عدَّ مختصان في شؤون القدس تسليم سلطات الاحتلال الإسرائيلي أمس، إخطارات جديدة بإخلاء وهدم 30 منزلًا في أحياء مقدسية عدة، تأتي ضمن المساعي المستمرة لتغيير الواقع الديمغرافي للمدينة المقدسة، داعين لوضع خطط واستراتيجيات لمواجهة الواقع التهويدي في المدينة.
كما أصدرت ما تسمى "محكمة الصلح" الإسرائيلية، قرارا بإخلاء بناية ناصر الرجبي في حي بطن الهوى ببلدة سلوان، لصالح "جمعية عطيرت كوهنيم" الاستيطانية، بحجة ملكية اليهود للأرض المقامة عليها البناية عام 1948.
تطهير عرقي
وقال رئيس لجنة حي سلوان فخري أبو دياب: "إن سلطات الاحتلال تمارس حملةً شرسة ضد أهالي القدس في محاولةٍ منها لتفريغ المدينة من سكانها الأصليين، وإحلال سكان غرباء مكانهم، وتهويد القدس وتغيير معالمها وتراثها، وتحريف تاريخها الأصيل".
وأضاف أبو دياب لصحيفة "فلسطين": "تسليم سلطات الاحتلال في أقل من 24 ساعة إخطارات بإخلاء وهدم 30 منزلًا في أحياء مقدسية عدة، مقدمة لاستيلاء المستوطنين عليها أو هدمها".
وعدّ رئيس لجنة حي سلوان تدمير سلطات الاحتلال منازل فلسطينيين في القدس، جريمة ترقى إلى التطهير العرقي، ورأى أن تلك الهجمة تأتي بضوء أخضر من الإدارة الأميركية، ووسط صمت دولي يصل إلى حد التواطؤ من جانب المجتمع الدولي.
ولفت إلى أن القضاء الإسرائيلي يشارك في الهجمة التي تشن على منازل المقدسيين بهدف هدم منازلهم والاستيلاء عليها، مستغربًا من مواصلة سلطات الاحتلال الحفريات أسفل المدينة المقدسة التي تتسبب في تشققات منازل المقدسيين ومنع ترميمها.
وحذر أبو دياب من تفريغ مدينة القدس وأحيائها من سكانها الأصليين من خلال تلك الإجراءات الممنهجة، موضحًا أن الاحتلال يدعي بشكل مستمر أن الهدم يأتي بحجة عدم الترخيص، في الوقت الذي لا تعطي فيه أحدًا تراخيص البناء أو ترميم منازلهم.
وتوقع رئيس لجنة حي سلوان أن تشهد الأيام القادمة تهجيرًا للمقدسيين في حي بطن الهوى ببلدة سلوان، وحي وادي الحمص، وغيرهما، وطرد آخرين في حال لم تتحرك السلطة فورًا لوقف جرائم الاحتلال في القدس وأحيائها.
ودعا أبو دياب لوضع برامج وخطط على أرض الواقع لوقف الجرائم الإسرائيلية بحق الأرض والمنازل الفلسطينية، مضيفًا: "إذا لم نسارع في ردع الاحتلال فنحن مقبلون على كوارث بشرية وتاريخية في القدس".
هجمة شرسة
بدوره أكد المتخصص في شؤون القدس زياد الحموري أن مدينة القدس وأحياءها تتعرض لهجمات إسرائيلية كبيرة ومتعددة.
وقال الحموري لصحيفة "فلسطين": "جهات عدة في حكومة الاحتلال وبلدية القدس والجهات القضائية تتواطأ لتنفيذ عمليات الهدم الممنهجة لتهجير الفلسطينيين قسرًا وذلك ضمن مساعيها لتغيير الواقع الديمغرافي في المدينة".
وأوضح أن الهدف من سياسات الاحتلال تلك "حصار المدينة المقدسة وتغيير واقعها الديمغرافي، وتسريع خطوات هدم القدس والمسجد الأقصى المبارك وإقامة هيكلهم المزعوم على أنقاضه".
وقال: "سلطات الاحتلال تسابق الوقت لتفريغ القدس من سكانها الأصليين، وتغيير طابعها الديمغرافي والجغرافي على مرأى ومسمع العالم".
وحث الحموري السلطة الفلسطينية للضغط على المجتمع الدولي والتوجه للجنائية الدولية لوقف تغول الاحتلال على منازل المقدسيين وحماية سكانها، ودفعها لتنفيذ القرارات الدولية التي اتخذتها بشأن مدينة القدس.
كما دعا المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته تجاه القدس وسكانها وحمايتهم باعتبارهم سكان منطقة محتلة بموجب قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة.
تهديد خطير
وأكدت حركة حماس أن قرار الاحتلال بإخلاء المنازل المقدسية بسبب التصدعات والانهيارات فيها نتيجة الحفريات المتواصلة "يشكل تهديدًا خطيرًا لتهويد مدينة القدس وتغيير معالمها من خلال التهجير القسري لأهلها".
وقال الناطق باسم حماس عبد اللطيف القانوع في بيان أمس: "إن قرارات الاحتلال بإبعاد العلماء عن المسجد الأقصى والتي كان آخرها إبعاد الشيخ عكرمة صبري خطيب المسجد الأقصى إفلاسا وتخبطا يعيشه الاحتلال ".
ودعا إلى مضاعفة الجهود والمشاركة الفاعلة في شد الرحال للمسجد الأقصى والرباط في ساحاته، كما دعا كل أبناء شعبنا الفلسطيني وأبناء أمتنا العربية والإسلامية إلى دعم أهلنا في مدينة القدس وتعزيز صمودهم وتثبيت وجودهم في مواجهة مخططات الاحتلال التي تعمل على تفريغ مدينة القدس من أهلها الأصليين المقدسيين.
وأضاف القانوع: "معركة شعبنا المفتوحة مع الاحتلال ستُفشل مخططات الاحتلال العنصرية، وستسقط أي محاولة لفرض واقع جديد في مدينة القدس، وشعبنا الفلسطيني العظيم سيحافظ على هوية المسجد الأقصى بصموده الأسطوري وإرادته الثابتة".