يحتار كثير من أصحاب الصفحات التجارية –غير الشخصية- عبر مواقع التواصل الاجتماعي وخاصة فيس بوك، في اختيار آليات نشر منتجاتهم المادية أو الخدماتية.

ويخفى عن كثير منهم أن فيس بوك يتبع خوارزمية رياضية بحتة وفق برمجيات لتحديد آلية الوصول للمنشورات في صفحاتهم بما يتلاءم مع أهداف أصحابه.

استشاري الإعلام الاجتماعي خالد صافي، يوضح أن موقع فيسبوك يعتمد خوارزمية معقدة لعرض المنشورات للأصدقاء أو المتابعين للصفحات الرئيسة، فالصداقة بين اثنين ليست شرطًا لظهور المنشورات لكليهما؛ فهناك مجموعة كبيرة من المعايير كالاهتمامات المشتركة والفوارق الجغرافية والديموغرافية.

ويبين أن مواقع التواصل يمكنها بـ300 إعجاب فقط التعرف على معلومات عن الشخص قد لا يعرفها شريك حياته أو أقرباؤه المقربون، مضيفًا: "إن الخوارزميات تتقصى دائمًا ما يهتم به المستخدم على هذه المنصات، وتعرض المناسب لاهتماماته".

ويؤكد المختص في التقنية والإعلام الاجتماعي أحمد جمال أن خوارزميات النشر لها هدفان أساسيان، الأول إرضاء المستخدمين لقضاء أطول وقت؛ لخدمة الهدف الثاني وهو تحديد أكبر عائد في السوق.

ويوضح أن الخوارزميات غالبًا لا تكون معلنة، لكن التقنيين والمختصين يكشفونها بأمرين، الأول تحديثات شركات التواصل الاجتماعي، وتنشر رسميًا في مدونات المواقع نفسها، والثاني الأهم وهو التجربة، وبعض المختصين بالتجربة قالوا إنها تعتمد على ثلاثة أمور أساسية هي الصلة والوقت والثقل.

وهو ما يذكره المدرب في مجال التسويق الرقمي سعدي حمد أن كل مواقع وشبكات التواصل الاجتماعي تتبع خوارزمية معينة، وفيسبوك ربما هو السبّاق في إعداد خوارزمية معقدة خاصة به تسمى ايدج رانك edge rank.

ويقول: "يشتكي أصحاب الصفحات والحسابات ضعف وصول منشوراتهم ومحتواهم خاصة التجارية والمتعلق بالأعمال للمتابعين والجمهور"، وهو ما يؤكده صافي: "فيسبوك يقنن الوصول للصفحات إلى 2% فقط من متابعي هذه الصفحات".

ولهذه الشكوى أكثر من عامل، أولها –وفق حمد- أن فيسبوك وباقي الشبكات الاجتماعية منصات تتبع لشركات تهتم بالربح الذي يعد موردها الأساس الإعلانات الممولة، وثانيها فيسبوك وعلى لسان مؤسسه مارك زوكربيرغ أعلن أنه سيقلل معدلات وصول الصفحات التجارية ليعطي فرصة أكبر لمنشورات الأصدقاء والعائلة للوصول لتحقيق الهدف الأساس من وجود تلك الشبكات.

ويستدرك: "من ناحية تسويقية فيسبوك يقلل معدلات الوصول للضغط على أصحاب الصفحات للتوجه نحو تفعيل حملات إعلانية ممولة، والدفع مقابل الحصول على الوصول والتفاعل الأكبر".

ومن الطرق التي تؤدي لوصول منشورات الصفحة إلى المتابعين –وفق صافي- مطالبة المتابعين بوضعها ضمن المفضلة أو شاهد أولًا، وإرسالهم رسائل للصفحة أو التفاعل مع المنشورات حتى يعد فيسبوك أن هذه الصفحة مهمة لهم فيظهرها في النتائج الأولى.

ويشدد جمال على أن مشكلة أصحاب الصفحات أنهم يتعاملون مع الإعلام الاجتماعي على أنه امتداد لأي شيء آخر يريدونه، فمثلًا لو أن لديهم موقعًا فيعتقدون أن فيسبوك امتداد للموقع، ولا يدرسون خوارزميات المواقع، ولا ينتجون محتوى خاصًا يلائم هذه الخوارزميات.

وفيما يتعلق بأساليب النشر يتفق الخبراء الثلاثة أنها تتبع نمط المحتوى المنشور، ففيسبوك وغيره من الشبكات الاجتماعية تفضل وتدعم المحتوى الأصلي الذي يجتهد صاحبه في إنشائه وتقلل من نسب وصول المحتوى المنسوخ والمكرر؛ لذلك نرى نجاحًا مستمرًا لصناع المحتوى.

ويشددون على أن الفيديو ما زال يتربع على عرض أفضل أنواع المحتوى جلبًا للتفاعل، وبالتالي ينصح دومًا بتوسيع حصة النشر عن طريق الفيديو والبث المباشر، وحفلات المشاهدة الجماعية، غير أنها لا تدعم الفيديو من يوتيوب لأنه يعده رابطًا خارجيًا.

ويؤكدون أن الصورة والتعليق القصير من الأنواع المفضلة في شبكات التواصل الاجتماعية خاصة إذا كانت الصورة غير مكررة والنص يحمل استفهامًا يطلب من المستخدمين التفاعل والإدلاء بأفكارهم حول موضوع ما.

ويضيف حمد: "هناك بعض أساليب النشر التي تساعد في التفاعل مثل استخدام خيار الاستفتاءات في الانستغرام وتويتر أو طرح الأسئلة، فهي أدوات سريعة ومفيدة لجلب التفاعل".

وأما فيما يتعلق بالروابط الخارجية للمواقع الالكترونية يعتقد الخبراء الثلاثة أنها غير مفضلة في الشبكات الاجتماعية بل إن فيسبوك وانستغرام يحاربانها خاصةً، فهما يفضلان بقاء المستخدم داخل أسوارهما، ويحاولان منعه من الانتقال خارجهما، فبمجرد رصد فيسبوك أن الصفحة تحاول سرقة الزوار يضعها في قائمة تقليل نسبة الوصول إلى ما هو أقل من 2%.

وينصحون أصحاب الصفحات إما بوضع الرابط في التعليق الأول، أو إضافة صورة أو فيديو ذي صورة عرض جذابة للرابط، وبالتالي تظهر وكأنه منشور من نمط الصورة، ويضيف حمد: "وفي خطة الترويج للصفحة أو الحساب يفضل تقليل حصة نشر الروابط من إجمالي النشر العام، والتوجه نحو توجيه المستخدم للتفاعل داخل الصفحة أو الحساب".

وإذا ما أردت نشر رابط لموقعٍ خارجي فأفضل ما يمكن أن يقوم به صاحب الصفحة أن يلتزم بما تقرره خوارزمية هذه المواقع، -كما يقول صافي وجمال- بتقديم محتوى مصنوع بعناية للمنصة نفسها، ويضع من خلاله الرابط، أو تكون الصفحة قوية وفيها عشرات الآلاف من المتابعين، وفي بعض المنشورات يوضع الرابط.