فلسطين أون لاين

تقرير هل تصنع الأم ابنًا اتكاليًّا في بيتها؟

...
صورة أرشيفية
غزة/ هدى الدلو:

اعتاد خالد (14 عامًا)  كل يوم أن يستيقظ للذهاب إلى مدرسته تاركًا خلفه حالة من الفوضى تعم غرفته الخاصة، فيترك سريره دون ترتيب، وملابسه ملقاة على الأرض، فضلًا عن كتبه ودفاتره التي تفترش سطح مكتبه، وكانت والدته تعتقد أن سبب ذلك تأخره عن المدرسة.

لكن مع تكرار هذا المشهد يوميًّا أيقنت والدته أنه يترك لها مهمة الترتيب والتنظيف وجمع الملابس، وغير ذلك مما يجب أن يقوم به بنفسه.

لكن السؤال الذي يفرض نفسه: هل قيام الأم بهذه المهام عوضًا عن ابنها يعني أنها نشَّأت ابنًا اتكاليًّا، يتصرف في البيت وكأنه ضيف ليس له علاقة بأي شيء؟

يقول الاختصاصي النفسي حسن عيوش: "السبب الأول والأخير في ذلك يرجع إلى الطريقة التي يتبعها الأهل في تربية أبنائهم، إلى جانب وجود بعض الثقافات الخطأ لدى كثير في مجتمعنا، تتمثل في أنه من أشكال التربية السليمة هي أن يقوم الأهل بتقديم كل احتياجات طفلهم، حتى لو كان يستطيع القيام بها".

ولصحيفة "فلسطين" يضيف: "كذلك الدلال الزائد لدى بعض العائلات، كما يلعب نوع الطفل دورًا واضحًا في هذه القضية، فنرى دائمًا أن بعض الأسر تقوم بخدمة الطفل الذكر وجلب ما يحتاج له إليه، بدلًا من تعليمه تلبية احتياجاته بنفسه، بل يعتمد في ذلك أيضًا على أخواته البنات".

ويوضح عيوش أنه يترتب على هذا الأسلوب في التربية الكثير من المشاكل التي ستواجه الأسرة والطفل، ومنها عند وصول الأخير إلى سن الروضة أو المدرسة سيصبح لزامًا أن يبقى وحده مدة من الزمن داخل الروضة والمدرسة.

ويشير إلى أن الطفل في تلك المدة سيكون قادرًا على تلبية احتياجاته بنفسه، وهنا تقع المشكلة إذ يجد نفسه بحاجة إلى شخص يقدم له كل الاحتياجات، وهذا غير متوافر فيبدأ بداية كره المدرسة أو الروضة ويرفض الذهاب إليها.

ويتابع عيوش: "هذا السلوك التربوي يحد من التعلم الاجتماعي للطفل، والتعلم بالممارسة، إذ لا يترك له مجالًا لاكتشاف ما حوله، ومواجهة المشكلات ومحاولة حلها، كذلك في أغلب الأحيان يحتاج لأحد أن ينجز له وظائفه المدرسية، وبهذا يكون اتكاليًّا، ويساهم في تراجع تحصيله الدراسي".

ويبين أنه في أغلب الأحوال يصبح شخصًا منعزلًا، وتتكون لديه شخصية اتكالية وغير منجزة، وكذلك يكون مستوى الدافعية لديه قليلًا، ويواجه هؤلاء الأشخاص مشكلات كثيرة في حياتهم نظرًا لعدم تمتعهم بالمهارات الحياتية التي تكتسب بالخبرة والممارسة والمحاولة.

ويلفت عيوش إلى أن ذلك يعكس شعورًا بالإحباط والخيبة لدى والدَي الطفل عندما يشاهدان طفلهما يكبر أمامهما ولا يستطيع مواجهة مشكلة بسيطة وحده، ودائمًا يحتاج إلى مساعدة من الآخرين.

ومع ذلك يمكن معالجة الأمر بأن يتدارك أولياء الأمور أخطاءهم التربوية، ومنح الطفل مساحة ليتمكن من مواجهة الحياة، إلى جانب تعويد الطفل ترتيب مكانه ومكان نومه، وإيكال مهام له غير شاقة وخفيفة وغير خطيرة، وتبعث فيه الثقة بالنفس.

ويتمم عيوش بتأكيد أن من المسلمات المتفق عليها هي أنه يجب توفير احتياجات الأطفال كافة ومنحهم حقوقهم، ولكن يجب إشراكهم ومنحهم واجبات تكسبهم مهارات حياتية تؤهلهم لخوض معترك الحياة.