إنها عدوى "ضم الضفة والأغوار" أو إنه اليسار اللاهث خلف اليمين في (إسرائيل)، هذا هو معنى ما كشف عنه أحد كبار المحققين الصحفيين في (إسرائيل) رفيف دروكر في صحيفة هآرتس يوم (13-1)، من أن الدوافع الحقيقية لإعلان نتنياهو عزمه ضم الأغوار، وذلك وفق مصدر كبير وموثوق في الليكود، هي حرص نتنياهو على تحقيق السبق والمبادرة بعد أن وصلته معلومات تفيد بأن رئيس الحزب المنافس أزرق أبيض بيني غانتس يعتزم استخدام ما يعد على نطاق واسع في (إسرائيل) كورقة رابحة ومفاجئة والإعلان قبيل الانتخابات عن عزم حزبه ضم الأغوار في (إسرائيل)، وذلك في حالة فوزه في انتخابات الكنيست، وقد حذر دروكر من مخاطر تحول مناورات الضم الانتخابية إلى حقيقة واقعة تحظى بإجماع الأحزاب الكبيرة في (إسرائيل).
يعد تبني خطاب الضم في أوساط واسعة في (إسرائيل) انتصاراً ملحوظاً لخط اليمين الاستيطاني، وتراجعاً كبيرا في أطروحات ومواقف اليسار مع الإشارة إلى أن الخلاف السابق – والذي يبدو أنه تلاشى مع تبني غانتس بضم الأغوار -كان حول مدى الضم وليس فكرة الضم بحد ذاتها، وها هو حزب أزرق أبيض الممثل الرئيس لأحزاب المركز يسار يتبنى ليس فقط فكرة الضم، وإنما المدى والحجم الذي دعا إليه اليمين طوال السنوات السابقة.
إن لحوق اليسار بركب الضم إنما هو جزء من ظاهرة تضاؤل اليسار وتراجع مؤيدي الحلول حتى وإن كانت هزيلة مع الفلسطينيين، مما يعد ضربة قاسية إضافية لكل من يعوّل في الجانب الفلسطيني على نهج التفاوض والتسويات السلمية، وعلى رأسهم رئيس السلطة محمود عباس، وقد تبدو تهديدات أحد قيادات القائمة العربية المشتركة وعضو الكنيست أحمد الطيبي والموجهة لأعضاء حزب أزرق أبيض ويوعز هندل على وجه التحديد أن يتوقفوا عن خطاب الضم وإلا فلن يصوت لصالحهم لتولي رئاسة الوزراء، تعبيرا عن الضائقة والحرج الذي وقع فيه المراهنون على التسوية السلمية أكثر منه تهديدا فارغ المضمون.
بقيت الإشارة إلى أن ما يجري على الأرض في الضفة الغربية والقدس من مصادرة الأراضي وما يقابلها من تمرير وإقرار قوانين في الكنيست هو ضم تدريجي وغير معلن للتأكد من القضاء التام على فكرة الدولة الفلسطينية، وذلك على الرغم بل قد يكون إمعاناً في مغالبة ورفض قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2334 والذي يعد أقوى قرار أممي يدين ويجرم الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
من الضروري التأكيد أن مواجهة الفلسطيني لكل التطورات العنصرية والاحتلالية الاستيطانية في (إسرائيل) لا يمكن أن تتم دون توحيد الجبهة الداخلية الفلسطينية على قاعدة ما تم الاتفاق عليه بين كافة الفصائل الفلسطينية وعلى رأس ذلك وثيقة الأسرى واتفاق القاهرة وغيرها.