خان يونس/ محمد أبو شحمة:
مع ساعات الصباح الأولى استيقظ مواطنو المنطقة الشرقية في مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة على أصوات مكبرات الصوت الخاصة بالمساجد، التي استنجدت بهم للخروج من بيوتهم لمحاولة إنقاذ شابين أطلق الاحتلال الرصاص عليهما، ويحاول سحبهما إلى داخل الأراضي المحتلة.
سريعاً دون تفكير احتشد عشرات الشبان قرب السياج الفاصل عن الأراضي المحتلة، رغم إطلاق قوات الاحتلال الإسرائيلي النار بكثافة وعشوائية تحت أقدامهم في محاولة لمنع تجمعهم أو إنقاذهم الشابين.
ومع تجمع عدد كبير من الشباب أيقنوا أنهم أمام مهمة وطنية وخطيرة وبطولية، وهي محاولة سحب الشابين الموجودين خارج السياج الفاصل بقرابة 250 مترًا، قبل وصول جنود جيش الاحتلال إليهما.
ولم يكن شباب المنطقة يعرفون مصير الشابين أهما مصابان بالفعل أم شهيدان، وكان همهم الوحيد هو الوصول لهما قبل آليات الاحتلال الإسرائيلي التي تريد سحبهما إلى داخل الأراضي المحتلة.
تقدم عدد من الشباب بكل شجاعة ودون أي تردد أو خوف من رصاص الاحتلال، الذي لم يتوقف قرب مكان وجود الشابين وسط أرض زراعية شاسعة، تحيط بها بعض النباتات والدفيئات الزراعية الأرضية.
وبعد عدد من المحاولات تمكن شابان -وفق ما قاله إسماعيل فريد أحد شهود العيان الذين كانوا بالمنطقة لـ"فلسطين"- من الوصول إلى أحد الشابين ووضعه على "حمالة" إسعاف، ولكن مع كثافة نيران الجنود والدبابة التابعة لجيش الاحتلال سقط الشاب المحمول على الأرض.
لم يستسلم الشباب رغم فشل محاولتهم الأولى، فاندفعوا مرة أخرى وسط إطلاق النار، وتمكن أحدهم من سحب أحد الشباب المصابين ليتبين أنه شهيد، ولكن جنود الاحتلال لم يرقهم الموقف البطولي لهذا الشاب الفلسطيني، فأطلقوا النار على إحدى قدميه، وفق شهادة فريد.
بعد إصابة الشاب في قدمه استغل جيش الاحتلال الحدث، فانقضت الجرافة الإسرائيلية على جثمان الشاب، وأنشأت حفرة أمام جثته وردمت الرمال عليها لمنع أي أحد من سحبه، كما يؤكد شاهد العيان.
كذلك أطلق الاحتلال النار على شابين مباشرة، وأصابهما في أماكن مختلفة من جسديهما، لمنعهما من مواصلة محاولة سحب جثمان الشهيد، كما يروي شاهد العيان.
ولم تكتفِ الجرافة الإسرائيلية كما يقول فريد بالردم أمام جثة الشهيد، بل سحبته إلى أعلى من قدميه، كما وثق مقطع فيديو صوره أحد الصحفيين وحقق انتشاراً واسعاً عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
بعد سحل الشهيد ورفع جسده إلى الأعلى بـ"شفرة كف" الجرافة التابعة لجيش الاحتلال، أخذ جثمانه وهو بهذه الحالة إلى داخل الأراضي المحتلة قرابة 500 متر، وفق تأكيدات محمد النجار شاهد عيان آخر تحدث إلى "فلسطين".
ويقول النجار: "الشبان وجدوا بالعشرات، وحاولوا سحب الشابين، ولكن الاحتلال أخرج دبابة وجرافة، وأطلق النار بعشوائية، ولم يمسح لأحد بالاقتراب، رغم ذلك وصلنا لأحد الشباب وسحبناه".
ويضيف: "الحمد لله تمكنا من إخراج أحد الشباب المصابين، وهو حي، ونقلناه إلى المستشفى، رغم محاولات الاحتلال الغاشمة لسحبه وهو حي واعتقاله، ولكن الشباب أظهروا بطولة منقطعة النظير في تخليصه من الاحتلال وعذاب السجن والتحقيق، خاصة أنه كان مصاباً".
ويصف النجار المشهد بعد سحب جرافة الاحتلال جثمان الشهيد الذي تبين لاحقاً أنه محمد علي الناعم من غرب مدينة خان يونس، بأنه مشهد هز كل الشباب بالمكان، فتعالت أصوات التكبير، والتنديد بالجريمة التي ارتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي، بتنكيله بجثمان الشهيد.