فلسطين أون لاين

الدعم الأوروبي المشروط.. انحياز سياسي جديد لا يخدم الفلسطينيين

...
غزة/ أدهم الشريف:

شكّل الدعم الأوروبي محطة مهمة للشعب الفلسطيني الذي تلقاه لسنوات من خلال السلطة الوطنية ومؤسسات المجتمع المدني، في غزة والضفة الغربية والقدس المحتلتَيْن.

وقال عضو الهيئة التنفيذية لشبكة المنظمات الأهلية تيسير محسين إن الاتحاد الأوروبي يعد من أكبر الداعمين للشعب الفلسطيني، وتاريخيًّا كان الموقف الأوروبي يميل إلى التضامن مع الشعب الفلسطيني منذ أواخر سبعينيات القرن الماضي لأسباب عدة: علاقة الجوار فيما يتعلق بالبحر الأبيض المتوسط، وتجربة أوروبا في الحروب وما بعد الحرب العالمية الثانية، واستخلاص الدروس والعبر القريبة لنصرة الشعوب المضطهدة، وتأنيب الضمير لأن أوروبا الاستعمارية كانت سببا في مآسي شعوب عديدة منها الشعب الفلسطيني.

لقد كان وعد "بلفور" الذي منح اليهود "وطنًا قوميًا" على أرض فلسطين مصدره بريطانيا.

لكن هذا الموقف الأوروبي عامة أصبح في حالة تراخٍ وتراجع تجاه الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة.

ويقول محسين في تصريح لـ"فلسطين"، إن سبب ذلك "النزعة الشعبوية اليمينية" التي هيمنت على أوروبا، أخيرًا، مع صعود اليمين ونجاحه في أكثر من 11 دولة أوروبية.

وبين أن أغلبية البرلمان الأوروبي حاليًا أصبحت محسوبةً على "الشعبوية اليمينية" الذين يتسمون بالعنصرية والمواقف ضد الأجانب والمسلمين، وتوجهاتهم شبيهة بتوجهات رئيس الإدارة الأمريكية دونالد ترمب.

كما نبَّه محيسن إلى ضغوطات كبيرة مارستها وزارة الشؤون الإستراتيجية في (إسرائيل)، ورئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو بنفسه، للامتناع عن تمويل بعض المنظمات الفلسطينية، وخاصة منظمات حقوق الإنسان، وشبكة المنظمات الأهلية، بادعاء أنها تدعم الإرهاب، وخاصة حركة المقاطعة".

ونبَّه إلى أن أوروبا بدأت أخيرًا في التجاوب مع هذه الضغوط، واتخذ الاتحاد الأوروبي قرارا في 2009، يحظر على المنظمات الفلسطينية التي تحصل على تمويل أوروبي من استخدام هذا التمويل لدعم كيانات يسميها الاتحاد "إرهابية"، ويقصد بها الفصائل الوطنية.

ولفت محيسن إلى أن الدعم الأوروبي المقدم للفلسطينيين سياسي، لكن المنظمات التي كانت تستقبل هذا الدعم استقبلته بصفته حقا من حقوق شعبنا لكن دون شروط سياسية، خاصة الشروط التي تتعارض مع حقوق الشعب وفق الشرعية الدولية.

وأشار عضو الهيئة التنفيذية لشبكة المنظمات الأهلية إلى "أن الاتحاد الأوروبي بشروطه الجديدة، يساوي بين النضال الفلسطيني العادل و(الإرهاب)، ونحن نعترف بمفهوم الأمم المتحدة (للإرهاب)، لكننا لا نقبل إدراج تنظيمات فلسطينية مثل الجبهة الشعبية أو حماس على قائمة (الإرهاب)".

بدوره قال الناشط في المجتمع المدني محسن أبو رمضان: إن "التمويل المسيس مرفوض عمومًا ويتناقض مع القانون الأساسي الفلسطيني في مادته الـ32، كما ترفض تضمين مؤسسات وكيانات وأحزاب فلسطينية في دائرة (الإرهاب)".

وأضاف أبو رمضان لـ"فلسطين": "نعد حالنا ضحية لإرهاب دولة الاحتلال، والكفاح الوطني حق مشروع وعادل وفق القانون الدولي وحق الشعوب في تقرير المصير".

وعد أن شروط الاتحاد الأوروبي تسهم في تشتيت بنية المجتمع من خلال التمييز بين المستفيدين -من المدرج في قائمة الإرهاب الأوروبي، ومن غير مدرج؟- "وبالتالي بدلاً من تقديم المنفعة لمن يستحقها ويحتاج إليها، تصبح الاشتراطات الأمنية والسياسية تتقدم على ذلك".

وأضاف: "هذا سيؤدي إلى حالة تفسخ في المجتمع، وهو غير مقبول في المجتمع المدني، لأننا كشعب بكل مكوناته ضحية لإرهاب الدولة المنظم، وضحية للاحتلال والاستيطان والحصار وضم الأراضي".

كما أكد أن كفاح الشعب الفلسطيني مشروع وفق القانون الدولي والإعلان العالمي لحقوق الإنسان.