جلست الحاجة نجاح شمالي "أم ناصر" على كرسي خشبي، خلال مشاركتها في الاعتصام الأسبوعي لأهالي الأسرى المقام أمام مقر اللجنة الدولية للصليب الأحمر بغزة، وأحنت رأسها للنظر في صورة نجلها أحمد شمالي، متسائلة: "هل يكون العام القادم (2020م) عام تحريرك من الأسر؟".
ويحرم الاحتلال "أم ناصر" زيارة ابنها أحمد منذ عام ونصف العام، دون إبداء أسباب المنع.
ولم تتردد في الحديث إلى صحيفة "فلسطين" عن حجم الألم والمعاناة اللذين يجتاحان قلبها مع غياب نجلها منذ 11 عامًا، قائلة: "أنا بصحة جيدة، ودير بالك على حالك يما، كيف أنت وجميع الأسرى؟، لا تقلق عليّ، أنا بخير والجميع بخير وخلي معنوياتك عالية".
ولم تفقد "أم ناصر" الأمل مع قدوم العام الجديد في أن تكحل عينها وجميع أهالي الأسرى برؤية أبنائهم محررين من خلف قضبان الاحتلال.
ويقبع الأسير شمالي في سجن "نفحة" ويقضى حكمًا بالسجن 18 عامًا.
صفقة تبادل
ولا يختلف الحال كثيرًا لدى المسنة نجاة الأغا، التي عدت 2019م العام الأسوأ على الأسرى وذويهم بسبب إجراءات الاحتلال وسياساته بمنع الأهالي من الزيارة.
وكانت الأغا تجلس -وهي في العقد السابع من عمرها- رافعة بين يديها صورة نجلها "ضياء" الذي يقضي حكمًا بالسجن المؤبد مدى الحياة، ويقبع في سجن "نفحة".
وأكدت أن الاحتلال يحرمها زيارة نجلها منذ نحو عام، بزعم "المنع الأمني" دون إبداء أسباب المنع، مشيرة إلى أن إدارة السجون تواصل انتهاكاتها بحق الأسرى رغم مخالفة ذلك جميع القوانين والمواثيق والأعراف الدولية التي كفلت حقوقهم.
وحملت الأغا منظمات حقوق الإنسان واللجنة الدولية للصليب الأحمر والأمم المتحدة المسؤولية عن جرائم الاحتلال المستمرة بحق الأسرى، مطالبة إياها بالوقوف عند واجباتها والضغط على الاحتلال كي ينهي معاناتهم ويسمح بالزيارة إلى حين إطلاق سراحهم.
ودعا عدد من أهالي الأسرى في أحاديث منفصلة إلى "فلسطين" المقاومة الفلسطينية -وعلى رأسها كتائب القسام- لتحرير أبنائهم في صفقة تبادل مشرفة، والضغط على الاحتلال لوقف جرائمه بحقهم، مستبشرين بقرب إنجاز صفقة تبادل تنهي معاناتهم.
وأم خيمة التضامن مع الأسرى المئات من المواطنين، وأهالي الأسرى، وأسرى محررون، وممثلون للمؤسسات العاملة في قضاياهم، ولجنة الأسرى للقوى الوطنية والإسلامية.
ورفع المشاركون صوراً للأسرى، ولافتات تطالب "الصليب الأحمر" وجميع الهيئات والمؤسسات الدولية بالقيام بمسؤولياتها تجاه الأسرى والعمل على إطلاق سراحهم، مرددين هتافات داعمة لصمودهم خلف القضبان.
إستراتيجية متكاملة
من جهته أكد مسؤول ملف الأسرى في الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، مصطفى مسلماني، أن معاناة الأسرى في سجون الاحتلال تضاعفت خلال عام 2019م.
وذكر مسلماني لـ"فلسطين" أن عام 2019م كان الأصعب على الحركة الأسيرة، بسبب الإجراءات التعسفية والعقابية التي تمارسها إدارة سجون الاحتلال بحق الأسرى.
وبين أن الأسرى خلال عام 2019م خاضوا سلسلة من الخطوات الاحتجاجية والإضرابات رفضًا لسياسة الاعتقال الإداري، والعزل الانفرادي، والإهمال الطبي، وحرمانهم أبسط حقوقهم، ومصادرة أدواتهم، ومنعهم من الزيارة، ونقلهم من سجن إلى آخر.
ونبه مسلماني إلى أن كل المؤشرات تنذر بأن العام القادم سيكون أصعب على الأسرى، مؤكدًا ضرورة التوحد وإنهاء الانقسام لمواجهة جرائم الاحتلال الممارسة عليهم.
وشدد على ضرورة وضع إستراتيجية متكاملة لنقل ملف الأسرى إلى المحكمة الجنائية الدولية، لمحاسبة الاحتلال على الجرائم التي يرتكبها بحق الأسرى والمخالِفة لكل الأعراف والمواثيق الدولية.
في السياق ذاته نظمت لجنة الأسرى للقوى الوطنية والإسلامية وقفة تضامنية مع الأسير أحمد زهران، الذي يواصل إضرابه المفتوح عن الطعام منذ 93 يومًا، في ظروف صحية صعبة؛ رفضًا لاعتقاله الإداري.