تشكو بعض الأمهات من غياب دور الأب في التربية ، واقتصار دوره على توفير احتياجاتهم الأساسية، معتقدًا أنه يقوم بدوره تجاه أبنائه وزيادة، وأن التربية مهمة الأم كونها تقضي ساعات طويلة مع أبنائها.
صحيفة "فلسطين" توجهت بسؤال للمواطن محمد عبد القادر عن دوره في تربية أبنائه، وردًّا على ذلك يقول: "أعمل في وظيفتين حتى أؤمن لهم حياة كريمة، وأوفر لهم لقمة العيش الهنية، ولا أحرمهم من أي شيء".
ويرى -وهو أب لأربعة أبناء- أن توفير الاحتياجات اللازمة، ومستوى معيشي يوفر لهم شيئًا من الرفاهية أهم ما يحتاجه الأبناء، فانشغاله عنهم ما هو إلا من أجلهم، لذلك يوعز مهمة تربية وبناء شخصية طفله للأم التي تلازمه طيلة ساعات النهار.
أما الأم فتشتكي أنه حتى في حال تواجده في البيت فإنه يكون منشغلًا في هواتف المحمول، والحديث مع أصدقائه، فلا ترى له أي أثر في بناء شخصيتهم.
من جهتها خولة ناصر وهي أم لثلاثة أطفال، تبسمت في دردشة مع صحيفة "فلسطين"، قائلة: "هناك فارق كبير وعجيب بين أب اليوم، وأب زمان الذي كان يحمل كل الهيبة بمجرد سماع صوته، كون مشاركًا ومتابعًا لأبنائه، رغم أنه كان يغيب طويلًا عن البيت".
وتعد أن بعض الآباء حاليًا "ليس لهم دور في تربية أبنائهم، ولم يعد أطفالهم يهابون الأب كما كنا في الماضي نترجى والدتنا ألا تخبره بأخطائنا".
دور أساسي
بدوره يقول رئيس قسم الاختصاصيين النفسيين والاجتماعيين في الإدارة العامة للصحة النَّفسية إسماعيل أبو ركاب: "هناك الكثير ممن يربط مفهوم التربية بالأمّ، في تجاهل لدور الأب في ذلك وأهميته في بناء شخصية الطفل، وخاصة أننا نعيش في مجتمع شرقي وزمام أمور الأسرة في قبضة الرجل".
وفي حديث مع صحيفة "فلسطين"، يشير إلى أن بعض الآباء يوعُزون مهمة تربية الأبناء للأمهات ليس بحجة الانشغال في توفير لقمة العيش فقط، بل لجهله أهمية دوره في تربية طفله، وتكوين شخصية متوازنة، فالأسرة بمكوناتها قائمة على منهجية خاصة ودعائم قوية في علاقاتها فيما بينها.
ويوضح أبو ركاب أن وجود الأب في حياة الأبناء خاصة، وهم صغار هو أكبر وازع للعيش في استقرار وتوازن، فدوره مركزي ووجوده يعني القدوة والسلطة والرعاية، وذلك ضروري في تربية الطفل وإعداده.
ويتابع: "الأم والأب كميزان كفتين لا يمكن أن تطغى كفة على حساب الأخرى، لأن لكل كفة دورها التي لا يمكن للطرف الآخر القيام به، فالأم أساسية في حياة الطفل منذ ولادته، والأب له مهمة تقديم الحنان الأبوي وحماية الطفل والتواصل معه والتقرب منه، حتى ينشأ على أسس تربوية سليمة".
ويؤكد أبو ركاب أنه لا يمكن أن يقتصر الرجل دوره على توفير المأكل والمسكن والملبس حتى لا يدخل ضمن نطاق رب الأسرة الديكتاتوري المتسلط، كون مشاركته في غاية الأهمية، ليكون الطفل ذا شخصية قوية قادرة على اتخاذ القرار، خاصة أنه يعتمد في تفكيره في المستقبل على الأب.
ويبيّن أنّ إحساس الطفل بوجود رادع ورقيب له من قبل الأب يجعله حذرا من الوقوع في الأخطاء، كما على الوالد التقرب من أطفاله، وقضاء بعض الوقت معهم، وفتح مجال للحوار والنقاش معهم لتقوية شخصيتهم وزيادة ثقتهم بأنفسهم، ويشعرهم ذلك بوجود سند لهم في حال واجهتهم مشكلة.
ويختم أبو ركاب حديثه: "على الآباء بذل قصارى جهدهم في أن يكون لهم دور كبير في التربية، فهم النموذج الأول والقدوة لأبنائهم، فلهم دور رئيس ولا ينتهي بمرحلة معينة".