قائمة الموقع

ءالطفل "عزام" يبرُّ والده المُتوفى بحفظ القرآن

2020-01-20T13:42:00+02:00
C08A4593.JPG

حتى هذه اللحظة لا يزال صوت والده وهو يرتل آيات من القرآن الكريم يرن في أذنيه، وكأنه قبل أيام قليلة، ولكن كان ذلك وهو طفل صغير لم يتجاوز أعوامًا عدة من عمره، وقد بات الآن يتيم الأب.

كان والده المُتوفى يقرؤه بصوت عالٍ متعمدًا حتى يسمعه أطفاله، ويعلقهم بالقرآن، ويكون لهم قدوة، ويغرس تلك البذرة من صغرهم ليضمن نموها في بيئة خصبة قبل أن تجتاحها أي مؤثرات خارجية.

الطفل عبد الله سالم عزام (13 عامًا)، من سكان مدينة غزة، يحفظ من القرآن الكريم 10 أجزاء، يقول: "كان والدي (رحمة الله عليه) يعزز فيّ وفي إخوتي القيم والمبادئ القرآنية، فمنذ أن كنت أبلغ عامًا كان يصحبني معه إلى المسجد مع أننا كنا في الغربة".

كان عبد الله يجلس مقابل والده الذي كان يراجع القرآن دائمًا بعدما أتم حفظه كاملًا، ويهمس له: "أريدك أنت أيضًا أن تحمل القرآن في قلبك وعقلك حافظًا لآياته وعاملًا بها"، ولهذا كان يلحق أبناءه وبناته بحلقات تحفيظ للقرآن حتى في أثناء وجودهم بالإمارات.

يوضح الطفل عزام أنه سار على نهج والده وإخوته في حفظ القرآن، الذي بدأ حفظه وهو في سن سبعة أعوام حفظًا متقطعًا تبعًا للظروف والأهواء، ومنذ ثلاثة أعوام كثف جهوده في الحفظ المتواصل، حتى أتم حفظ 10 أجراء كاملة.

"أصبحت أحفظ القرآن بوعي وإدراك، وكان دافعي لذلك هو أن أحفظ كلام الله وأتدبر أوامره ونواهيه، وأفهم كيف كانت حياة الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) وأصحابه والرسل من قبله، والمناهج التي يتحدث عنها القرآن، وأقتدي بوالدي وأعتني بالبذرة التي زرعها منذ طفولتي" يواصل كلامه.

وبكل ثقة بالنفس يتابع: "حفظي للقرآن ساعدني كثيرًا على حفظ دروسي في المدرسة، وخاصة فيما يتعلق بمادة التربية الإسلامية، وتفاصيل السور القرآنية، والتفريق بين المدنية والمكية".

ويتحدث الطفل عزام كالشاب الواعي المتفهم لمصلحته: "أجدول حفظي في المدرسة حسب دراستي ووقت فراغي، وأكرس وقتي وتعبي وجهدي في الإجازة لحفظ القرآن، وفي حال لم يكن لدي وقت للذهاب إلى المسجد تسمّع لي والدتي".

ذات مرة في حصة فراغ نظم أحد مدرسيه في المدرسة مسابقة أجمل صوت في القرآن، فجود آيات حكيمة بصوت طفولي أثار إعجاب زملائه ومدرسه، وخاصة إجادته أحكام التلاوة والتجويد، فطلب منه معلمه أن يعتلي منصة الإذاعة المدرسية ليقرأ القرآن على مسامع المدرسة، وتملكه التوتر لكونه أول مرة، وخوفًا من أن يخطئ في القرآن رغم قوة شخصيته وطلاقة لسانه.

"تلك الآيات التي أحفظها لن أجعلها حبيسة صدري، بل ستكون دواء لكل مريض، فلن أبخل عن موجوع من كلام الله الذي فيه شفاء للصدور، فسأرقيهم بكلامه الشافي المعافي، كما أفعل الآن مع والدتي، فعندما أراها تتألم أضع يدي على رأسها وأقرأ عليها ما أحفظ من آيات الرقية الشرعية" يضيف الطفل عزام.

وتبين والدته أنها وإخوته الأكبر منه دائمو التشجيع له، ومتابعة آلية حفظه مع شيخه في المسجد، فقد حملت رسالة زوجها من بعده أن يكون أبناؤهم من حفظة كتاب الله قبل أن يكونوا من حملة الشهادات الجامعية.

توفي والده وسنه ستة أعوام، ومع ذلك ظل محافظًا على نهجه في حفظ القرآن، ويسقي البذرة التي زرعها باهتمام وجهد حتى يحقق حلمه بحفظه كاملًا في مدة قصيرة، ليلبسه ووالدته تاج الوقار، وأن يصبح طبيبًا.

اخبار ذات صلة