عدَّ اختصاصيون اقتصاديون أن محاولات السلطة الفلسطينية الانفكاك الاقتصادي عن الاحتلال "بائسة"، إذ إن إنجاحها يتطلب تغييرًا في بروتوكول باريس الاقتصادي واستبداله، في المقابل تعزيز البنية التحتية للمنتج الوطني، والاعتماد على الذات في توفير المتطلبات والسلع.
وعد الاختصاصيون التفاهم الأخير بين السلطة والاحتلال بشأن الصادرات والواردات لم يفضِ لشئ جديد، وإنما محاولات" للنزول عن الشجرة" خاصة في أعقاب تضرر المزارعين والمربين من كلا الطرفين، أو ربما سعي الاحتلال لتطبيق الشق الاقتصادي من صفقة القرن في الضفة المحتلة.
وكانت أعلنت وزارتا الزراعة والاقتصاد في رام الله تراجع الاحتلال عن قراره منع تصدير السلع الزراعية الفلسطينية إلى أسواقه، بعد مباحثات مباشرة وغير مباشرة عبر أطراف دولية.
وجاء في بيان صادر عن الوزارتين أن الاحتلال تراجع كذلك عن إجراءات اتخذها لمنع استيراد الفلسطينيين المباشر للثروة الحيوانية بما فيها العجول.
ويرى الاختصاصي الاقتصادي، د.سمير حليلة، أن التفاهم الأخير بين السلطة والاحتلال بشأن الصادرات والواردات، لم يفضِ لشيء جديد، وإنما محاولات "للنزول عن الشجرة".
وبين حليلة لصحيفة "فلسطين" أن التجربة التي خاضتها السلطة في محاولة الانفكاك الاقتصادي عن الاحتلال، تؤكد صعوبة ذلك خلال فترة زمنية وجيزة، ذلك أن الاقتصاد الإسرائيلي مهيمن على السوق الفلسطيني، كما أن البدائل الفلسطينية محدودة، والبنية التحتية الاقتصادية مهترئة.
وأهاب الاقتصادي بالسلطة الفلسطينية العمل على تعزيز الإنتاج المحلي، خاصة في القطاعات الزراعية والاقتصادية، لما لذلك من دور كبير في توفير فرص عمل، وتخفيض نسبة الفقر.
وتبلغ قيمة صادرات المنتجات الزراعية الفلسطينية إلى السوق الإسرائيلية، (88) مليون دولار خلال 2018، تمثل (68) بالمئة من حجم الصادرات الزراعية الفلسطينية للعالم البالغة (130) مليون دولار.
ويعدُّ الاحتلال الشريك التجاري الأبرز لفلسطين، إذ تبلغ الصادرات الإسرائيلية السنوية (3.3) مليارات دولار، في حين تستورد من الفلسطينيين سنويًّا (875) مليون دولار سنوي.
من جانبه قال الاختصاصي الاقتصادي د. نور أبو الرب، إنه من غير الواضح ماهية التفاصيل الدقيقة التي تمت بين السلطة الفلسطينية والاحتلال، لكن يمكن القول إنه بصعوبة ما يمكن الانفكاك الاقتصادي عن الاحتلال، لأنه مهيمن على المعابر والحدود، ويسرق المقدرات الفلسطينية، ويتحكم في الموارد المائية والكهرباء.
وأضاف أبو الرب أنه ينبغي للسلطة الفلسطينية أن تعزز الإنتاج المحلي، وتقوي البنية التحتية للمنشآت الاقتصادية والزراعية، وأن تفسح المجال أمام المنتج المحلي في الحصة السوقية، ووضع تعلية على المنتجات الأجنبية المنافسة.
وشهدت العلاقة التجارية بين السلطة والاحتلال منذ مطلع الشهر الجاري، إجراءات متبادلة ضد صادراتهما، بعد إعلان الاحتلال وقف استيراده للمنتجات الزراعية الفلسطينية، دفعت الأخيرة لوقف إدخال 5 سلع غذائية إسرائيلية لأسواقها. وردت تل أبيب على القرار الفلسطيني بمنع تصدير الخضار والفواكه الفلسطينية، عبر الأردن.
من جهته قال الاختصاصي الاقتصادي د. هيثم دراغمة إن الموافقة الإسرائيلية للسلطة الفلسطينية على الاستيراد من الخارج يفسر في سياقات متعددة، أولًا أن تسعى تل أبيب من وراء ذلك تمرير البنود الاقتصادية لصفقة القرن، لأنه متعارف أن الاحتلال لا يقبل بسهولة العدول عن قرارته حتى وإن توسطت أطراف دولية.
وأضاف دراغمة: "أن التفسير الثاني أن الاحتلال والسلطة فعلًا يحاولان النزول عن الشجرة كما حدث في أموال المقاصة بعد أن وجدا خطواتها لم تحقق نتائج للسكان، والخيار الثالث أن يحمل الاحتلال الخداع، بحيث يعطي المجال للفلسطينيين الاستيراد من الخارج مقابل تسويق بضاعته في السوق المحلي، ثم يقوم بطريقة غير مباشرة بعرقلة الاستيراد الفلسطيني من الخارج.
وأكد الاختصاصي دراغمة أن الفلسطينيين بأمس الحاجة إلى معبر تجاري لربط صادراتهم ووارداتهم مع الخارج دون تحكم الاحتلال.