يحاول جيش الاحتلال الإسرائيلي تفادي أخطاء الماضي، ويواصل تعزيز قدراته في مواجهة التهديدات من الجبهات المختلفة، من خلال الإعلان عن خطة جديدة، يكشف النقاب عنها رئيس الأركان أفيف كوخافي والمسماة (تنوفا) بمعنى (الدفع) ومن المحتمل أن تكون صالحة حتى عام 2024، والتي تأتي استمرارا للخطة السابقة (جدعون) التي طبقت من خلال رئيس الأركان السابق ايزنكوت.
ويلاحظ من الخطوط العريضة لهذه الخطة أنها تسعى لتعزيز القوات، ورفع مستوى الكفاءة القتالية، وتزويد الجيش بأسراب جديدة من الطائرات، ومضاعفة عدد الذخائر الدقيقة، وزيادة بنوك الأهداف، وإقامة خلايا استخبارية متقدمة، وتعزيز قدرات الجيش في مواجهة تهديد الصواريخ، وإدخال منظومات حديثة لضمان اكتشاف العدو.
إضافة إلى إقامة مقر مختص في المعركة ضد إيران بقيادة ضابط كبير، وضمان حسم المعارك بصورة قوية وواضحة، وتقصير زمن الحرب، من خلال جعل الجيش أكثر فتكا وقتلا في ساحة العدو في معارك محتملة، ويبرر رئيس الأركان هذه الخطة من خلال حديثه حول تنامي التهديدات، وأن الجيش بحاجة لتحسين قدراته في ضوء التطوير المستمر الذي يقوم به الأعداء فيلق القدس، وحزب الله، وحماس، ومجموعات أخرى تشكل خطرا وتمتلك قدرات صاروخية تشكل تحديا في وجه الجيش الإسرائيلي.
وعلى ما يبدو فإن كوخافي يواجه صعوبات في تمرير هذه الخطة، خصوصا في ظل الازمات التي يعانيها الكيان، وعلى رأسها الازمة السياسية والاستعداد لانتخابات ثالثة، وظهور انتقادات لجدوى هذه الخطة، التي يمكن أن تجري تغييرات جوهرية في طبيعة التشكيلات ونوعية المهام وحجم العمليات، وتعزز قدرات سلاح الجو على حساب القوات البرية، وبذلك لن يكون من السهل حسم معركة دون وجود قوات برية فعالة ومتقدمة، وهذا يدلل على أن كوخافي لا يريد المغامرة بالجنود، خشية تعرضهم لإصابات محققة، أو وقوعهم أسرى في قبضة المقاومة.
فضلا عن أن الأدوات المتطورة والحديثة تتطلب نوعية خاصة من الجنود يمكنهم التعامل معها، في ظل انخفاض الدافعية القتالية لدى الجنود وصعوبة ابقائهم بعد فترة الخدمة النظامية وأن المتطلبات التي تفرضها الخطة تحتاج لميزانيات كبيرة ليس من السهل الموافقة عليها، في ظل الازمة المالية ومحاولة الكيان الإسرائيلي تقليص النفقات، وحتى حجم المساعدات الامريكية لا يمكنها احداث هذا التطور المفاجئ الذي يريده كوخافي، في وقت يجد فيه المستوى السياسي يدوس على الفرامل قليلا ويفضل عدم الانجرار لمواجهة مفتوحة، ويحاول تفادي أي حروب في الوقت الحالي.
وفي ذات الوقت فإن جبهات المقاومة تتحضر جيدا، فالقدرات الإيرانية تتعاظم، وفي سوريا خط نار جديد يتجهز الى جانب حزب الله، وفي العراق أيضا باتت تهديدات أخرى تنضم لهذه الجبهة الممتدة، هذا بالإضافة الى جبهة الجنوب حيث قطاع غزة الذي بات قادرا على تشكيل خطر استراتيجي على الامن الإسرائيلي، وبالتالي تدرك إسرائيل أنها بين خطوط نار متقاطعة، وأن سنوات مضت مكنت جبهات المقاومة، من تعزيز القدرات والإمكانات إلى درجة تمكنها من ايلام العدو وتحقيق مستوى مناسب من الردع، الامر الذي يجعلها مترددة في شن عدوان جديد سواء في جبهة الشمال أو الجنوب لأن الثمن سيكون باهظا.