مع تعاظم أثر حملة "الفجر العظيم" التي انطلقت من المسجد الإبراهيمي في قلب مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية، تزامنًا مع حملات شبابية أخرى في المسجد الأقصى ، بالقدس المحتلة، اشتدت جرائم الاحتلال الإسرائيلي الذي لم يعجبه نجاح هذه الحملة الشعبية.
ذاك النجاح الذي سطره الفلسطينيون يجمع خبراء واختصاصيون على وجود أبعاد ودلائل سياسية ووطنية له، رغم المعيقات واعتداءات الاحتلال على القائمين على الحملة.
ويقول الخبير في شؤون القدس م. جمال عمرو: "إن حملة الفجر العظيم إحدى الحملات الفلسطينية التاريخية والثورية الكبيرة التي سطرها الشعب الفلسطيني في تاريخه"، مؤكدًا أن لكل واحدة منها مسببات وعوامل نجاح تقهر الاحتلال.
ويضيف عمرو لـصحيفة "فلسطين": "حملة "الفجر العظيم" هي امتداد لهبات وحملات المقدسيين الناجحة التي أفشلوا فيها إغلاق مصلى باب الرحمة، وبقاء البوابات الإلكترونية التي نصبها الاحتلال على مداخل الأقصى في تموز (يوليو) 2017م"، مشددًا على نجاعة هذا الطريق الذي يسلكه المقدسيون، وإثباته فشل طريق اتفاق "أوسلو" والمفاوضات مع الاحتلال الإسرائيلي.
ويتابع: "هذه الحملة كلها ذات مغزى وطني لإظهار عيوب وفشل "أوسلو"، وإظهار الخطر الشديد الذي يحدق بالمسجد الأقصى من كل جهة".
ويحذر عمرو من سياسة قضم الاحتلال الأراضي الفلسطينية والمقدسات الإسلامية والمسيحية واستمراره في نهش الفلسطينيين، مشيرًا إلى أن الاحتلال "ارتبك تمامًا وأصيب بصدمة، بعد أن ظن أن الأمور استقرت مع "صفقة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التصفوية للقضية الفلسطينية".
ويشدد على أن حملة الفجر العظيم شكلت إحدى حلقات الصدمات التي تلقفها الاحتلال، وكانت في سياقها الوطني الديني الصحيح، مشيدًا بدور المقدسيين في استمرارها وكل من يدعمها في فلسطين وخارجها.
وينبه إلى أن الاحتلال اتجه إلى اتخاذ خطوات خطيرة في محاولة لكتم الأصوات المقدسية وإغلاقها وإجهاض هذه المحاولة العظيمة، مؤكدًا أن الإرادة الفلسطينية قادرة على مواجهة سياسة الاحتلال الأمنية.
من جهته يرى الباحث في شؤون القدس زياد ابحيص أن مشكلة الاحتلال الأساسية مع هذه الحملة "أنها تعيد تواصل الجماهير مع المسجد الأقصى، رغم محاولات عزله المتتالية".
ويقول ابحيص لصحيفة "فلسطين": "منذ اقتحام (رئيس حكومة الاحتلال الأسبق أرئيل) شارون للمسجد الأقصى المبارك عام 2000م صعدت محاولات تهويده إلى الواجهة، ومع بدء الاقتحامات الصهيونية للأقصى على الأرض في يونيو 2003م بدأ طرح التقسيم خطة مرحلية لإيجاد موطئ قدم للمتطرفين الصهاينة فيه".
ويضيف: "لم يكن من الممكن لهذا التقسيم أن يمضي إلى الأمام بفضل الحضور الإسلامي البشري الكثيف في الأقصى، فرأى الاحتلال أنه لا بد من بناء عزلة حول الأقصى للاستفراد به، وبدأ ذلك بمنع رواده من أهل قطاع غزة عام 2000م، وعزل أهل الضفة الغربية عنه مع اكتمال مقاطع جدار الفصل العنصري حول القدس 2003-2004م".
ويتابع: "زاد الاحتلال على ذلك بمحاولة تثبيط وإحباط رباط أبناء الأرض المحتلة سنة 1948م بضرب مؤسسات الرباط والحركة الإسلامية، وصولًا إلى محاولة ترهيب المقدسيين من دخول البلدة القديمة والمسجد الأقصى بالحضور الكثيف لشرطة الاحتلال، وعمليات الإعدام الميداني، والاعتداء على المرابطين واعتقالهم وإبعادهم عن الأقصى".
ويشدد الباحث في شؤون القدس على ضرورة وجود الدعم الشعبي والميداني للحملة الفلسطينية، والعمل على إفشال ساعي الاحتلال لمواجهة أي فعلٍ مقاوم.
ويكمل: "إن إجراءات الاحتلال الإسرائيلي بحق الداعمين والمبادرين في الحملة لن تؤثر على معنوياتهم، ولن تؤدي بمن دفعوا أثمانًا باهظة إلى أن يحاولوا تجنب دفعها من جديد في أوقات متقاربة".