إذا كنت -عزيزي القارئ- على أعتاب سن العشرين، أو أحد أولادك يكملها هذا العام، فاعرف أنه حان وقت العطاء والبذل، والكف عن الأخذ والاستقبال، وجديًّا لابد من الفوز بتحدي تحمل المسؤوليات أول تحدٍّ في هذه السن.
مدرب التنمية البشرية أشرف العيسوي يبين أنه في بداية الشباب أو سن العشرين يبدأ الإنسان في التخلص من مرحلة المراهقة، مشيرًا إلى أن أول تحد يواجهه الشخص هو تحمل المسؤوليات.
ويوضح العيسوي لصحيفة "فلسطين" أن التربية الخطأ في مجتمعاتنا نادرًا ما تعلم الأطفال تحمل المسؤوليات، مسئولية نفسه ومن حوله، متابعًا: "أول مشكلة تواجههم كيف يتحملون المسئولية، فعدم تدريبهم منذ الصغر عليها يصنع لديهم مشكلة كبيرة في هذه المرحلة، وتطلعاتهم القادمة أيضًا".
وينبه إلى أنه ليس من الضروري أن يتحمل ابن العشرين كل المسئوليات، لكن النظرة المجتمعية إلى هذا الشاب أنه يجب أن يتحمل المسئولية وأن يتخذ القرارات، مبينًا أن القرارات التي يتخذها مبنية على خبرته البسيطة، وعندها المجتمع سيحمله مسئولية أي خطأ في القرار، في المقابل قد لا يجعله يتخذ قرارًا ويكون وصيًا عليه، وهو بذلك يدمر شخصيته الحالية والمستقبلية.
وفي حال اتخاذه قرارًا خطًا –كما يقول مدرب التنمية البشرية- يدخل الشاب في مرحلة أخطر، وهي اللوم على الأخطاء والتصرفات، والآخرون يزيدون الهموم على الشباب، فينتقل من مرحلة المسئولية التي من المفترض أن يجرب فيها قرارات صائبة أو خطأ إلى مرحلة أن يتحمل أعباء اللوم من الآخرين، وقد لا يكون له شأن فيها.
ويضيف: "من المفترض أن يركز الشباب على هدف محدد؛ لأن الشاب في هذه المرحلة يكون لديه رغبة في أشياء كثيرة ويكون مشتتًا، فنجده يريد وظيفة، وراتبًا شهريًّا كبيرًا، وبيتًا، وسيارة"، لافتًا إلى أن كل الأمنيات جميلة، وأن يكون لديه رؤية رائع، لكن خطوة بخطوة "STEP BY STEP"، فلا بد أن يكون لديه تركيز في أمور محددة واقعية وتتماشى مع سنه وخبراته وإمكاناته، ثم يحقق الأحلام الأكبر تدريجًا، فليست كل الأمور يصل إليها المرء بالتمني.
ويقول مدرب التنمية البشرية: "لابد أن يكون لدى الشخص التزام بوقته وجهده، وإعطاء كل شيء مهم في حياته وقته الخاص، وتقليل الأشياء غير المهمة".
وبسؤاله: هل مرحلة العشرينات مرحلة أخذ، وما بعدها مرحلة عطاء؟، يجيب: "أختلف تمامًا مع هذا السؤال؛ فالشاب عندما يكبر تنتهي مرحلة الأخذ نهائيًّا، هو كان يأخذ من الأب والأم وهو صغير، أما في العشرينات فلا بد أن يعطي، وينسى أن يتكل أو يتواكل على الآخرين في حياته".
ويتابع العيسوي: "بدءًا من مرحلة العشرينات يبدأ العطاء، وألا يعطيك أحد شيئًا هذا ليس أمرًا سيئًا بالمناسبة، على العكس يعطيك صلابة وقوة وإصرارًا، ويوضح لك معالم طريق النجاح".
وينتقل إلى الحديث عن كيفية تجنب أخطاء هذه المرحلة في حياة الإنسان، بقوله: "خطوة بخطوة، يجب أن يعرف أن هذه المرحلة من سماتها تحمل المسئوليات، وكل تصرفاته يجب أن تكون محسوبة، وأنه فقط المسئول عنها، ويكون لديه من يستشيره في حياته".
ويشدد على أنه يجب ألا يتضايق الشخص من أخطائه في هذه المرحلة؛ لأنه سيتعلم كيف يفعل الصواب، مؤكدًا أنه ليس معنى الوقوع مرة في الحياة في مرحلة العشرينات أن الشخص أصبح سيئًا، بل يجب أن يقوم من جديد.
ويختم العيسوي بقوله: "هذه المرحلة يتعلم فيها الشخص من الحياة، والمراحل السابقة كان هناك من يعلمه، لكن في العشرينات الحياة هي المعلم، فإن تجاوز الشاب هذه المرحلة بهذه الروح، فستمضي معه جميلة وسيتعلم منها كثيرًا، وتغمر فوائدها مراحل عمره الأخرى المختلفة".