قائمة الموقع

الحصار وعقوبات السلطة سبب تهاوى القطاعات الاقتصادية في غزة

2019-12-29T12:58:00+02:00

استمر التهاوي يشق طريقه في القطاعات الإنتاجية والتجارية المختلفة في قطاع غزة خلال عام 2019، ما ترك تأثيراته السلبية على الناتج المحلي، ودخل الأفراد، وبقيت معدلات الفقر والبطالة تراوح مكانها.

ويعاني قطاع غزة في مجال المالية العامة من جراء الانخفاض الملحوظ في الإيرادات ونقص السيولة النقدية بسبب الحصار واستمرار عقوبات السلطة الاقتصادية على قطاع غزة، وعدم تلقي المتضررين خاصة أصحاب القطاعات الاقتصادية تعويضات مالية.

ووفق المعطيات الاقتصادية تجاوزت نسبة البطالة في قطاع غزة خلال 2019 الـ54% مع وجود 300 ألف عاطل عن العمل، في حين وصلت البطالة بين صفوف الشباب الخريجين من الجامعات إلى 70%، وبين الفتيات الـ78%، أي أن أكثر من نصف سكان غزة فقراء، ويتوقع أن تصل نسبة الفقر لـ60%، ما لم تحدث حلول اقتصادية.

رئيس اتحاد الصناعات الخشبية، وضاح بسيسو، يقول: "إن الوضع الاقتصادي وخلال عام ٢٠١٩ كان أشد تأثرًا بالحصار المفروض على غزة وبانعكاسات الاعتداءات التدميرية المستهدفة للبنية التحتية والصناعية التي تعد أهم مكونات الاقتصاد الوطني التشغيلية مع غياب الإعمار الحقيقي وتوقف عجلة التنمية وإهمال ملف إعادة الإعمار للمصانع المتضررة وضياع الفرص التشغيلية للمصانع والشركات.

ويشير بسيسو لصحيفة "فلسطين" إلى أن الأزمة اشتدت في أعقاب عدم حصول الموظفين على نسبة عالية من رواتبهم في ظل وجود التزامات وقروض ومديونيات واجبة السداد، ما سبب ارتباكًا وخللًا في الساحات الاقتصادية والمجتمعية وتسبب في هجرة رؤوس الأموال، ووقف الاستثمار المحلي وفتح المجال لتحول خطير في المنظومة الاقتصادية.

وعبر عن أمله بتكثيف الجهود للعمل على مواجهة الظروف المعقدة بجدية في إطار تخطيط وطني إستراتيجي شامل للدخول إلى عام جديد يتم خلاله تصويب المسار وتعافي الاقتصاد الوطني وتشجيع الاستثمار وتحقيق نوع من الاستقرار المطلوب في ظل توافر الأمن والحماية للاستثمار.

تباطؤ النمو

علي الحايك رئيس جمعية رجال الأعمال في قطاع غزة يؤكد أن الاقتصاد في قطاع غزة لم يشهد أي تطور إيجابي وملحوظ خلال عام 2019 نتيجة تواصل الحصار الإسرائيلي والانقسام الفلسطيني للعام 13، ومحدودية التدخلات الحكومية والمساعدات والمنح الدولية.

ويحذر الحايك من أوضاعٍ اقتصادية وإنسانية واجتماعية أكثر سوءًا في عام 2020 حال بقاء الأوضاع على حالها، وعدم الحد من الآثار المتفاقمة للأزمات، وعلى رأسها البطالة والفقر والانعدام الغذائي، وحالة الشلل التي تعيشها الأسواق بفعل النقص الشديد في السيولة النقدية، ناهيك بالتوقف التام للقطاعات الإنتاجية والمصانع بالتزامن مع النقص غير المسبوق في المواد الخام ومنع التصدير وعدم تعويض أصحابها عن خسائرهم المالية التي تكبدوها على مدار سنوات الحصار والحروب العدوانية.

ويقول لـ"فلسطين": "نتحدث عن واقع اقتصادي ومالي مزرٍ في عام 2019 فمعدل النمو في غالبية النشاطات هو صفر، فلدينا شيكات مرتجعة بنحو 1.158 مليار دولار، وهو أعلى مستوى في تاريخ القطاع المصرفي الفلسطيني.

ويشير إلى أن القطاع الخاص لم يعد قادرًا على احتمال المزيد من الأزمات الاقتصادية في الوضع الراهن.

ويضيف الحايك أن دعم المنشآت الصناعية والتجارية المتوقفة عن العمل كليًّا وجزئيًّا يمثل أولوية قصوى لإعادة تشغيلها، بما يساهم في تخفيف أعداد العاطلين عن العمل والفقراء، مشددًا على ضرورة تفعيل البرامج التنموية الدولية وإعادة ضخ الأموال للمشاريع، لكونها الأكثر فاعلية، مع أهمية معالجة الخلل القائم في حركة دوران رأس المال الناتج عن انعدام السيولة النقديَّة، الذي أدى لتضرُّر مئات الشركات ورجال الأعمال، ودفعهم لتقليص النفقات، والاستغناء عن العاملين، وتخفيض أجور البعض منهم.

وأشار الحايك إلى أن حديث تقرير الأمم المتحدة الأخير، الذي حذر من أن قطاع غزة سيعيش أوضاعُا صعبة على صعيد النمو الاقتصادي وإمكانية الحصول على المياه الصالحة للشرب والكهرباء، هو أمر خطير يستوجب التدخل العاجل من جميع الأطراف المحلية والدولية لمنع ذلك، واتخاذ التدابير اللازمة لإنهاء هذه المأساة.

وطالب الحايك بضرورة رفع الحصار عن غزة وفتح جميع المعابر والسماح بحرية الحركة والسفر والاستيراد والتصدير، وإلغاء قوائم السلع الممنوعة وتمكين القطاع الصناعي من ممارسة نشاطه دون إعاقة، وإلغاء العمل بالآلية الدولية لإعادة الإعمار المعروفة بـ""GRM، لما يترتب عليهما من آثار كارثية أدت لتدمير اقتصاد غزة، مع ضرورة إعفاء القطاع الخاص لمدة زمنية من الضرائب والتعليات.

تراجع الاستيراد

وأكد عمر العجلة، رئيس اتحاد صناعة الألمونيوم السابق، أن عام 2019 هو الأسوأ من الناحية الاقتصادية عامة وعلى المستوردين والتجار والقطاع الصناعي خاصة.

وقال العجلة لصحيفة "فلسطين": لقد انخفضت نسبة استيراد البضائع عن طريق حاجز كرم أبو سالم إلى ما يعادل (40%) من البضائع، وذلك يرجع إلى ضعف القوة الشرائية للمستهلك، ما انعكس على التجار والتجارة الداخلية.

وأضاف العجلة أن الأعمال في القطاع الصناعي انخفضت بنسبة كبيرة تتجاوز (80%) وذلك من خلال عدم وجود مشاريع مبانٍ كمدارس ومستشفيات وأبراج سكنية وخلافه.

وشدد على أن عام 2019 يعد الأسوأ لأصحاب رجال الأعمال والصناعيين والتجار، كما أشار إلى القضايا المالية والمستحقات المرفوعة على نسبة كبيرة من التجار ورجال الأعمال.

كما كان عام 2019 كالأعوام السابقة في شدة سوئه على المتعطلين عن العمل.

وأكد الناشط في قضايا العمال د. سلامة زعيتر أن عام 2019 شهد ارتفاعًا في نسب البطالة ومعدلات الفقر، وانخفاض الأجور.

وقال أبو زعيتر لصحيفة "فلسطين": انخفضت أيام وساعات العمل في العديد من القطاعات الإنتاجية، وكثير من العمال يتقاضون معدل ٥٠% من الأجور انعكاسًا لظروف المشغلين.

وأضاف أبو زعيتر أن سوق العمل في قطاع غزة لم يكن لديه القدرة على استيعاب الخريجين، ما يساهم في التحاقهم بالبطالة، وأنه لا بد من تدخلات لتعزيز برامج التشغيل وخلق فرص العمل.

واقترح أبو زعيتر دعم حاضنات الأعمال، والعمل عن بعد والتشغيل الذاتي، ودعم المشاريع الصغيرة، ومتناهية الصغر، والعمل على مساندتها بالقوانين والتشريعات وتقديم التسهيلات لتطويرها.

كما يقترح دعم المشاريع التعاونية المنتجة، وتعزيز الوعي التعاوني في المجتمع، ودعم المنتج المحلي وفتح أسواق له والعمل على دعم التعليم التقني والمهني، وتطوير سياسات التعليم العالي حول التعليم المزدوج المهني, والأكاديمي فضلا عن البحث عن أسواق عمل بديلة والاهتمام بالأفكار الإبداعية الريادية للشباب وتبنيها.

منازل مهدمة

من جهته أكد النائب جمال الخضري رئيس اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار أن نحو 20% من المنازل المُدمرة كليًا بفعل عدوان الاحتلال على غزة عام 2014 ما زالت لم تبنَ، ولم يتم الإيفاء بوعود المانحين ببنائها.

وأكد الخضري أن أصحاب هذه البيوت يعيشون وضعًا إنسانيًا صعبًا، ومعاناتهم مُركبة وتضاف إليها المعاناة الإنسانية بفعل الحصار .

وقال الخضري إن مؤتمر القاهرة الذي عقد برعاية مصرية ونرويجية عقب العدوان، أوفى المانحون فيه ببناء نحو 80% من بناء المنازل المُدمرة، في حين لم يلتزم باقي المانحين.

وأضاف: "ما زالت مشكلة أصحاب هذه البيوت قائمة على مشارف عام 2020 (تحذيرات أممية بأن غزة غير قابلة للحياة إن استمرت الحالة الإنسانية بهذا السوء).

ودعا الخضري جميع الجهات التي تطلق هذه التحذيرات الخطيرة لأن تعمل سريعًا وعاجلًا لمعالجة المشكلات الإنسانية في غزة، وإقامة المشروعات التنموية تداركًا لما هو أقسى في الأشهر القادمة.

وشدد الخضري على أن إيفاء المانحين بتعهداتهم وبناء المنازل المدمرة التزام وواجب قانوني وأخلاقي وإنساني.

وشكر الخضري المانحين الذين أوفوا بالتزاماتهم، داعيًا من لم يلتزم لسرعة الاستجابة وإنهاء هذه المأساة وإغلاق ملف أخذ وقتا أكثر من الطبيعي.

وأكد الخضري أن قضية تعويض وإعادة بناء المصانع والمنشآت الاقتصادية تراوح مكانها، حيث لم يَحدث أي إنجاز حقيقي ينهي معاناة أصحاب المصانع المدمرة، وهي متوقفة عن العمل.

أوضاع الصيادين

من جهته أكد زكريا بكر، مسؤول لجان الصيادين، في اتحاد لجان العمل الزراعي، حاجة صيادي قطاع غزة لمحركات قوارب، وأجهزة كشف الأسماك في الأعماق، وأجهزة تحديد أماكن وجود الصيادين في عرض البحر.

وقال بكر لصحيفة "فلسطين": إن سلطات الاحتلال تواصل منع إدخال احتياج الصيادين من المحركات"، مبينًا أن الصيادين بحاجة إلى (300) محرك، لاستخدامها في تصنيع مراكب جديدة واستبدالها بمحركات قديمة.

كما طالب بكر بالضغط على سلطات الاحتلال لوقف إطلاق النيران وملاحقة الصيادين واعتقالهم في أثناء عملهم في عرض البحر، وقال: "إن سلطات الاحتلال نفذت منذ بداية العام 160 عملية إطلاق نار، و15 عملية قصف جوي وبحري استهدفت مراكب الصيادين، كما اعتقلت 33 صيادًا، وصادرت 12 قاربًا".

وفند بكر مزاعم الاحتلال بمواصلته الإفراج عن قوارب الصيادين كما يدعي في وسائل الإعلام، مبينًا أن الاحتلال ما زال يحتجز (26) قاربا وعشرات المحركات، لافتًا إلى أن الاحتلال حين يفرج عن قوارب محتجزة تكون دون محركاتها، وبالتالي لا يمكن إعادة استعمالها في ظل منع الاحتلال إدخال المحركات للقطاع.

وأكد بكر حق صيادي قطاع غزة بالإبحار بحرية حسب ما نصت عليه الاتفاقيات، كما شدد على وحدة المساحة البحرية والرفض المطلق لتقسيم البحر إلى أميال.

وقال بكر: "إن حصر الاحتلال الصيادين في مساحات ضيقة خالية من الأسماك يتسبب في الصيد الجائر و يهدد الثروة السمكية، مشيرًا إلى أن قطاع غزة تحول إلى مستورد للأسماك المجمدة بعد أن كان يصدر السمك الطازج إلى الأسواق في فلسطين المحتلة سنة 1948 وأسواق الأردن، وذلك بسبب عراقيل الاحتلال داخل البحر وعلى المعابر.

وتنص اتفاقية أوسلو بين منظمة التحرير والاحتلال وما تبعها من بروتوكولات اقتصادية، على حق صيادي الأسماك في قطاع غزة، بالإبحار لمسافة 20ميلًا، بهدف صيد الأسماك، لكن الاحتلال لا يلتزم بذلك.

وأهاب بكر بمؤسسات المجتمع الدولي والمؤسسات الحقوقية، والزراعية، للضغط على سلطات الاحتلال لرفع الحصار عن مواد مهمة تدخل في صناعة المركبات كالفيبرجلاس، والشباك، وقطع غيار المراكب يمنعها الاحتلال منذ تشديده الحصار على القطاع.

 وتعرضت مهنة صيد الأسماك في قطاع غزة إلى انهيار كبير خلال العقد الماضي نتيجة الحصار، ليتراجع متوسط حجم الصيد السنوي إلى (800) طن سنويًا، انخفاضًا عن (5) آلاف طن سنويًا قبل فرض الاحتلال حصارها.

كما أكد بكر ضرورة السماح بإدخال أجهزة تمكن الصيادين من تحديد أماكن الأسماك في عمق البحر، وأخرى لتحديد أماكن الصيادين خاصة في أوقات الشابورة " الضباب" والعواصف. ويعمل في مهنة الصيد ما بين (3800-4000) صياد، يعتاش من ورائها نحو 60 ألف شخص يعملون في المهنة أو بمهن ذات صلة.

وكانت مشاريع الاستزراع السمكي الواقعة بالقرب من الساحل في قطاع غزة، قد تقلصت إلى ثلاث مزارع، بسبب الأزمة الاقتصادية التي تواجه القطاع عامة، وحاجتها إلى كهرباء متوافرة لضخ مياه البحر إليها وخلق أمواج اصطناعية.

اخبار ذات صلة