يكشف نائب الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي السوداني د. الأمين عبد الرازق آدم أن دولة الاحتلال الإسرائيلي والإدارة الأمريكية تسعيان لتفكيك السودان إلى "خمس دول"، عادًّا في الوقت ذاته لقاء رئيس وزراء حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو مع رئيس المجلس السيادي الانتقالي السوداني عبد الفتاح البرهان في أوغندا خرقًا "للّاءات الثلاث"، وأن اللقاء حمل سبعة أهداف تسعى إليها (إسرائيل).
ويشدد المسؤول السوداني في حوار خاص مع صحيفة "فلسطين"، على أن تطبيع العلاقات يهدف لتفكيك الكثير من الدول العربية ودعم حركات التمرد، "إلا أن ذلك لن يكون بالسهولة والسلاسة التي يتخيلها نتنياهو وأن الشعب والأحزاب السياسية السودانية ستعمل على إفشال هذه المخططات".
وعدد عبد الرازق سبعة أهداف وراء لقاء نتنياهو بالبرهان، الأول سحب السودان من دعم القضية الفلسطينية، حيث يعد السودان أقوى داعميها، ويتمثل الهدف الثاني بالمطامع الإسرائيلية في مياه نهر "النيل" إذ إن له موطئ قدم في موانئ البحر الأحمر من ناحية السودان، لأن تركيا موجودة فيها، وقد يطلب الاحتلال إنشاء قاعدة عسكرية.
واستغلت دولة الاحتلال الإسرائيلي علاقاتها بإريتريا لإنشاء قواعد في "رواجيات" و"مكهلاوي" على حدود السودان، كما تمتلك (إسرائيل قواعد جوية في جزر حالب وفاطمة عند مضيق باب المندب، واستأجرت جزيرة "دهلك" لإقامة قاعدة بحرية هناك.
وكلمة السر الإسرائيلية في البحر الأحمر كانت واضحة في السنوات الأخيرة عبر الوجود المباشر في جنوبه بالقرب من مضيق باب المندب، تماما كما توجد (إسرائيل) في شماله.
خط طيران جديد
أما الهدف الثالث للقاء، وفق عبد الرازق، فهو خط طيران إسرائيلي جديد يعبر السودان مرورا بدول غرب إفريقيا للوصول إلى قارة أمريكا الجنوبية وخاصة الأرجنتين والبرازيل التي أقامت علاقات أخيرا مع (إسرائيل)، إذ يختصر هذا الخط نصف التكلفة والمسافة التي تسلكها الطائرات الإسرائيلية فوق المتوسط.
وبين أن الهدفين الرابع والخامس: وقف التصنيع الحربي السوداني، وضرب التيار الإسلامي المعادي للاحتلال الإسرائيلي الرافض للتطبيع، خاصة أن هذه التيارات تنشط بالسودان الذي يعد (90%) من أبنائه مسلمين.
ولفت إلى الاستثمار بالموارد السودانية الطبيعية والحيوانية والزراعية يعد هدفًا سادسًا لـ(إسرائيل)، وذلك بمساعدة الدولة على استخراجها لنيل حصة من السوق.
وسابعا، كما ذكر نائب الأمين العام للحزب الشعبي، فإن (إسرائيل) تريد الانطلاق استخباريا من السودان إذا ما حصل تطبيع رسمي يكلل بفتح سفارة، مبينا أن السودان يعد رابطا بين العالم العربي والقارة الإفريقية ولديه إمكانية تواصل مع الدول المحيطة به؛ فيرغب بالاستفادة من الموقع الإستراتيجي السوداني كنقطة ربط بين العرب وإفريقيا.
وأشار عبد الرازق إلى أنه ومنذ استقلال السودان ورغم تقلب حكوماته فإنه ظل داعما للقضية الفلسطينية، خاصة في مؤتمر القمة العربية الرابعة التي عقدت في 29 أغسطس/آب 1967 في العاصمة الخرطوم بعد الهزيمة العربية التي عرفت بـ"النكسة"”، وعرفت القمة منذ ذلك الوقت باسم "قمة اللاءات الثلاث".. لا سلام، لا اعتراف، لا مفاوضات مع (إسرائيل)".
ولفت إلى أن الشعب السوداني يظل الداعم الأكبر للقضية الفلسطينية، وقد شهدت مدن سودانية عديدة احتجاجات واسعة تعكس انتماء السودانيين للقضية الفلسطينية وكراهية (إسرائيل) "وهو رفض نابع من موقف مبدئي، ومنطلق عقائدي وليس رفضًا سياسيًّا".
التغلغل الإسرائيلي بإفريقيا
وحول التغلغل الإسرائيلي للتطبيع مع الدول العربية في إفريقيا، يرى عبد الرازق أن الدول المطبعة لم تستفد من التطبيع رغم التبريرات التي تساق في هذا الجانب، معلقًا على قول البرهان بأن لقاءه بنتنياهو يخدم مصلحة السودان، بالقول: "الحديث عن مصلحة سودانية اقتصادية من اللقاء ليس صحيحا، فـ(إسرائيل) لن تقدم للسودان ما لم تقدمه لدولة جنوب السودان ودول الجوار المطبعة معها، فتلك الدول لا تزال فقيرة رغم التطبيع".
ووجه عبد الرازق رسالة للاحتلال قائلا: "لتعلم أن التطبيع مع السودان صعب جدًا، وهناك مقاومة شعبية شديدة عبر المظاهرات والأحزاب لإفشال خطوة تطبيع العلاقات بين السودان ودولة الاحتلال".
وفي الوقت نفسه يشدد عبد الرازق على أن القضية الفلسطينية أصبحت اليوم بحاجة إلى تحقيق الوحدة وإنهاء الانقسام الفلسطيني بين مكونات الشعب، فـ"الحكاية كبيرة"، في إشارة منه إلى صفقة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مبينا أن وحدة الفلسطينيين ستؤدي إلى وحدة الأمتين العربية والإسلامية وتماسك مواقفها حيال القضية الفلسطينية.
ونبه إلى أن الصفقة تمضي مسرعة ولا وقت أمام الفلسطينيين إلا بتحقيق الوحدة، مشيرًا إلى أن الصفقة تعتمد على شد الدول العربية من الأطراف وإبعادها عن القضية الفلسطينية.
تقسيم السودان
وعن مطامع تفكيك الدولة السودانية، قال عبد الرازق: "لدينا معلومات بأن الاحتلال الإسرائيلي يسعى لتفكيك الدولة السودانية إلى خمس دول، من خلال خطة إسرائيلية أمريكية بعدما استطاعوا فصل جنوب السودان، والآن يريدون دولة في إقليم دارفور، ودولة لوسط السودان، ودولة شمال السودان، ودولة في شرقه، ودولة في منطقة كردفان"، مشيرا إلى أن دولة الاحتلال ظلت داعمة لحركات الجنوب منذ عام 1995 حتى حدث الانفصال.
وعن الهدف من هذا التقسيم أوضح عبد الرازق أن دولة السودان كبيرة ولديها إمكانات هائلة لتصبح دولة عظمى إن أديرت بطريقة جيدة، فإنتاجها الزراعي يوازي إنتاج أمريكا، وهي الدولة الرابطة بين العرب والدول الإفريقية، ومعظم أهلها مسلمون، وكذلك لمطامع (إسرائيل) بنهر النيل وحصار مصر.
ومما يعزز هذه المعلومات أن الحركة الشعبية شمال السودان بقيادة عبد العزيز الحلو تطالب بالعلمانية وحق تقرير المصير، وهي تمثل الجنوب الجديد للسودان، مبينا أن (إسرائيل) تدعم تاريخيا الانفصاليين في عدد من الدول الإفريقية وساهمت بانفصال جنوب السودان، وأرتيريا، وحاولت في نيجيريا ولم تنجح.
ونبه عبد الرازق إلى أن لدى (إسرائيل) إستراتيجية للتغلغل إفريقيًّا، في المقابل ليس لدى العرب إستراتيجية موحدة للتعامل مع الدول الإفريقية، مجددًا التأكيد أن هذا التغلغل يحصر القضية الفلسطينية في الفلسطينيين أنفسهم ويفض عنها الدول الداعمة لها، وهو ما يعكسه حجم التصويت في الأمم المتحدة لصالح القضية الفلسطينية.
وشدد على أن الشعب يتحمل مسؤولية كبيرة في توجيه المسار السياسي للقضية "فالأمور تغيرت بعد اتفاقية كامب ديفيد واتفاق أوسلو، إذ أعطى ذلك انطباعا لدى كثير من الدول بأن القضية انتهت وبالتالي الكثير من الدول الإفريقية طبعت علاقاتها مع (إسرائيل)".