توقع مدير مركز دراسات الشرق الأوسط في عمان جواد الحمد، ألا تحظى ما تسمى "صفقة القرن" بأي تقدم أو نجاح سياسي نتيجة الرفض الواسع لخطة رئيس الإدارة الأمريكية دونالد ترامب لـ"تسوية" الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي.
وشدد الحمد في حوار مع صحيفة "فلسطين"، أمس، على أن الموقف الفلسطيني الرافض للصفقة "حاسم" إذا ما استفاد من حالة الرفض الدولي للخطة الأمريكية.
وعدَّ أن خطة ترامب السياسية من أهم التحديات التي يواجهها الفلسطينيون والعرب، ودول إسلامية كبرى مهتمة بقضية القدس مثل إيران وتركيا وباكستان وماليزيا وإندونيسيا، وهي صاحبة مواقف واضحة تماما برفضها أي مساس بالمدينة المقدسة المحتلة التي أعلنها ترامب في 6 ديسمبر/ كانون الأول 2017، عاصمة مزعومة لـ(إسرائيل).
وعلى المستوى الإقليمي أشار الحمد إلى أن دولاً عربية موقفها حاسم في قضية القدس، وخاصة الأردن، إضافة إلى موقف السلطة وحركة حماس الرافض للصفقة.
لكنه نبه إلى أن "أطرافا عربية تحاول بيع موقفها بالموافقة على صفقة القرن أو الضغط على الفلسطينيين والأردنيين لقبولها مقابل حفظ كراسيها، ومنحها أملا أمريكيا للبقاء في الحكم، في الوقت الذي تخدع فيه أمريكا حلفاءها. ولذلك أعتقد أن الصفقة ليس لها حظ من التقدم والنجاح".
وعدَّ أنها "محاولة من ترامب لبيع الناخبين اليهود واللوبي الصهيوني في أمريكا بعض المعطيات لانتخابه لدورة ثانية"، مضيفا أن "دولاً عربية تترنح في موقفها والسبب في ذلك قناعات ورؤية جديدة، وهي تحاول أن تقدم للأمريكان مواقف كما قدمت أموالا لحفظ مكانها في الحكم".
ولفت إلى أن ترامب وقبل أن تنتهي محاكمته بالعزل أو غير ذلك، لن يستطيع أن يقدم الكثير، لكنه قد يقدم وعودا لرئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أو منافسه رئيس حزب "أزرق أبيض" بيني غانتس، أو غير ذلك من الإسرائيليين، سعيا للحصول على مساعدة في الكونغرس الأمريكي، وصولاً إلى رفض عزله من منصبه بحكم الاتهامات الموجهة إليه حاليا.
وتابع أنه بعد انتهاء النتيجة بعزله من الرئاسة أو بدون ذلك، قد يقدم ترامب أو لا يقدم شيئا للإسرائيليين، وهذا مرتبط بتحولات ومواقف أخرى، وبذلك ما زالت الظروف المحيطة برئيس الإدارة الأمريكية وصفقته ملتبسة وغير ناضجة تماما.
لم يستطع التطبيق
وأكمل أن إدارة ترامب اتخذت العديد من القرارات ولم تستطع تطبيقها، مثل موضوع القدس عاصمة لـ(إسرائيل) الذي أثار عاصفة ردود فعل مناوئة عالميا للإعلان الأمريكي، كذلك ضم الجولان والمستوطنات في الضفة الغربية المحتلة إلى كيان الاحتلال.
وقال إن كل هذه القرارات رفضتها الجمعية العامة للأمم المتحدة، كما رفضتها دول العالم أجمع، في حين رأى أن التفكير الأمريكي الحالي "عدمي وغير واقعي".
وفلسطينيا، أكد الخبير السياسي ضرورة العمل معا فيما يتفقون عليه في ظل حالة الانقسام "السيئ"، لافتا إلى إمكانية تشكيل هيئة وطنية مشتركة لمواجهة "صفقة القرن"، وإطلاق انتفاضة شعبية في الضفة الغربية لمواجهة الاحتلال، وتحمّل بعض المواجهات العسكرية مع غزة.
وقال إن كل ذلك ممكن أن يتم حتى دون الاتفاق على برنامج سياسي فلسطيني موحد للتصدي لـ"صفقة القرن"، ففي حالة الانقسام يجب البحث عن قواسم مشتركة كحد أدنى، ويتمثل هذا الحد بالحفاظ على القضية الفلسطينية كما هي، لا أن تنزل إلى مستوى أقل، مردفا أن الصفقة مشروع سياسي مشترك، وعلى فتح وحماس المبادرة لتشكيل هيئة لمواجهتها.
وفيما يتعلق بمصلحة نتنياهو من الإعلان الأمريكي عن "صفقة القرن"، يعتقد مدير مركز دراسات الشرق الأوسط في عمان أن الإعلان لا يشكل أمرا حاسما في قضية الانتخابات، لأنه لو كان هناك تنازلات مقدمة من (إسرائيل)، فإن ذلك سيؤدي إلى انشقاقات باليمين المتطرف المحيط بنتنياهو، وهذا سيؤثر عليه سلبا.
ونبَّه إلى نظام (إسرائيل) السياسي استُهلك وأصبح هشا، وهو ذاهب إلى مرحلة انسداد سياسي، وحتى فيما يتعلق بتشكيل حكومة تجمع الأحزاب الإسرائيلية يُتوقع أن تكون ضعيفة معرضة للانشقاق والانهيار في أي وقت.
ويدلي المستوطنون بأصواتهم في انتخابات "الكنسيت" للمرة الثالثة خلال عام في مارس/ آذار المقبل، بعدما فشل نتنياهو وغانتس في تشكيل حكومة منفردة أو موحدة، ورأى في ذلك الخبير السياسي تهديدا حقيقيا وضعفا إستراتيجيا لـ(إسرائيل)، وهو ما يجب استغلاله عربيا وفلسطينيا للضغط عليها في أي مفاوضات أو تفاهمات.