المناهج الفلسطينية بهذه الصورة".
مراسلة "صحيفة فلسطين" حاولت التحدّث مع الناطق باسم وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين في قطاع غزة، عدنان أبو حسنة، لتوضيح القضية، ونقل وجهة نظر "أونروا" تجاه هذه الخطوة، ولكنه فضل عدم الإدلاء بتصريح في هذا الموضوع.
غضب شعبي
رئيس دائرة شؤون اللاجئين في "حماس"، د. عصام عدوان، قال: "إن هذا التعديل منوط بالمنهاج الفلسطيني فقط الذي يدرس في الأراضي الفلسطينية"، مشيرًا إلى أنه فيما يتعلق بالدول الخارجية فإن إدارة الوكالة ملتزمة بتدريس منهاج كل دولة مضيفة للاجئين.
وأوضح عدوان أن إدارة الوكالة وقعت اتفاقيات مع الدول المضيفة للاجئين يقضي بالتزامها بالمنهاج الدراسي، كما وقعت اتفاقا مماثلا مع السلطة الفلسطينية.
وبين أن "هذا الخروج عن الاتفاق مع السلطة هو الثاني، حيث كان الخروج الأول هو ابتكار مادة حقوق الإنسان والتي من خلالها حاولت الوكالة تمرير موضوع الهولوكوست، وتم توقيف الموضوع، ولكن استمر تدريس مادة حقوق الإنسان رغم أنها لا تدرس في الحكومة، إضافة إلى تعديل فقرات وكلمات وصور داخل المنهاج بكافة مواده".
يذكر أن "أونروا" في الأردن قررت إعادة تدريس ما يسمى بالمحرقة اليهودية "الهولوكوست"، لطلاب مدارسها من اللاجئين الفلسطينيين في عام 2012.
وكانت أونروا قد أخفت خريطة فلسطين التاريخية في إحدى مدارسها في قطاع غزة، سابقًا، أثناء زيارة نظمها الأمين العام للأمم المتحدة آنذاك، بان كي مون، في تموز/ يوليو الماضي، ما أثار حالة من الغضب الشعبي على إدارة المنظمة الدولية.
واعتبر عدوان التعديلات على المنهاج الفلسطيني مخالفة سياسية من قبل وكالة الغوث خاصة وأنها أخلت بالاتفاقية التي وقعتها مع السلطة بخصوص عدم تغيير المنهاج، مطالباً السلطة بالاعتراض بشدة على هذه المخالفة وإلزام الوكالة بالالتزام بالاتفاقية الموقعة بينهما.
ورأى في "عدم رد السلطة على هذا الموضوع يعني تواطؤها ورغبتها بالمضي في عمليات التشويه للمنهاج الفلسطيني وعقول أبنائنا الطلبة".
وأكد أن لهذه التغييرات أثرًا متراكمًا على المدى البعيد، قائلاً: "عندما تغيب صورة فلسطين عن مخيلة الطالب وتغيب مصطلحات وكلمات معينة لها دلالة معناه أن هناك تغييبا للمدن الفلسطينية عن اللاجئ الفلسطيني بما في ذلك بلده".
وأوضح أن الاحتلال الإسرائيلي يطالب الأمم المتحدة بالضغط على أونروا للامتناع عن تغذية وتنمية وتربية ما يسميه بـ"الإرهاب" في مؤسساتها، في إشارة إلى حقوق الشعب الفلسطيني وكل من يتبناها.
ونوه عدوان إلى أن وكالة الغوث تستجيب إلى ضغوط غير قانونية من قبل الأمم المتحدة، مطالباً السلطة برفع قضية على "أونروا" أمام الأمم المتحدة؛ لأن الأولى وقعت اتفاقية والمعاملة بالمثل قانون دولي.