مستهزئًا بأمة العرب ومستخفًّا بها, ظهر العلج الأمريكي وربيبه الصغير المحشو فسادًا وكراهية, في مؤتمر تصفية القضية الفلسطينية داخل بيت الشؤم الأمريكي, متعجرفًا يرسل هرطقات يحاول من خلالها تحطيم الراسخات من ثوابتنا في فلسطين, يسعى سكير الحانات الأمريكي لتغيير التاريخ في فلسطين, وتزويره لصالح روايات الوهم والخديعة الصهيونية, لن يفلح ثنائي الفساد والإفساد "ترامب –نتنياهو" في تمرير صفقة العدوان على قضيتنا الوطنية, لن يستطيع الأرعن ترامب أن ينفذ حرفًا واحدًا من بنود صفقته المشؤومة, لقد ارتقى مُرتقى صعبًا صبي راقصات الليل في الملاهي الأمريكية, ويحسب أنه قادر على خدمة حلفائه من أرباب الربا والإفساد من الصهاينة, ألا يدري هذا الأفاك بأنه يعبث بقدس الأقداس التي دونها المهج والأرواح, وخلفها ألف ألف حطين وصلاح.
مؤتمر إعلان "صفقة القرن" كان مقززًا بحجم الأكاذيب والإصرار على خنق الحقائق والاستهتار بمعاناة الشعب الفلسطيني ومظلوميته التاريخية, الثنائي الخاسر "ترامب -نتنياهو" حاولا إظهار سعادتهما بهذا الإنجاز الذي يخدم حملتهما الانتخابية, وهذا يعني بأن قاعدتهما الشعبية تريد مخرجات "صفقة القرن" العدوانية, وهذا الأمر ضروري لنفهم كيف يدار الصراع في فلسطين, وكم خسرنا يوم أن أقصينا البعد الديني في خطاباتنا السياسية خلال المنعطفات الخطيرة لقضيتنا الفلسطينية, وهي تحمل في مضمونها هذه الدلالات الراسخة كقضية مركزية للمسلمين, فهي سورة في القرآن الكريم, ومسرى النبي الكريم, وهذا يتطلب منا تجديد خطابنا الوطني خلال المرحلة القادمة, بالشكل الذي يخدم قضيتنا ويحشد كل طاقات الأمة دون استثناء للدفاع عنها في مواجهة المؤامرات.
"صفقة ترامب" كانت كاشفة لعورات أنظمة عرب الردة السياسية, التي ترى في الإدارة الأمريكية إلهًا يحرس عروشهم المتربعة على مستنقعات القمع والجهل والتخلف, ويرتعون بخيرات الأمة في حياة اللهو والمجون, ويشاركون أعداء الأمة في تنفيذ مخططاتهم التي تستهدف منع قيامة أمتنا الحضارية, كم كانت قبيحة تلك العورات التي لا ينفع معها ستر المبررات الواهية التي وصلت حد الوقاحة والإسفاف, وكأن قطيع "أبا رغال" يتوالد في أزمان الضعف السياسي كأحد أقدار أمتنا العزيزة, سيداسون وترجم قبورهم وينسى ذكرهم , ولن يكتب التاريخ عنهم إلا كلمة وصف بـ"خونة".
"صفقة ترامب" أعادتنا إلى الحقيقة بعد أن حجبتها عنا السحب الكاذبة التي تحمل لنا "سلام الخديعة" وغيوم الأوهام عن "الراعي للسلام الوسيط الأمريكي النزيه", فاليوم عدنا للحقيقة التي يفهمها صغيرنا قبل كبيرنا, بأن أمريكا عدو مشارك في العدوان والاحتلال في فلسطين, وفي هذا السياق يجب أن تُعقد إستراتيجيتنا الفلسطينية الساعية لإنجاز مشروعنا الوطني التحرري, فلا فرق بين الاحتلال وحبله السري الأمريكي الذي يمده بكل مقومات القوة وإمكانات البقاء على أرضنا المحتلة.
"صفقة القرن" آخر محطات الاستهداف لقضيتنا, والعنوان النهائي لمسيرة الدجل التفاوضي, سقط هذا الخيار منذ عام 2000م, وكان يجب أن يستمر سقوطه, وعملية إحيائه لمدة عشرين عامًا إضافية كانت بمثابة خنجر في خاصرة القضية الفلسطينية, فهذا العدو لا يفهم إلا لغة القوة, والحقوق تنتزع لا توهب, والحرية مهرها الدماء, والتاريخ خير شاهد على تضحيات الشعوب من أجل انتزاع حريتها وكنس الاحتلال عن أوطانها, ما أحدثته "صفقة ترامب" من صحوة وطنية يجب الاستفادة منها واستكمال الإفاقة الواعية نحو إنهاء الانقسام وتعزيز الوحدة وإطلاق يد المقاومة بكل أشكالها, والعمل على بناء النظام السياسي الفلسطيني المتماسك, الذي يقود مشروعنا التحرري ويحشد له كل جهود الدعم والإسناد في إطار حرب التحرير وانتزاع الاستقلال الفلسطيني وإنهاء الاحتلال البغيض.
--