فلسطين أون لاين

لا رغبة للبعض بالانتخابات وقد نشهد عدم استقرار في مرحلة ما بعد عباس

حوار أشرف جمعة: مقبلون على مفترقات تاريخية.. والقضية الفلسطينية تمرُّ بمأزق  خطير

...
النائب أشرف جمعة
غزة/ يحيى اليعقوبي:

حذّر النائب عن كتلة فتح البرلمانية "التيار الإصلاحي"، أشرف جمعة، من أن الشعب الفلسطيني مقبل على ما وصفها "كارثة وطنية" تمس تاريخه، مشددًا على أنه حان الوقت للجلوس على الطاولة ووضع إستراتيجية وطنية بشكل "عقلاني" لمواجهة ما هو قادم، ورأى في الوقت ذاته، أن إصدار مرسوم الانتخابات العامة أمر في غاية الأهمية، بحيث يمكن من خلالها مواجهة "صفقة القرن" الأمريكية.

وتوقع جمعة في حوار خاص مع صحيفة "فلسطين"، أن تصبح الأمور أصعب بعد غدٍ الثلاثاء (موعد طرح صفقة القرن) "سواء صدر مرسوم الانتخابات أم لا، مضيفًا أننا "أمام كارثة وطنية تتمثل بصفقة القرن، وهذا يتطلب وضع إستراتيجية وبرنامج عمل وإنقاذ وطني ووحدة فلسطينية".

وتابع: "علينا جميعًا أن نكون موحدين في مواجهة الصفقة، وهذه مسؤولية تتحملها قيادة السلطة التي عليها القيام بما هو مطلوب منها بخصوص تنفيذ كل قرارات المجالس الوطنية المتوافق عليها من جميع الأعضاء، والدعوة لحوار وطني شامل لوضع آليات المواجهة".

ولفت إلى أن ما يجعل الأطراف الدولية صامتة تجاه صفقة القرن أنهم لا يجدون حراكا من أصحاب الشأن نفسه، متمما: "الآن وقت الجلوس على الطاولة والنقاش بهدوء بشكل وطني وعقلاني لتدبر ما هو قادم".

وقال النائب جمعة: "إن حركتي فتح وحماس وكل الفصائل معرضة للخطر (..) هذه لحظات تاريخية وسيكتب التاريخ من وقف يتصدى"، مشددًا على ضرورة ترك الخلافات جانبًا والتفكير بوضع إستراتيجية للمواجهة، لإفشال "صفقة القرن".

خطوات مطلوبة

وبشأن الخطوات المطلوبة لمواجهة الصفقة الأمريكية التي ترمي إلى شطب القضية الفلسطينية، شدد النائب جمعة على ضرورة أن يدعو رئيس السلطة محمود عباس لعقد لقاء مع الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية بشكل عاجل، يتم من خلاله التوافق على رؤية إستراتيجية، والعمل على إنهاء الانقسام والعودة للوحدة وتنفيذ برنامج وطني يتم فيه التوافق على كل المعطيات المطلوبة وإيصال رسالة للعالم "أننا لن نسكت ولن تمر الصفقة مهما كان الثمن".

ورأى جمعة أنه لا يوجد أي فلسطيني حر يقبل بالرؤية الأمريكية، مبينا أن الصفقة هي برنامج وُضع بأيدٍ إسرائيلية، ما يحتم على الفلسطينيين مواجهته بأيد موحدة وإرادة قوية "للخروج من هذا المأزق".

وحول توقيت إعلان الصفقة، قال: "لم نتفاجأ بالتوقيت، وحذرنا كفصائل وخرجنا في مسيرات، لكننا نقوم بردات فعل ثم نتهاون ولا نقوم بالدور المنوط بنا"، وفق تقديره.

ولفت النائب عن "التيار الإصلاحي" إلى أنه يجب مناقشة مسيرات العودة بشأن استمرارها أو توقفها بحيث تستثمر بالطريقة التي تحقق الكثير وتتصدى لـ"صفقة القرن".

وبشأن التحديات الفلسطينية أمام المتغيرات الحاصلة، أشار جمعة إلى أنه منذ فترة تواجه القضية الفلسطينية مأزقا صعبًا وهو تراجعها نتيجة التغيرات الإقليمية والدولية، كما أن الانقسام الفلسطيني الحاصل أثر على المستوى الإقليمي والدولي ولم تصبح القضية المركزية الأولى.

وأضاف: "نحن الآن بحاجة لحشد كل الطاقات سواء على المستوى المحلي والإقليمي والدولي والتعبير عن غضبنا واستيائنا مما يحدث ورفضنا الصفقة بما تحملها من كوارث لشعبنا، بعدما بدأت بإعلان القدس عاصمة للاحتلال، تلتها محاولة إنهاء عمل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) تمهيدًا لتصفية قضية اللاجئين".

وتساءل النائب في المجلس التشريعي، حول إن كانت مواجهة الفلسطينيين للصفقة بمفردهم أم بدعم عربي، وإن كان الاحتلال سيشعر بتحمل كلفة الصفقة من عدمه؟!.

وشدد جمعة على وجوب تنفيذ السلطة برام الله قرارات المجلسين الوطني والمركزي التي أُعلن عنها لصالح القضية الفلسطينية بشأن وقف التنسيق الأمني وتعليق الاعتراف بـ(إسرائيل)، وتفعيل المجلس التشريعي وتحريك الدبلوماسية الفلسطينية، وتنظيم مسيرات، وأن يصدر عباس مرسوما يحدد موعد الانتخابات.

وقال: "إن التاريخ لن يرحم أي قائد فلسطيني قصّر في هذه المرحلة"، مؤكدًا: "لا يستطيع فريق وحده مواجهة النكبات والمؤامرات منفردا"، لذلك يشدد على ضرورة نفض آثار الانقسام والخروج بوثيقة شرف في هذه المرحلة التاريخية الفاصلة.

وربط جمعة الإعلان الأمريكي عن "صفقة القرن" بقرب إجراء الانتخابات الإسرائيلية، وقال: "عندما وجد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أنه لا أحد يقف ضد ما يقوم به بعد إعلان القدس عاصمة للاحتلال ونقل السفارة الأمريكية إليها، تجرأ للإعلان عن الصفقة".

المرسوم الرئاسي

وبشأن عدم إصدار المرسوم الرئاسي بشأن الانتخابات، قال جمعة، إن ذلك يعيق الحياة الديمقراطية الفلسطينية، ويؤكد رغبة البعض بعدم الدخول في هذا المجال، مؤكدا في الوقت ذاته أهميتها ودورها المستقبلي في إنهاء الانقسام والوصول للوحدة الوطنية ومواجهة صفقة القرن، وتجديد دماء القيادات والتوجه الديمقراطي، أسوة بشعوب العالم.

وأضاف: "نتفهم أن القدس قضية مركزية لا يمكن التنازل عن الانتخابات فيها، ولكن يجب ألا نبقى رهينة للاحتلال في تأخير المرسوم تحت هذه الذريعة غير المبررة".

واستدرك جمعة: "كان يفترض دعوة الكل الوطني الفلسطيني للانعقاد والتشاور في الخطوات التي يمكن اتخاذها في رفض تعنت الاحتلال، خاصة أننا مقبلون على أمر صعب جدًا وهو موضوع صفقة القرن".

وشدد القيادي في "التيار الإصلاحي" على أن الانتخابات "أصبحت مطلبًا شعبيًا وحيويًا لتغيير الواقع الفلسطيني".

وبخصوص مشاركة رؤساء دول من نحو 40 دولة في إحياء ما يسمى "المنتدى العالمي للهولوكوست" بالقدس، عد هذه المشاركة توافقا دوليا على كل ما يحدث، "وهذا أمر خطير يدفعنا للتوقف ومراجعة أنفسنا، فلا يجوز السير إلى الموت دون مراجعة".

ما بعد عباس

وعن مرحلة ما بعد عباس والحديث عن تشكيل تحالفات لخلافته في منصب رئيس السلطة، بين جمعة أنه كان المطلوب الوصول لتداول سلمي للسلطة عبر الانتخابات الرئاسية لتحقيق الاستقرار والأمان للشعب الفلسطيني.

وحذر جمعة من مواجهة معضلة في عدم الاستقرار السياسي بعد مرحلة عباس إلا إذا كان عباس نفسه اتخذ قرارات بهذا الشأن غير معروفة للجميع، مبينا أن اختيار رئيس السلطة يجب أن يكون بتوافق محلي وإقليمي ودولي وهذه مسألة ليست سهلة.

في سياق آخر، وبشأن ملف المصالحة المجتمعية وجبر الأهالي المتضررين من الانقسام، بين أن لجنة المصالحة المجتمعية حققت إنجازات عديدة، وأنهت 176 قضية لضحايا الانقسام وهي في طور الاستعداد لإنهاء جبر خواطر 100 حالة أخرى.

وتابع: "نراقب الأوضاع والأحداث الحاصلة، وهذا ما يجعلنا ننتظر الفرصة المناسبة للبدء في المصالحة المجتمعية، لأن جهودنا الآن مركزة في مواجهة صفقة القرن".