80 لوحة مخطوطة بسبعة أنواع من الخط العربي زينت جدران مركز رشاد الشوا الثقافي بمدينة غزة، في معرض "لحن الحروف" الذي نظمته قرية الفنون والحرف التابعة لبلدية غزة.
وحملت هذه اللوحات آيات قرآنية وأبياتًا من الشعر العربي وكلمات وحروفًا لما يقارب من 30 خطاطًا، منهم المحترفون جدًّا في الخط العربي، ومنهم الهواة، والمبتدئون أولى خطواتهم في مسلك الخط العربي.
ومن المشاركين المحترفين في المعرض الخطاط عبد الرحمن عسلية (39 عامًا) الذي يحترف كتابة الخط العربي منذ قرابة 15 عامًا، ويشير إلى أن موهبة الخط ورثها من والديه، وبالأخص والدته، ثم مدرس اللغة العربية صاحب الخط الجميل نمّى موهبته.
ويتابع عسلية لصحيفة "فلسطين": "منذ الصغر اطلعت على آثار الخطاطين القدامى في غزة، وكاتبي اللافتات التجارية والإعلانات وكراسات الخط العربي، وبالأخص هاشم البغدادي، وهو خطاط عراقي معروف على المستوى العربي والإسلامي بإتقانه التام للخط العربي برونقه الجميل الذي خط به حروف القرآن".
ويوضح أنه لم يتلقَّ في حياته دورة في الخط العربي، بل أتقنه بالتعليم الذاتي والمحاكاة والتقليد، الآن عسلية مدرب متمرس في تعليم فنون الخط لكثير من الراغبين بتعلمه في عدد من المؤسسات والجامعات والمساجد.
وشارك عسلية بأربع لوحات له في معرض "لحن الحروف" مخطوطة بخطي الثلث والفارسي وبعض الزخرفات، وهي جزء من أعماله عبر سنوات ممتدة.
ويشيد بإقامة المعارض التي تحتضن المواهب والإبداعات وتجعل الخطاط يحتك بزملائه ويتعرف إلى آخرين جدد، مؤكدًا أنها وسيلة مهمة لأرشفة مسيرة الخطاط وفنه.
ويشدد عسلية على أن الخط العربي موروث حضاري وفن وعلم لا يمكن له أن يندثر تحت أي خطر لأنه يميز الأمة العربية والإسلامية، موضحًا أن مسؤولية الحفاظ على هذا الموروث تقع على عاتق الجميع.
في ركن آخر تقف شيماء الهندي (30 عامًا) متحفزة لتحكي عن لوحتها فور وقوف أي زائر أمامها، وتقول: "عمري رسميًّا في عالم الخط عامان فقط، أي منذ بدأت تلقي أول دورة، وكانت عن تعليم فن خط الرقعة".
شيماء كانت تتدرب يوميًّا مدة لا تقل عن ست ساعات متواصلة أو متفرقة لتتقن كيفية كتابة الخط العربي إلى أن نجحت في إتقان خط الرقعة، وهي تخطو خطواتها الآن باتجاه إتقان الخط الديواني.
وعن مشاركتها الأولى في معرض للوحات الخط، تقول: "حثني أساتذتي في الخط على المشاركة، ولم أكن أعتقد أن لوحتي سيلاحظها أحد خلال تجول الزائرين في المعرض"، مشيرة إلى أن اعتقادها كان خطأ؛ فالعديد من الزوار وقفوا ليعرفوا أكثر عن لوحتها.
ولوحة شيماء تحمل أبياتًا من الشعر العربي بعنوان: "من روائع أبي بكر رضي الله عنه"، موضحة أن إتقانها الرقعة دفعها لكتابة هذه الأبيات لكونه هو الخط المميز لها، وتظهر مميزاته أيضًا بالكتابة المتعددة لا الجمل القصيرة.
والشاب معاذ خلف الله (28 عامًا) يحترف كتابة الخط العربي منذ ست سنوات تقريبًا، ودرس التمريض لكنه لم يجد وظيفة في مجال تخصصه، فقرر تطوير موهبته بالتعليم الذاتي والبحث عبر الإنترنت، ومطالعة كراسات الخط العربي وتقليد الخطوط فيها، إلى أن أتقن الخط العربي بحفره على الخشب والزجاج والقماش.
من ناحيتها تؤكد مديرة قرية الفنون والحرف، نهاد شقليه، أن هذا المعرض يأتي انطلاقًا من اهتمام البلدية واعتزازها باللغة العربية "لغة القرآن الكريم" وخطوطها وأنواع هذه الخطوط، ولتوعية الجيل الشاب أهمية لغة الضاد ورقيّها وجمالها لكونها أساس الدين والأخلاق.
وتشير شقليه في حديث مع صحيفة "فلسطين" إلى أن المعرض الذي أقيم على مدار يومين، شارك فيه 30 خطاطًا من المحترفين والهواة؛ رغبة في دمج خبرات المخضرمين في بدايات المبتدئين، ونقل القدرات وتطوير المواهب.
وتلفت إلى أن مجموع اللوحات المعروضة بلغ 80 لوحة فنية لسبعة أنواع من الخط العربي، مبينة أن الخطوط المستخدمة في اللوحات الفنية لآيات قرآنية وأبيات من الشعر وكلمات وحروف عربية، تنوعت بين سبعة أنواع، هي: "الكوفي، والفارسي، والثُلث، والرقعة، والنسخ، والديواني، والديواني الجلي.
وتخلل المعرض –وفق إفادة شقليه- ورشات عمل ومحاضرات يلقيها خطاطون من خارج قطاع غزة (عبر تقنية الفيديو كونفرنس)، منهم الخطاط اليمني المقيم في تركيا زكي الهاشمي، والخطاط إيهاب ثابت من الضفة الغربية، لتبادل المنفعة والثقافات بين الداخل والخارج لتطوير هذا الفن.