وصف الأمين العام لحركة الأحرار خالد أبو هلال صفقة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التصفوية بـ"الحصاد المر لاتفاق أوسلو المشؤوم رأس كل خطيئة حين وضع الحقوق والثوابت الفلسطينية على طاولة المفاوضات الآجلة مع الاحتلال".
وقال أبو هلال خلال حوار مع صحيفة "فلسطين": "الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يرمي من إعلانه صفقته إلى تصفية القضية الفلسطينية، وهي نكبة جديدة لن يقبل شعبنا التعايش معها أو التسليم بها".
وأضاف: "صفقة ترامب التصفوية هي المؤامرة الأخطر على شعبنا وقضيتنا، وهي لا تستهدف جزءًا من الوطن أو القضية بل تصفيتها كاملة، وهذا يفرض علينا الفلسطينيين التصدي لها بكل قوة وحزم في إطار إستراتيجية وطنية".
"يجب أن تكون هذه الإستراتيجية قائمة على مرتكزات واضحة، في مقدمتها تحقيق الوحدة، ورص الصفوف، وتحشيد كل قوى شعبنا وإمكاناتنا على كل المستويات للتصدي للصفقة، واستمرار الحراك الشعبي والوطني والرسمي الرافض"، والحديث لأبو هلال.
وشدد على أن الشعب الفلسطيني على مدار تاريخه أفشل الكثير من المؤامرات وسيفشل ويسقط صفقة ترامب التصفوية، لذا يجب أن تتحرك السلطة في إطار إقناع الشعب بأنها ضد هذه الخطوة الأمريكية، بالتقدم بخطوات عملية فاعلة وعاجلة.
ومن الخطوات التي يجب أن تتخذها السلطة يقول أبو هلال: "التحلل الفوري من اتفاق أوسلو وملاحقه، ووقف التنسيق الأمني، وقطع كل أشكال العلاقة مع الاحتلال، ووقف الرهان على أي طرف من الأطراف الدولية، والرهان على شعبنا ووحدتنا، ومقاومتنا، كل أشكالها".
وتابع: "يجب على السلطة تعزيز صمود الشعب في غزة برفع الإجراءات الانتقامية التي فرضتها عليه، وإطلاق العنان لجماهير الشعب الفلسطيني في الضفة لتأخذ دورها في مواجهة الاحتلال، والتصدي لإجراءاته الباطلة على الأرض التهويدية والاستيطان".
كذلك –والكلام لا يزال لأبو هلال- "يجب تفعيل كل أشكال المقاومة والاشتباك وتفجير انتفاضة شعبية واسعة مع الاحتلال على خطوط التماس كافة، وإطلاق حراك دبلوماسي وقانوني وإعلامي لفضح صفقة ترامب، وتحشيد الرأي العام العربي الحر والدولي لمصلحة القضية الفلسطينية، خاصة أن كثيرًا من الدول رفضت هذه الصفقة بوضوح".
أما موقف السلطة فرأى أبو هلال أنه لا يرتقي لحجم الخطورة التي على القضية الفلسطينية، قائلًا: "إنها لا تزال تتمسك بأوسلو اللعين، ومسار المفاوضات العبثية، والرهان على ما تسمى الشرعية الدولية العاجزة والمتواطئة".
وقال: "هذه المرحلة تفرض علينا فلسطينيًّا الضغط بكل قوة على السلطة ورئيسها لإنهاء حقبة أوسلو السوداء وملاحقها الأمنية والاقتصادية، والاستجابة للمجموع الوطني بالتوجه نحو بناء رؤية وإستراتيجية وطنية على قاعدة الشراكة والتوافق على برنامج عمل وطني مشترك يحافظ على الأرض والحقوق والثوابت الفلسطينية".
"الحقبة السوداء"
وبدأ ترامب تنفيذ صفقته -وفق حديث أبو هلال- منذ سنوات عدة، انطلاقًا من الاعتراف بالقدس "عاصمة" للاحتلال ونقل السفارة الأمريكية إليها، وقطع الأموال عن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" الشاهد التاريخي على نكبة الشعب الفلسطيني.
وأوقفت الولايات المتحدة في 31 آب (أغسطس) 2018م التمويل الذي كانت تقدمه لـ"أونروا"، بعد أن كانت أكبر ممول للوكالة الأممية، إذ قدمت لها أكثر من 350 مليون دولار أمريكي في 2017م.
وأضاف أبو هلال: "كذلك بدأت الصفقة حين فرض ما تسمى السيادة الإسرائيلية على الجولان العربي السوري، وإعطاء أدواتهم (أمريكا والاحتلال) من الأنظمة الرسمية العربية قرارًا ببدء مرحلة التطبيع العلني مع الاحتلال، وفتح أبواب العواصم العربية أمام قياداته المجرمة، وذلك قبل أن يعلن ترامب الثلاثاء الماضي صفقته التصفوية".
وأوضح أن ترامب "يضع خاتمة مؤلمة لهذه الحقبة السوداء، ويحصد نتائجها وثمارها الخبيثة، ويُسقط مطلقًا كل أوهام التسوية السياسية، ويفرض بمنطق البلطجة والقوة صفقته التي تتوافق مع الرؤية الصهيونية".
وأشار أبو هلال إلى أن الرئيس الأمريكي أعطى الاحتلال الإسرائيلي كل ما يريد وحقق له أحلامه بقرارات جاهزة للتنفيذ الفوري, إلى درجة أن كل من يطلع على هذه الصفقة يدرك أن الذي صاغها هو "اليمين الإسرائيلي المتطرف بإخراج أمريكي".
وقال: "بالمقابل أعطى ترامب شعبنا الفلسطيني (شيك) دون رصيد على أن يكون التفاوض بعد أربع سنوات، إذا قُبِلت الصفقة، للوصول إلى قيام دولة فلسطينية عبارة عن (كانتونات) معزولة غارقة في بحر الاستيطان الصهيوني منزوعة السلاح والكرامة والسيادة الجغرافية وخاضعة مطلقًا للسيطرة والرقابة الأمنية للاحتلال".
وتضمنت صفقة ترامب -حسب حديث أبو هلال- مسارات خطيرة، منها المسار التصفوي للقضية على كل المستويات في الضفة، استيطانًا ومصادرة وفي القدس ضمًّا وتهويدًا للمقدسات.
وتتضمن -كما يؤكد- المؤامرة على غزة عزلًا وحصارًا لنزع سلاحها، وعلى الفلسطينيين في الأراضي المحتلة سنة 1948م طمسًا لحقوقهم، وفي أماكن اللجوء والشتات تضييعًا لحق العودة.
وتشمل الصفقة أيضًا المسار العربي والإسلامي حيث تسارع وتيرة التطبيع العلني بين الاحتلال الإسرائيلي والعديد من الأنظمة الرسمية العربية، في محاولة واضحة لدمج "هذا الكيان الدخيل" في المنطقة العربية، وإحداث حالة من الاصطفاف والتحالف معه، وفقًا لما ذكر أبو هلال.
وأدان الأمين العام لحركة الأحرار مشاركة سفراء البحرين والإمارات وعُمان في مراسم إعلان صفقة ترامب.
ودعا الدول العربية والإسلامية بكل مشاربها وأطيافها إلى الوقوف موقفًا مسؤولًا، رافضًا "العدوان الأمريكي الصهيوني على الشعب الفلسطيني وقضيته".