فلسطين أون لاين

​لابد من تهيئةٍ مسبقة

سن الأربعين في الحياة الزوجية أفضل أم أسوأ مما مضى؟

...
غزة-فاطمة أبو حية

لطالما كانت سن الأربعين رمزًا إلى دخول محطة جديدة في محطات حياتية مختلفة، ومن ذلك الحياة الزوجية، إذ يُعد دخول الزوجين في العقد الخامس من عمرهما بوابة لدخول مرحلةٍ جديدة من حياتهما معًا، إما أن تكون أفضل مما مضى، أو تأخذ منحىً سلبيًّا يؤثر عليهما بطريقة لم تكن في حساباتهما.

أكثر نضجًا

عن شقيقها وزوجته تتحدث "سعاد" (وهو اسم مستعار): "في السنة الأولى لزواج أخي تبيّن له أن التوافق بينه وبين زوجته غير موجود إطلاقًا، وكانت هي تشاركه في الرأي، وفكّرا بالطلاق، لكن انتظارهما للطفل الأول حال دون اتخاذ القرار".

وتضيف: "أكثر من 20 عامًا عاشاها معًا لم يشعر خلالها أي منهما بالراحة، وكل منهما يلقي باللوم على الآخر إلى أن قرر أخي أن يتزوج بسيدةٍ أخرى، وبرر ذلك بأن أبناءه الذين تنازل من أجلهم قد كبروا نوعًا ما، وأنه يريد أن يستمتع بحياته قبل أن يفوت الأوان، فقد جاوزَ السادسة والأربعين ولم يتذوق طعم السعادة في بيته كما كان يقول دومًا".

وعن الجانب المشرق تقول "إيمان الأشقر": "أنا وزوجي تجاوزنا الأربعين قبل ست سنوات، وفارقُ العمر بيننا شهران فقط، وأجزم أن هذه المدة من العمر مختلفة تمامًا، وأدخلتنا في مرحلةٍ جديدة من زواجنا، وأخذتنا إلى الأفضل".

وتضيف: "حياتنا أصلًا مستقرة ويغلب عليها طابع السعادة، وبعد دخولنا العقد الخامس من العمر زاد استقرارنا ورضانا، فقد نضجنا أكثر، وأصبحنا أكثر تفاهمًا، وأكثر قدرةً على التعامل مع مشاكلنا بحكمة".

إيجاد البدائل

يقول الاختصاصي الاجتماعي أحمد حمد: "إن كل مرحلة عمرية لها متطلباها الخاصة، وبعد الوصول إلى سن الأربعين يكون الإنسان قد بلغ ذروة النمو العقلي والعاطفي، وبدأ يحقق الاستقرار".

ويضيف حمد لـ"فلسطين": "هذه هي المرحلة الأفضل لو فهمها الزوجان بطريقةٍ سليمة، واستثمراها استثمارًا صحيحًا، وجعلا الحكمة شعارًا لهما لتخطي أي عقباتٍ تواجههما بسببها، وإن لم يفعلا ذلك فسيأخذ التغير منحى سلبيًّا، بسبب الفتور والروتين اللذين يسيطران على حياتهما، وترك كل طرف الاهتمام بالآخر والتركيز على رعاية الأبناء وتكوين العلاقات الاجتماعية".

ويتابع: "ما يساهم أيضًا في توجه العلاقة الزوجية إلى الجانب السلبي تفكير الرجل في الزواج بثانية، فأغلب حالات التعدد يكون فيها الرجل بين الأربعين والخمسين، ويزيد هذا الاحتمال، إذا كانت الزوجة قد تراجعت عن الاهتمام بزوجها".

ويلفت إلى أن الاستقرار الذي يصل إليه الزوجان في هذه السن يكون ناتجًا عن تحقيق تقدم في كثير من النقاطِ المتعلقة بالأسرة، مثل الحصول على سكن، والاستقرار في العمل، مبينًا أنه بعد أن تتحقق بعض الأهداف يقل العطاء، وقلة العطاء من قبل أي طرف تمثل مشكلة عند الطرف الآخر.

وينصح حمد الأزواج في هذه السن بالحرص على تجديد حياتهم وكسر الروتين، بمختلف الوسائل، التي قد تكون بسيطة وسهلة جدًّا، كالتنزه أو تقديم الهدايا، وإحياء مناسبات ذكرى الزواج وميلاد الزوجين والأبناء، إضافة إلى اعتماد لغة الحوار، وتجنب المقارنات بحياة الآخرين.

ويؤكد أن تخطي هذه المرحلة بسلام يحتاج إلى تهيئة مسبقة، وأن يكون للأزواج خلفية معرفية عمّا يمكن أن يمرّوا به بعد سن الأربعين.

ويحذّر حمد من أن التغيرات السلبية قد تستمر لو غاب الحوار والعطاء والعاطفة، ولم يهتم الزوجان بتطوير العلاقة بينهما، فقد يصل الأمر إلى الانفصال، مؤكدًا ضرورة اهتمام الطرفين بإيجاد بدائل لهذه الحالة السلبية والتفكير معًا للوصول إلى حلول منطقية.