قائمة الموقع

الإذاعات.. هل يحصرها التطور داخل التاكسي فقط؟

2020-02-01T11:24:00+02:00
صورة تعبيرية

يؤكد خبراء إعلام أن بروز وسيلة إعلامية جديدة لا يلغي سابقتها، بل يبقى لكل منهما جمهورها، بيد أنه يقع على عاتق أي وسيلة مجاراة التطور حتى لا تفقد بريقها بازدياد المنافسة مع غيرها.

ولمّا كان الإعلام يواكب التطورات التكنولوجية والتحديثات اليومية؛ فهو يستحدث في كل وقت وسيلة منبثقة من أي تطور حديث، فاختراع الموجات الهرتزية، والطاقة اللاسلكية وسطًا ناقلًا للصوت أنجب الإذاعات.

وبعد اختراعات متعددة برز إلى الوجود وسيلة الاتصال الجماهيرية التلفاز، واستمرت التطورات حتى ظهور شبكة الإنترنت، ومعها المواقع الإلكترونية الإخبارية، وصولًا إلى مواقع التواصل الاجتماعي الحديثة، فهل سحبت هذه التحديثات البساط من تحت قدمي الإذاعة، وحصرت مستمعيها في بوتقة سيارات الأجرة العتيقة في غزة؟

جمهور متنوع ومتغير

ياسر الحزين (48 عامًا- موظف ويطلق عليه لقب عميد المستمعين في إذاعة محلية) ينفي حصر الاستماع للإذاعة في السيارات فقط، فهو يستمع لها في أي وقت، وفي أثناء أداء مهامه الوظيفية.

ويقول الحزين لصحيفة "فلسطين": "أعتقد أن مواقع التواصل الاجتماعي لا تنقل أخبارًا صحيحة 100%، لكن مصداقية الإذاعات لا غبار عليها"، مبينًا أن المذيعين لديهم مقدرة على إشعار المستمع أن الحديث موجه شخصيًّا له.

ختام بكرون (23 عامًا – ربة منزل) تستمع لعدد من الإذاعات المحلية لتنوع برامجها التي تلامس اهتماماتها، وأسلوب المذيعين القادر على خلب لبها، مشيرة إلى أنها تتابع برامج المسابقات والدراما وأخبار الأسرى.

أما الطالب الجامعي عبد الحميد أبو عوض (20 عامًا) فهو بخلاف جيل الشباب الأكثر تواصلًا عبر مواقع الإعلام الاجتماعي، يرى أن الإذاعات تسمح له بممارسة عمل آخر إلى جانب الاستماع لها.

فأبو عوض يمارس رياضة المشي، أو يقرأ كتابًا، أو يقوم بأي فعل آخر، إلى جانب التركيز مع الإذاعة وبرامجها، وهو ما لا يمكن أن توفره له متابعته لوسائل الإعلام الاجتماعي التي يجب أن يتفرغ لها عبر الهاتف المحمول أو الحاسوب الشخصي.

أخيرًا ربة المنزل نور البنا (31 عامًا) تؤكد أن الإذاعة رفيق مؤنس لها في أثناء أداء واجباتها اليومية في البيت لعدة أسباب؛ فهي ليست كالتلفاز تستلزم المشاهدة لمتابعة الصوت والصورة، وليست كوسائل التواصل الاجتماعي تستلزم الانتباه وإمساك الهاتف النقال.

وتشير البنا إلى حرصها على استماع أولادها للبرامج التربوية عبر الإذاعات، وبرامج قصص الشهداء والأسرى، في محاولة منها لتنمية الوعي التربوي والوطني لديهم.

الجديدة لا تلغي القديمة

مدير إذاعة شباب فلسطين سابقًا مفيد أبو شمالة يرى أنه يمكن قياس حجم جمهور أي إذاعة محلية بثلاث طرق، الأولى مكالمات البرامج التفاعلية في الصباح والمساء؛ فهي تكشف حجم التفاعل والجمهور.

والطريقة الثانية -كما يقول أبو شمالة لـ"فلسطين"- إن كانت هذه الإذاعات تمتلك صفحات عبر وسائل التواصل الاجتماعي؛ يظهر حجم التفاعل مع ما ينشر من مقاطع البث الإذاعي ومشاركتها حجم جمهورها، مشيرًا إلى أن الطريقة الثالثة هي القياس المسحي من طريق فريق بحثي ميداني، وتتبعه شركة معلنة لعمل دراسات مسحية وميدانية لغرض معرفة سوق إعلاناتها وإلى أي إذاعة تتجه.

أستاذ الصحافة في الجامعة الإسلامية البروفيسور جواد الدلو يشير إلى أن العصر الحديث شهد تطورًا ملحوظًا في وسائل الاتصال المختلفة، مع ظهور وسائل الاتصال الاجتماعي، مضيفًا: "يعتقد بعضٌ أنها ستلغي الوسائل القديمة، وعلى وجه الخصوص الإذاعة والتلفزيون والصحف".

ويستدرك البروفيسور الدلو: "لكن تاريخ وسائل الاتصال لم يشهد إلغاء وسيلة وسيلةً أخرى، فكما لم يلغِ التلفازُ الإذاعةَ أو الصحيفة، لم تلغِ هذه الوسائل الحديثة الوسائل القديمة"، مبينًا أن هناك تأثيرات خاصة، إن لم تجدد هذه الوسائل نفسها.

وينبه إلى أنه ليس هناك إلغاء للوسائل القديمة خاصةً إذا ما جددت نفسها، وأخذت أشكالًا جديدة في الإخراج والتطور، فالتنافس موجود بين الوسائل، موضحًا خصوصية المجتمع الفلسطيني لانقطاع الكهرباء المتكرر وحصار الاحتلال الإسرائيلي المفروض؛ فيبقى للإذاعة رونق خاص، ويستطيع الجمهور الوصول إليها من طريق الهواتف الذكية أو أجهزة الترانزستور.

ويؤكد البروفيسور الدلو أن الإذاعة ما تزال موجودة وحضورها في الشأن المحلي قوي، والجمهور يلجأ إليها في متابعة الأوضاع والأحداث المحلية، خاصة أوقات الأزمات.

ويوضح أن جمهور الإذاعة جمهور عام، وليس جمهور السائقين خاصة، لكن لما كان جهاز المذياع (الراديو) جهازًا متنقلًا، وطرأ عليه تطورات كبيرة، فمنذ القدم يستطيع الفلاح أخذه معه إلى حقله، ليستمع للأخبار والأغاني والمسلسلات، وهذا هو السبب ذاته الذي دفع السائقين لمتابعة الإذاعة، فالمذياع ضمن السيارة.

ويتابع: "كما أن السيارات التي تعمل على الخط الغزي ليست حديثة، وليست مزودة بشبكة إنترنت، لتغني عن الإذاعة، في حين أن هذه الخدمات موجودة في الدول الأوروبية ودول الخليج العربي، ولديهم GPS وWiFi وإنترنت وبرامج في سيارات الأجرة".

ويشيد البروفيسور الدلو بالإذاعات المحلية التي واكبت التطورات التكنولوجية، وأوجدت لها مواقع إلكترونية، وصفحات على شبكات التواصل الاجتماعي، مثلها مثل الفضائيات والقنوات التلفزيونية، كما أنها تنافس في هذه المواقع للحصول على نصيبها من كعكعة الإعلانات، فالإعلانات هي رأس مال هذه الوسائل.

اخبار ذات صلة