بعد أكثر من عامين لترويج الإدارة الأمريكية وفريق الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، لـ"صفقة القرن"، كشفت أخيراً عن أبرز أهدافها، وتضمن منح الفلسطينيين أجزاء من شرق القدس المحتلة كعاصمة لهم، وهو ما يعد خرقاً للقرارات الدولية والأممية حول العاصمة الفلسطينية.
وروج ترامب خلال إعلانه لعملية التسوية المزعومة الثلاثاء الماضي في البيت الأبيض، وبمشاركة رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بأنه سيمنح الفلسطينيين عاصمة لهم في شرقي القدس.
وتبين فيما بعد أن الأجزاء التي يقصدها ترامب خلال خطته لتكون عاصمة لفلسطين، إما أبو ديس، أو كفر عقب، أو شعفاط، وجميعها أحياء محاطة بالمستوطنات الإسرائيلية، وتقع على أطراف مدينة القدس المحتلة، وخلف جدار الفصل العنصري، وفق وثيقة كشفتها وكالة "رويترز".
وجاء في الوثيقة "يجب أن تكون عاصمة دولة فلسطين ذات السيادة في قطاع من شرقي القدس يقع في المناطق الواقعة إلى الشرق والشمال من الجدار الأمني الحالي، بما في ذلك كفر عقب والجزء الشرقي من شعفاط وأبو ديس، ويمكن تسميتها القدس أو أي اسم تحدده دولة فلسطين".
خليل تفكجي، الخبير في الاستيطان ومدير دائرة الخرائط في جمعية الدراسات العربية في القدس المحتلة، يؤكد أن الأحياء التي طرحها ترامب خلال خطته جميعها تقع خلف جدار الفصل العنصري، وتبعد عن قلب مدينة القدس المحتلة، وبعضها لا يخضع لها.
ويقول تفكجي في حديثه لـ"فلسطين": "كفر عقب أو شعفاط أو أبو ديس ليس ضمن نطاق القدس التي تعتبرها دولة الاحتلال جزءا من العاصمة وغير قابلة للتجزئة، وهي أماكن بها تجمعات سكنية ولا يوجد سيطرة إسرائيلية أو فلسطينية كاملة عليها".
وحول أبو ديس التي يتم طرحها كعاصمة لـ"فلسطين"، يستبعد تفكجي أن تصلح لتكون كذلك، كونها محشورة بين العديد من المستوطنات وعدم توفر أراض لإقامة أي مبان سيادية، إضافة إلى أن كفر عقب مرتبطة مع مدينة رام الله.
ويوضح أن المقصود بشرق القدس التي يريدها الفلسطينيون عاصمة لهم هي مناطق البلدة القديمة، في حين أن الأحياء الموجودة خلف الجدار التي أعلن أنه من ضمنها ستكون العاصمة يوجد بها اكتظاظ سكاني كبير يصل إلى 150 ألف نسمة.
المحلل السياسي تيسير محيسن يؤكد أن الرؤية الأمريكية والأجزاء المتعلقة منها في القدس ليست جديدة بشكل كامل ولكن جرى إعادة صياغة لها، حين أشار اتفاق أوسلو إلى حل الدولتين، وقيام دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران 1967 وعاصمتها (القدس الشرقية).
وقال محيسن في حديثه لـ"فلسطين": "المفهوم حول عاصمة في شرق القدس ليس في الأساس كل القدس الشرقية وهو ما كان معلوماً لدى القيادة الفلسطينية حين وقعت على اتفاق أوسلو، حيث كان يقصد الاحتلال الإسرائيلي أماكن التجمعات السكانية في شرق القدس، والمعروفة في مناطق أبو ديس، وكفر عقب، وجبل المكبر، وشعفاط".
واضاف محيسن: "الاحتلال الإسرائيلي خلق واقعا جديدا في الضفة الغربية وأقحم الإدارة الأمريكية لتبني هذا المنتج الجديد الذي في أساسه نسف أسس عملية السلام الأولى القائمة على حل الدولتين، فلم تعد القدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين".
وأوضح أن الصفقة التي أعلنها ترامب وفيما يخص القدس المحتلة، تنص على أن يتم إعطاء الفلسطينيين أجزاء من الأحياء السكنية المكتظة مع ضم مساحات لهم من بيت لحم ورام الله بعيداً عن قلب المدينة المحتلة وهو ما يهشم اتفاق "أوسلو".
ويوضح أن الصفقة الأمريكية وضعت قيادة السلطة في زاوية حينما تناولت موضع الحرم المقدس والإشارة إلى أنه مكان للصلاة لكل الأديان، وهو ما آثار حفيظة الفلسطينيين.
ويستدرك بالقول: "(إسرائيل) لعبت على الوقت، وماطلت لخلق واقع جديد في القدس والضفة الغربية، ليكون أمام كل الأطراف الراعية لعملية التسوية المزعومة أمور لا يمكن تجاوزها من خلال بناء مدن سكنية داخل المستوطنات وليس بركسات يمكن هدمها، وهذه فلسفة سلطات الاحتلال".