كثيراً ما كانت تحلم ماروكو-الفتاة الكرتونية الشهيرة- وتتمنى أن تغرق مدرستها من أجل التغيب عنها، وهو "حلم" يبدو أن بعض الطلبة يشاركونها إياه بين الفينة والأخرى، إما بسبب حصول منخفض جوي أو عدوان يشنه الاحتلال أو غير ذلك.
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه: لماذا يبتهج هؤلاء عندما يتغيبون عن مدارسهم؟ وهل الأمر مقتصر على طلبة بعينهم أم أنه "ظاهرة" يشترك فيها معظم الطلاب في أنحاء العالم كافة؟
مراسلة صحيفة "فلسطين" استعرضت وجهات نظر عدد من الأهالي والطلبة حول موقفهم من التغيب عن المدرسة وهل يفرحون فعلاً للغياب أم أنهم يصرون على الذهاب مهما كانت العقبات أمامهم؟
الطالبة منة بركات في الصف التاسع الإعدادي لم تتخذ من المنخفض الجوي السابق ذريعة لعدم الذهاب للمدرسة، تقول:" لا أعد الظروف الجوية والمطر الكثيف سبباً للتغيب عن المدرسة خاصة عدم ذهابي يعني خسارة حضور خمس حصص هامة في المنهاج الفلسطيني".
وتضيف :" الحضور للمدرسة بالنسبة لي مهم لأني أعتمد بشكل كبير على شرح المعلمة في الحصول على المعلومة وغيابي يجعلني افقد الكثير من المعلومات التي قد لا أستطيع فهمها بعد ذلك".
وتفيد أنها ذهبت إلى المدرسة خلال فترة المنخفض وقدمت امتحان لمادة قررت معلمتها عدم تأجيله رغم تغير الكثير من الفتيات عنه بحجة المنخفض، معبرةً عن سعادتها بأنها استطاعت كسب فرصة تقديم الامتحان على عكس زميلاتها.
بدورها دعاء العكة، أم لثلاثة أطفال اثنان منهم ملتحقان بالمدرسة، دفعت أطفالها للذهاب إلى المدرسة خلال المنخفض السابق حرصاً على تعليمهم وعدم فوات أي حصص مدرسية عليهم، ولم يبدي أطفالها أي اعتراض على ذلك.
تقول: " يحب أطفالي المدرسة ومعلماتهم وهذا ما ألمسه من خلال حرصهم على الذهاب إليها في كافة الأحوال سواء في منخفضات جوية أو أي أسباب أخرى"، لافتةً إلى أنهم تلقوا عدد من الدروس واستمرت العملية التعليمية كما هي.
وتضيف العكة إن:" غياب أطفالها ولو ليوم واحد عن المدرسة يعني تفويت عدد من الدروس التي تكون المعلمة هي الأقدر على توصيلها للأطفال مني، كما أنه المنخفضات الجوية ليست سبباً يستدعي تغيب الأطفال عن المدرسة خاصة إذا توفرت لهم الوسائل كالسيارات أو مرافقة أحد الوالدين".
لكن بسمة همام توضح أن بناتها صممن مع المنخفض الجوي السابق على الذهاب إلى المدرسة خاصة أنها بجوارهن ولا تبعد كثيراً، على عكس حالة أطفالها الذكور الذين تغيبوا جميعاً بحجة بُعد المدرسة وخوفهم من المطر.
وتشير إلى أن أبنائها كان يرجونها بأن تسمح لهم بالتغيب عن المدرسة مع سرد الكثير من المبررات التي كان أكثرها منطقياً في الظروف الحالية ومنها بعد المدرسة وعدم توقف الأمطار في ساعات الصباح المبكر وانخفاض درجات الحرارة بشكل كبير.
وتقول:" أشعر أن كثرة الواجبات التي يحصل عليها أبنائي في المدرسة تجعل الغياب عنها ولو ليوم واحد فرصة ليرتاحوا من أداء كم كبير من الواجبات المدرسية التي يقومون بإنجازها كل يوم".
في السياق يعتقد مدير عام الإشراف التربوي في وزارة التربية والتعليم في قطاع غزة محمود مطر، أن فرحة بعض الطلبة بالتغيب عن المدارس "ظاهرة عالمية"، عازيا السبب إلى أن الإنسان يميل للفرار والحرية، وأن المدرسة فيها حالة من الانضباط والنظام.
ويقول لصحيفة "فلسطين": إن فرحة بعض الطلبة بالتغيب عن المدرسة أمر تدرسه الوزارة بشكل فعلي وجاد، حيث إن قضية الظروف المدرسية والبيئة الخاصة بها ليست بالأمر الجديد للطلاب، وأنه بمجرد ما يحصل تعطيل للدراسة يكون هناك فرح كبير عند بعضهم.
ويضيف مطر أن هذا الأمر موجود ولا يمكن إنكاره ولكن هناك محاولات وبرامج تطرحها الوزارة لتغيير هذه النظرة عند الطلبة، وذلك من خلال: التعلم الممتع، القضايا التفاعلية في الأيام المفتوحة وغيرها من النشاطات التي تهدف إلى تحسين الظروف النفسية والتربوية في داخل المدارس وألا تبقى مكانا للتحصيل العلمي فقط.
وينبه إلى أن عددا كبيرا من الفعاليات أصبحت تقام داخل المدارس، كما أن الإدارة تعمل مع المدارس وتجتهد بشكل كبير لتوفير بيئة تربوية، نشطة، آمنة، فاعلة ومرحة داخل المدرسة، لافتاً إلى أن هذا الأمر يتفاوت من مدرسة لأخرى.