فلسطين أون لاين

تقرير الجنائية الدولية ومحاسبة الاحتلال.. حق فلسطيني يتطلب أعوامًا لتحقيقه

...
غزة/ جمال غيث:

كان قرار المدعية العامة في المحكمة الجنائية الدولية فتح تحقيق في جرائم ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي خطوة مهمة، على طريق محاكمة المجرمين الإسرائيليين على جرائمهم.

ولا يزال الطريق طويلًا لمحاكمة قادة الاحتلال الإسرائيلي، وفق ما يرى خبيران، وهو بحاجة إلى وحدة فلسطينية، وجهود سياسية وقانونية، ومال؛ فالتحقيق مكلف ويحتاج إلى مختصين دوليين لدفع إجراءات المحكمة.

وكانت رئيسة الادعاء في المحكمة الجنائية الدولية فاتو بنسودا قالت أخيرًا إنها ستفتح تحقيقًا كاملًا في ارتكاب جرائم حرب في الضفة والقطاع، ما قد يشمل توجيه اتهامات لقادة إسرائيليين.

قضاء تكميلي

وقال الخبير في القانون الدولي والإنساني حنا عيسى: "إن المدعية العامة للمحكمة تنتظر قرار الدائرة البدائية في المحكمة، لفتح التحقيق في ارتكاب الاحتلال الإسرائيلي جرائم حرب، في الضفة والقطاع".

وأضاف عيسى لصحيفة "فلسطين": "إن قرار الدائرة البدائية بالمحكمة يضعنا أمام ثلاثة احتمالات، وهي: إما فتح تحقيق في جرائم الاحتلال، أو أن تشير إلى أن البينات التي وردت للمحكمة غير كافية للاستمرار في التحقيق، أو إغلاق الملف".

وتابع: "إنه في حال قررت المدعية العامة بدء التحقيق يتطلب إجراؤه الحضور إلى الضفة والقطاع للوقوف على كل الانتهاكات الجسيمة التي وقعت"، متوقعًا أن يمنع الاحتلال لجنة التحقيق من الوصول إلى هذه المناطق.

وعد حنا القضاء الدولي "تكميليًّا"، موضحًا أنه يتوقف التحقيق في حال حاكم الاحتلال مرتكبي الجرائم، وأكمل: "إن التحقيق يستغرق وقتًا طويلًا، فكل إجراء في المحكمة يحتاج لنحو 5 أعوام".

شكاوى مكلفة

وأكد الخبير في القانون الدولي والإنساني أن "رفع شكاوى فردية وجماعية على الاحتلال مكلف، ويحتاج إلى محام دولي ومبالغ مالية لدفع إجراءات المحكمة، ووجب التفكير فيه"، مضيفًا: "إن التحقيق في جرائم الاحتلال حلم يتطلب تحقيقه أعوامًا"، مستدلًّا على ذلك بالمحكمة التي شكلت عام 2005م للنظر في اغتيال رفيق الحريري، وحتى اللحظة لم تنته من عملها بعد.

وذكر أن رفض الولايات المتحدة الأمريكية قرار المحكمة الجنائية الدولية عزمها على التحقيق في جرائم الحرب التي ارتكبها الاحتلال، والدعم الدولي له، والأحداث الداخلية في الدول العربية، ولفت الأنظار عن القضية الفلسطينية؛ كلها ستعيق التحقيق، متوقعًا أن يقدم الاحتلال شكاوى ضد الفلسطينيين.

وشدد حنا على ضرورة مشاورة المختصين الدوليين في محاكمة الاحتلال والاستماع إلى آرائهم، مع اختلاف موازين القوى، وسيطرة الولايات المتحدة الأمريكية على الموقف الدولي والتحكم به، إذ ستمنع محاكمة الاحتلال خشية ملاحقتها، داعيًا لتحقيق الوحدة الوطنية وإنهاء الانقسام، ووضع إستراتيجية تضم الكل الفلسطيني لمواجهة جرائم الاحتلال.

خطة شاملة

في حين دعا عضو اللجنة الوطنية العليا المسؤولة عن المتابعة مع المحكمة الجنائية الدولية قيس عبد الكريم، السلطة ومنظمة التحرير، وكل الهيئات المسؤولة، لوضع خطة شاملة لدعم هذا التوجه، ومساعدة المتضررين على تقديم الشكاوى، خاصة بالجانبين المالي والقانوني، "نظرًا لارتفاع تكلفتها، ولأنها تتطلب الكثير من الخبرات والأموال التي لن يكون المواطن العادي قادرًا على توفيرها".

وحث أبو ليلى السلطة على وضع الموازنات الضرورية واللازمة للتحقيق في جرائم الحرب، جزءًا من موازناتها العامة -وهذا برأيه ممكن- وأن تشكل هيئة خاصة لمتابعة الموضوع، وإحياء اللجنة الوطنية العليا المسؤولة عن المتابعة مع المحكمة الجنائية الدولية التي ضمت الكل الفلسطيني.

وقال في حديث إلى صحيفة "فلسطين": "اللجنة الوطنية العليا المسؤولة عن المتابعة مع المحكمة الجنائية الدولية توقفت عن العمل منذ عام ونصف العام، بعد تقديم فلسطين الإحالة الرسمية للمحكمة، واقتصر الأمر على فريقها الفني المتمثل في وزارة الخارجية وخبراءها يتابعون الموضوع.

وشدد على ضرورة الاستعداد للمرحلة الجديدة من ملاحقة مجرمي الحرب، لاسيما بعد قرار المحكمة الجنائية الأخير فتح تحقيق في ارتكاب جرائم حرب بقطاع غزة والضفة الغربية وشرقي القدس المحتلة، مضيفًا: "إن قرار المحكمة الأخير شكل رادعًا لحكومة الاحتلال للجم مخططات التوسع وجرائم الحرب المرتكبة بحق شعبنا وأرضه، ما دفع الاحتلال لتجميد خططه الاستيطانية خشية تعجيل إجراءات المحكمة".

جرائم حرب

ورأى أبو ليلى أن رفض الولايات المتحدة الأمريكية، والاحتلال الإسرائيلي تحقيق الجنائية الدولية في جرائم حرب الاحتلال، بالضفة والقطاع، سيجعلهما ملاحقين في أكثر من 100 دولة بالعالم وقعت ميثاق روما المنشأ للمحكمة الجنائية الدولية.

وأكد أن فلسطين تقدمت بشكوى للجنائية الدولية للتحقيق في جرائم حرب ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية منذ نحو عامين، لافتًا إلى أن المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية توصلت إلى استنتاج بوجود جرائم حرب ارتكبت في الضفة والقطاع، وتوجهت للغرفة التمهيدية للمحكمة من أجل البث الجغرافي للمحكمة على طريق بدء تحقيق قضائي في جرائم حرب مكتملة الأركان ارتكبها الاحتلال.

وذكر أبو ليلى أن السلطة تقدمت بشكاوى متعددة للمحكمة الجنائية للتحقيق في ملفات "الاستيطان، والأسرى، والعدوان على غزة"، مشيرًا إلى أنه بإمكان المواطنين التقدم فرديًّا للمحكمة الجنائية للتحقيق في قضايا محددة.

وكانت السلطة طلبت منذ نحو خمس سنوات إطلاق تحقيق رسمي في جرائم حرب يرتكبها مسؤولو الاحتلال في الضفة والقطاع، وقدمت ثلاثة ملفات أساسية تتعلق بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والاستيطان في الضفة الغربية، وفيها شرقي القدس، وقضية الأسرى في سجون الاحتلال.

وأعلنت المحكمة الجنائية الدولية في 1 نيسان (إبريل) 2015م انضمام دولة فلسطين، المراقب غير العضو في الأمم المتحدة، رسميًّا إلى المحكمة التي يوجد مقرها في مدينة لاهاي بهولندا، ما يتيح لها قانونيًّا ملاحقة مسؤولين إسرائيليين بتهم ارتكاب جرائم حرب بحق الفلسطينيين.