تعد زيارة وفد حماس برئاسة رئيس المكتب السياسي إسماعيل هنية إلى موسكو، محطة مهمة في جولته التي بدأت نهاية 2019، وينتظر أن تكون محورية، نظرًا للدور المركزي التي تلعبه الحركة بالتزامن مع إعادة تموضع للدور الروسي في المنطقة.
محطات حماس الخارجية ستقودها مطلع إبريل إلى جنوب إفريقيا، بينما يقوم وفد قيادي آخر من "حماس" بزيارة إلى العاصمة المصرية القاهرة، في ظل الحرص المصري على مناقشة ملفات تتعلّق بالعدوان الإسرائيلي والعلاقات الثنائية والقضايا الأمنية كملف الحدود بين غزة وسيناء.
جملة هذه الزيارات تعطي إشارة على تنوع جغرافية العلاقات الخارجية للحركة من جانب، وإدراك الدول المهتمة بالقضية الفلسطينية، خريطة المتغيرات في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، حيث بات برنامج المقاومة يتحكم في مسار المشهد الفلسطيني، مقابل تراجع وانزواء برنامج التسوية، ومشاريع السلام التي أسقطتها "صفقة القرن".
الزيارة الأخيرة منحت حماس مساحة لاستثمار حضورها في المشهد الفلسطيني لتقديم رؤيتها في موسكو بالنظر إلى جدول أعمال الزيارة الذي تضمن محادثات مع وزير الخارجية سيرجي لافروف، تلاها جولة مباحثات تفصيلية مع نائب الوزير ومبعوث الرئيس الروسي إلى منطقة الشرق الأوسط ميخائيل بوجدانوف.
كما شملت تحركات الوفد في العاصمة الروسية لقاءات في مجلسي الدوما (النواب) والفيدرالية (الشيوخ) الروسيين، وعدداً من اللقاءات مع مسؤولين حكوميين روس، فضلا عن لقاء في مجلس الإفتاء الروسي وآخر في بطريركية الكنيسة الأرثوذكسية الروسية في موسكو.
التحضير الجيد للزيارة ظهر من خلال تقديم برنامج عمل في ملفات حيوية أهمها: المصالحة الداخلية، وسبل مواجهة "صفقة القرن"، وموقف الحركة من تفاهمات التهدئة على قاعدة كسر الحصار عن غزة والتصدي لموجات التغول والضم الاحتلالي المرتقبة.
العرض الأبرز الذي قدمته حماس كان في ملف المصالحة حيث عرضت الحركة على لافروف عدة خيارات أي منها سيؤدي إلى تحقيق المصالحة الفلسطينية.
- الخيار الأول هو إجراء الانتخابات الفلسطينية في الضفة وغزة.
- الخيار الثاني هو عقد اجتماع وطني خارج رام الله ليتسنى للفصائل المشاركة فيه.
- الخيار الثالث هو عقد اجتماع للأمناء العامين للفصائل.
- الخيار الرابع هو تشكيل حكومة وحدة وطنية بالاتفاق مع كل الفصائل.
وهو عرض يفتح مساحة واسعة أمام الروس للتحرك بجدية في ملف المصالحة.
في المقابل لا تزال السلطة تنظر لحراك حماس الخارجي بكثير من الريبة، وتعيش هاجس تراجع دور وموقع سلطة المقاطعة، وهو ما انعكس على محاولات مستمرة لقيادة المقاطعة لعرقلة خطوات حماس الخارجية، حيث أرجأت موسكو أكثر من مرة خلال السنة الماضية زيارة حركة حماس بسبب اعتراضات من جانب السلطة.
تراجع السلطة وانشغالها بالصراع الداخلي، يفقد الفلسطينيين جبهة التمثيل الرسمي في مواجهة "صفقة القرن"، وربما يكون الأمر أخطر من ذلك إذا صدقت تسريبات جهات ذات صلة بالصفقة، أشارت إلى فتح السلطة قنوات اتصال خلفية مع الأمريكان، في محاولة لاحتواء موقف إدارة ترامب من السلطة، وإيجاد ثغرة لإعادة عجلة المفاوضات.