أشاد مراقبون فلسطينيون بالرفض الفلسطيني (الرسمي والفصائلي والشعبي) لـ"صفقة ترامب"، لكنهم رأوا أن هذا الرفض ينقص البرنامج الموحد لضمان حماية الحقوق الوطنية وعدم تصفية القضية الفلسطينية.
وشدد المحللون، في أحاديث منفصلة مع صحيفة "فلسطين" على ضرورة إقرار برنامج وطني موحد، يتمثل بالوحدة الوطنية ووقف التنسيق والتعاون الأمني مع الاحتلال الإسرائيلي، وممارسة المقاومة بأشكالها كافة.
ورأى الكاتب والمحلل السياسي نهاد أبو غوش، أن الهبات والاحتجاجات الفلسطينية في الداخل والخارج لـ"صفقة ترامب" التصفوية بمنزلة ردود فعل متفرقة.
وقال أبو غوش لصحيفة "فلسطين": إن ردود الفعل بحاجة إلى برنامج وطني تضعه القوى السياسة موحدة ويطبق بشكل يومي في شتى مجالات الحياة.
وأضاف: ردود الفعل يمكن أن تتطور إلى انتفاضة شاملة في حال توفر قيادة لها، وبناء برنامج موحد لرفض الصفقة، والخلاص من الاحتلال، وأن تضع السلطة برامج وسياسات جديدة تحدد دورها ومؤسساتها وتطابق العمل السياسي مع العمل الميداني.
وشدد على ضرورة إعادة النظر في الاتفاقيات الموقعة مع الاحتلال وشق طريق جديد للتحرر تشارك فيه جميع القوى الفلسطينية، وإعادة النظر في الشأن الداخلي الفلسطيني والعلاقات الوطنية ووضع برنامج تحرر وطني يجمع عليه الكل الفلسطيني.
وللخلاص من "صفقة ترامب"، دعا أبو غوش إلى تغيير اتجاهات العمل الذي كان سائدًا خلال الربع القرن الماضي، خاتما: "كان الرهان على المفاوضات وإمكانية الحصول على شيء من قبل الإدارة الأمريكية والاحتلال واتضح ذلك أنه وهم وسراب".
ووافقه الرأي، الكاتب والمحلل السياسي خالد عمايرة، بأن ردود الفعل الفلسطينية تتميز بطابعها التقليدي.
وقال عمايرة لصحيفة "فلسطين": إن ردة الفعل لا ترقى للمستوى المطلوب وحجم مخاطر الصفقة، مستبعدًا أن ترقى ردود الفعل لانتفاضة جماهيرية؛ لعدم توافر قيادة موحدة لها.
وتوقع أن تفشل "صفقة ترامب" التصفوية بسبب رفض القيادة والشعب الفلسطيني لها، واصفًا الصفقة بالبلطجة الأمريكية والإسرائيلية.
وشدد على ضرورة وضع حد للاتفاقات الأمنية والسياسية مع (إسرائيل) وفرض مقاطعة شاملة، وإعلان العصيان المدني، "لأن السلطة أكبر عائق لإقامة دولة فلسطينية، وهي ما أوصلنا إلى هذه الحالة" وفق قوله.
قضية اللاجئين
وفي السياق، أكد الباحث في شؤون اللاجئين عصام عدوان، أن بنود "صفقة ترمب" تحدثت عن أنه لا عودة للاجئين إلا بالقدر الذي تسمح مناطق السلطة به، وهو أمر لا يتوقع لها أن تستوعب لاجئين أكثر مما يوجد فيها حاليًّا منهم (70% من سكان القطاع و30% من سكان الضفة لاجئين) لضيق المساحة وتقطع الأوصال.
وقال عدوان لصحيفة "فلسطين": "سيقتصر الأمر على مشاريع لتشغيل الفقراء، فإذا قبل الفلسطينيون بهذا الطرح فهذا يعني إنهاء عمل أونروا، كما أن الفلسطينيين إذا رفضوا الصفقة فإنهم سيحولون دون قيام أي دولة عربية مضيفة بمنح جنسيتها للاجئين الموجودين على أرضها".
وأضاف: "الرفض الفلسطيني سيجعل تطبيق الصفقة يتم على استحياء بشكل محدود، كأن تقوم الأردن –مثلًا- بتوطين أربعة ملايين ونصف مليون لاجئ فلسطيني على أرضها"، مشيرًا إلى أن الصفقة هي ليست أول المشاريع التي أريد منها تصفية قضية اللاجئين فقد سبقها عدة مشاريع في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي لكنها لم تنجح".
وأكد أن الشعب الفلسطيني لا خوف عليه فلن يتنازل ومتمسك بحقوقه، مشددًا على أهمية الحراك الشعبي.
من جانبه، أكد مدير عام دائرة شؤون اللاجئين في منظمة التحرير أحمد حنون، أن الصفقة لا تشكل رؤية للسلام، بل "هي خطة ضم للأراضي الفلسطينية وتضييع للحقوق الفلسطينية".
وذكر حنون لصحيفة "فلسطين" أن شعبنا بكل شرائحه وأطيافه يرفض بشكل قطعي الصفقة والتعامل معها وتبعاتها ويتمسك بحق العودة وفق القرار 194 والذي يشمل التعويض عن سنوات اللجوء.
وقال: "الصفقة هي الأخطر على القضية الفلسطينية بأسرها وهي تعطي الضوء الأخضر الأمريكي لـ(إسرائيل) للتهجير العرقي للفلسطينيين بشكل مشابه لما حدث قبل عام 1948م حيث كان هناك دعم أمريكي لا محدود لـ(إسرائيل) مما يشكل خطرًا حقيقيًّا محدقًا بالقضية الفلسطينية وتصفيتها بكل جوانبها".