هما من قطاع غزة المظلم بسبب الحصار، والإغلاق المستمر للمعابر، والأوضاع الاقتصادية السيئة، ومعدلات للبطالة في أعلى مستوياتها ويقابلها أيضًا ارتفاع لمعدلات الفقر، إنهما الشقيقتان التوأمان أسماء وسجى اللتان رأتا أن على هذه الأرض ما يستحق الحياة، بجانبها المشرق والحياة الجميلة، فحاولتا أن تبرزا جمال غزة عبر قناتهما على موقع يوتيوب، بإمكانياتهما البسيطة.
أسماء وسجى تدرسان الهندسة المعمارية في الجامعة الإسلامية مستوى ثالث، بأسلوب مرح وشيق، وبكاميرا خاصة عملتا على إيصال صورة جميلة عن قطاع غزة المحاصر، خاصة بعدما وصلت لهما فكرة من الخارج مفادها أن لا حياة في غزة.
تقول أسماء: "في أغلب الأحيان يسعى الإعلام إلى تركيز ضوئه على معاناة أهالي القطاع في ظل المآسي التي يعيش فيها، في ظل عدم وجود كهرباء، وبطالة، وإغلاق متواصل للمعبر"، فميولها للتصوير منذ عامها السابع، جعل منها مصورة حرة، إلى جانب أنها كاتبة حرة لدى ثلاثة مواقع ناطقة باللغة الإنجليزية، فميولها الكتابية خاصة فيما له علاقة بالجانب المشرق والملهم لدى شباب غزة، وحبها للتصوير ساعدها في عمل قناة اليوتيوب.
تتشابهان في ملامحهما وحتى في المرح، وطريقة عرضهما للقضية جعلت منهما "توينز" متشابهًا بالشكل والأسلوب، وقطع الطريق على تفكيرهما في حسم أمرهما بشأن عمل القناة، فقد استغرق التفكير والتخطيط في إطلاقها ما يقرب عاما كاملا، فكان جُل تفكيرهما في طبيعة المحتوى الذي ستقومان بعرضه.
فخرجتا بمحتوى يبين لشباب غزة أولًا وللشباب بالخارج صورة غزة بعيونهم الشبابية كمحتوى ترفيهي تعليمي عن المدينة خاصة في ظل غياب المحتوى الإنساني وما له من إظهار للجانب الجميل في حياة الغزيين.
تقول سجى: "أغلب ما يعرض هو محتوى سياسي وإعلامي بحت، يتم من خلاله سرد ما يدور من أحداث، فشعرنا بغياب المحتوى الخاص بالناس العاديين وحياتهم اليومية الطبيعية لسكان غزة، والجانب الجميل لهذه المدينة؛ لا سيما نظرة من يراها في الداخل والخارج بالبائسة في ظل ما يتم تسويقه عبر مواقع التواصل الاجتماعي".
وبعد عيد الأضحى شعرتا بأنه جاء الوقت المناسب لإطلاق شرارة عملهما بقناة على اليوتيوب، فخططتا للمشاهد والأماكن التي يمكن منها الانطلاق للتصوير فيها، وتم عمل مونتاج وإخراج لنشره على اليوتيوب، "وتفاجأنا من ردة فعل الناس الإيجابية حول الفيديو وإعجابهم بطريقة طرحه، وخاصة المتابعين من الخارج فلم يكونوا يتوقعون وجود حياة على هذه البقعة المظلمة، لأن الإعلام لا يسلط الضوء بصورة كافية على هذا الجانب"، وفق قول أسماء.
ووجودهما في هذه القناة كفتاتين تقومان بهذا العمل بمثابة رسالة كبيرة أن الفتاة يمكن أن تقوم بأي عمل خاصة أن أهل غزة يتسمون بطبعهم المحافظ، موضحة أنه من خلال ما تقومان به تمكنتا من إبعاد الصورة النمطية عن السيدات والنساء في المجتمعات الشرقية بأنها مضطهدة أو مسلوبة الحرية، وكونهما محجبتين فهي رسالة أيضًا بأن الفتاة المحجبة يمكن أن تقوم بأي شيء وتصل إلى طموحاتها وأحلامها.
وبمعنويات مقبلة على الحياة وحب لما تقومان به استطاعتا أن تقدما أفضل ما لديهما، وأن تتلقيا التعليقات التي كانت منها تشجيع على الاستمرار، وأخرى كنصيحة من مختص على طريقة التصوير تقبلتاها بصدر رحب.
ووفق دراستهما للهندسة المعمارية وما تتضمنها من مساقات لها علاقة بالعمارة، ركزتا على موضوعات مختلفة فتطرقتا للحديث عن عيد الأضحى، وغزة القديمة، وذهب غزة الأحمر، فاستطاعتا من خلالها أن تفكرا خارج الصندوق من خلال ركوب الخيل وممارسة التأمل، وكل ما يحلو لهما.
وبينت أسماء أنه يتم اختيار الأماكن بناء على فكرة الفيديو بشكل أساس، ويتم اختيار أنسب الأماكن للتصوير، كما وتأخذا بعين الاعتبار اختيار الأماكن التي يحب أن يراها الناس سواء كانوا يعيشون داخل غزة أم خارجها، مثل فيديو غزة القديمة والأماكن الأثرية وخاصة أن كثيرًا من الناس داخل غزة ولا تعرف عنها شيئًا.
ومن العقبات التي تواجههما، أشارت أسماء إلى ضيق الوقت، خاصة أن دراستهما الجامعية تحتاج الكثير من الوقت لإتمام المشاريع، ومع ذلك يتحتم عليهما كل فترة وأخرى أن تخرجا بفيديو جديد للمتابعين، إلى جانب نقص في المعدات، فتصور بكاميرتها البسيطة، وفي بعض الأحيان تضطر إلى استعارتها من صديقاتها، فتعدّ عقبة بالنسبة لهما خاصة أنهما تسعيان إلى إنتاج فيديوهات مميزة.
بجهودهما استطاعتا أن تقوما بعمل فريق متكامل، من مهمة المخرج والمنتج والمصور والمقدم، فتمكنتا عبر القناة أن تصبحا منصة بعيون المسافر الذي يندهش من معالم كل صغيرة وكبيرة في المدينة، أي أنهما تنظران للأماكن بعين المسافر وليس بعين المقيم.
وختمت حديثها: "خسارة أن يتخرج الشاب والشابة من الجامعة بشهادة جامعية فقط، إنها دعوة منا للبحث عن المواهب وشغف كل إنسان في الحياة، ونطمح أن تصل الفيديوهات إلى أكبر شريحة من الناس ونزور المدن الفلسطينية ونطلع على الحضارات المختلفة، ونغير الصورة النمطية السوداوية عن غزة".