يعود سبب شهرة قصر "يلديز" وحديقته العثمانية في تركيا ، لتميز موقعه في منطقة بشكيطاش على تلة "يلديز" المطلة على مضيق البوسفور، وتعتبر الحديقة حاليًا متنزهاً ومتنفساً متميزاً داخل مدينة إسطنبول.
فالسلطان سليمان القانوني، في القرن السادس عشر ميلادي، اتخذ المكان غابةً للصيد والتنزه، وجرى تسجيله في قيود الدولة كأملاك لها، وتم بناء القصر أول مرة في القرن السابع عشر في فترة السلطان أحمد الأول.
وفي القرن الثامن عشر خلال فترة السلطان سليم الثالث، تم بناء قصر باسم "يلديز" لوالدة السلطان، مع إنشاء نبع ماء فيه، ليأتي بعده ابنه السلطان عبد المجيد ويعمّر قصرا آخرًا لوالدته "بيزم عالم" عام 1842م.
السلطان الشهير عبد الحميد الثاني، انتقل للإقامة في القصر في أبريل/ نيسان 1877، باعتباره أكثر أمناً، وأطلق عليه اسم "يلديز ساراي هومايون"، وطوال فترة حكمه الذي استمر 33 عاماً اتخذ القصر شكله الحالي.
وبعد هذه الفترة وتأسيس الجمهورية التركية استخدم المكان مقرات عسكرية، قبل أن يتم تحويله إلى متحف ويكون ملكًا لوزارة الثقافة والسياحة التركية، ويتم افتتاحه للزيارات بعد إجراء الترميمات اللازمة.
محمية طبيعية
وتبلغ مساحة القصر مع كافة مبانيه والحدائق التابعة له 500 ألف مترمربع داخل محمية طبيعية، في مجمع متكامل بقي بعيداً عن البناء العمراني محتفظاً بطبيعته الخضراء.
ويتميز القصر ببساطته واحتوائه لعدة أبواب وتسويره بشكل كامل، ويختلف عن بقية القصور بإنشائه داخل المحمية بنظام مياه خاص بأحواض مائية عديدة فوقها جسور للزينة.
كما ينفرد القصر بابتعاده عن الشكل التقليدي المتعارف عليه، إذ يتخذ شكلاً ريفياً، يعرض داخله آثاراً تعود للفترة الأخيرة من تاريخ الدولة العثمانية.
ويضاف لما سبق وجود مكتبة عريقة أنشئت بجهود وحرص من السلطان عبد الحميد الثاني، وجعلها مركزاً ثقافياً هاماً بنقل أهم الكتب والمخطوطات إليها.
ويتكون القصر من بيت السلطان، وركن الحريم، والحديقة الداخلية، فضلاً عن فسحة داخلية، وفيها مبان أخرى باسم قصر "مابين" الكبير الذي يستخدم حالياً كدوائر للدولة، ويستضيف فعاليات عديدة.
وساهم قرب المنتزه من منطقة "أورطا كوي" المطلة على البوسفور، بتوافد زائريه، فضلاً عن وجود مختلف المقاهي والمطاعم التي توفر جلسات بنكهات تركية متميزة، في كل أوقات اليوم.
ويحتوي المنتزه أماكن مخصص لممارسة رياضات المشي وركوب الدرجات الهوائية، ويضم أماكن مخصصة للعب الأطفال وخاصة أن هذه المرافق تتداخل مع ألوان الطبيعة الخضراء ما يجعل الجو منعشا والأجواء مثالية.
كما أن الطبيعة وقدم الأشجار فيها، جعل من المنتزه قبلة لعشاق التصوير الاحترافي لالتقاط صور متميزة، فضلاً عن أنها مكان هام لتخليد الأزواج ليوم زفافهم، حيث يتوافدون لالتقاط الصور التذكارية.
خلال زيارة المنتزه من الممكن مصادفة أنواع مختلفة من الطيور والحيوانات الأليفة، فإن كانت الزيارة بوقت مناسب، يمكن مشاهدة السناجب التي تعيش في الأشجار العالية المرتفعة، أو لربما يصادف وجود ببغاوات.
وتقيم في الحديثة أنواع كثيرة من الطيور، منها المائية التي تعيش في الأحواض كالبط والإوز، ومنها الطائرة التي تقيم في أعشاش الأشجار، ويمكن الاستمتاع بأصوات العصافير في جو من السكينة والهدوء.
ويشكل الهدوء والخضرة وتداخل الطبيعة بما يوفره المنتزه، مكانا للاستجمام والهرب من ضجيج المدينة، والاستمتاع بالطبيعة وما تحويه داخل مدينة عريقة.