"الأقصى بحاجة لنا ونحن بحاجة له، فهو جزء منا ونحن جزء منه"، جملة يرددها الشيخ عكرمة صبري رئيس الهيئة الإسلامية العليا في مدينة القدس المحتلة، تعقيبًا على قرار الاحتلال الإسرائيلي إبعاده عن المسجد الأقصى.
وهذه ليست المرة الأولى التي يصدر فيها الاحتلال قرارًا بإبعاد صبري عن الأقصى، بل الثالثة خلال مسيرة عطاء ما تزال مستمرة منذ 81 عامًا هي سنوات عمره، والثانية خلال عام واحد فقط وهو عام 2020.
ويتحدى الفلسطيني الإبعاد عبر تحويله إلى فرصة لرؤية أجزاء أخرى من الوطن المحتل، فيعود الشيخ صبري بالذاكرة إلى الوراء قليلًا، ليروي حكايته مع المرة الأولى للإبعاد: "أبعدت أول مرة عن المسجد الأقصى قبل 10 سنوات أي في 2010 لمدة ست أشهر"، مضيفًا: "استثمرت شهور الإبعاد في التجول في مدن وقرى ومخيمات فلسطين كافة".
بالتأكيد شعرت بالألم لحظة الإبعاد الأولى –كما يقول- لكننا أصحاب رسالة، مضيفًا: "في الأقصى لدي خطبة جمعة واحدة في الشهر، ففي أثناء تجوالي كانت لي خطبة جمعة في كل مكان أحلّ فيه ضيفًا"، وهو ذات الحال الذي يعتمده شيخ الأقصى الآن فالجمعة الأولى خطب في مسجد العيسوية، والثانية في مسجد حسن بك في يافا، والثالثة ستكون في مسجد شعفاط إن شاء الله".
قرارات الإبعاد ليست فقط هي إجراءات الاحتلال العنصرية بحق شيخ الأقصى، حيث صدر بحقه قرارات بمنع السفر إلى خارج فلسطين، ومنع دخول الضفة الغربية، لكنه يعلق عليها: "إن الهدف الإسرائيلي لن يتحقق، ولن نستسلم له، ونعدّ أنفسنا أحرارًا وسنبقى، ولنا كرامتنا، وسأنتقل من مسجد لآخر والناس ترحب بي".
وعن كسره لقرار المنع الأول هذا العام، وصلاته لأول جمعة في المسجد الأقصى وافقت بعد القرار، يقول صبري: "الاحتلال تمادى في ظلمه، والناس كانوا راغبين في كسري للقرار، لذا كانت فرحتي على مقدار فرحتهم وحبهم للأقصى".
ووقف عشرات المصلين في 24 يناير/كانون الثاني الماضي إلى جانب الشيخ صبري عند باب الأسباط كسرًا لقرار الإبعاد، ودخلوا الأقصى معه محمولًا على الأكتاف.
والشيخ صبري يعيش في منزل يقع على جبل الطور ويميزه بإطلالة مباشرة على ساحات المسجد الأقصى، لذا فهو وإن منعه الاحتلال من دخوله لن يمنعه من رؤيته كل يوم، ولن يمنعه من ذكره في كل وقت من أوقات الصلاة الخمس.
ويقول عن قرار إبعاده الأخير لمدة أربعة أشهر والتي تنتهي في مايو/أيار القادم: "إن سياسة الإبعاد هي سياسة عنصرية، وغير قانونية، وغير حضارية"، موضحًا أنه لا توجد في العالم من يتبع سياسة الإبعاد إلا سلطات الاحتلال للتأكيد على أنها سلطة محتلة.
ويضيف صبري: "إن حقنا في الأقصى حق إيماني إلهي لا يتزعزع، وأن سياسة الإبعاد لن تبعدنا عن المسجد الأقصى، ولن تثنينا عن الدفاع عنه"، مشيرًا إلى أن ما يقوم به الاحتلال سياسة تخبط لأنه طامع في الأقصى ولكن في الوقت نفسه غير قادر على فرض واقع جديد له.
ويشدد على أنه كلما ازدادت إجراءات الاحتلال ضد الأقصى كلما ازداد المسلمون تمسكًا بالمسجد ودفاعًا عنه، مضيفًا: "هذا الواقع الذي نعيشه هو واقع مؤلم بالنسبة لما يقوم به الاحتلال لأنه يحاول تفريغ الأقصى من المسلمين وهو ما لن يكون بمشيئة الله".
ويؤكد أن صلوات الفجر رسالة واضحة للاحتلال ولغيره أن الأقصى للمسلمين وحدهم وأن لديهم الاستعداد للدفاع عنه وإعماره، منبهًا إلى أن قرارات الإبعاد لن تثني المسلمين عن الأقصى.
ويختم خطيب الأقصى برسالة يوجهها للمرابطين أن أثابهم الله وحياهم على ثباتهم وصبرهم ورباطهم ومرابطتهم، وللمسلمين خارج فلسطين أن الأقصى أمانة في أعناقهم وعليهم أن يتحملوا المسؤولية فالمسجد الأقصى شأنه شأن المسجد الحرام في مكة المكرمة، والمسجد النبوي في المدينة المنورة، وأنه بوابة الأرض للسماء ولا بد أن ينقذوه من الاحتلال، وأن الله سبحانه وتعالى سيحاسب كل من يقصر بحق القدس والأقصى.

