توافق اليوم الذكرى الـ11 للحرب العدوانية التي شنتها دولة الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، والتي أسمتها حركة المقاومة الإسلامية حماس "معركة الفرقان".
وفي التفاصيل، شنت نحو ثمانين طائرة حربية إسرائيلية يوم 27 ديسمبر/كانون الأول عشرات الغارات الجوية خلال وقت قصير على قطاع غزة، حيث استهدفت الأحياء السكنية ومقار ومراكز عسكرية وأمنية وشرطية، ما أدى إلى استشهاد أكثر من مائتي وجرح أكثر من سبعمائة آخرين.
وسبق تلك الحرب عملية إسرائيلية خرقت بها التهدئة في الرابع من نوفمبر/ تشرين الثاني من العام ذاته، حيث نفذت عملية استهدفت ستة من كوادر حركة حماس، مما أدى إلى استشهادهم جميعًا، غير أن المقاومة تحلت بضبط النفس وآثرت استمرار التهدئة.
وقبل أن ينطلق العدوان استخدمت دولة الاحتلال سياسة التضليل والخداع، حيث تعمدت فتح معابر القطاع قبل يوم واحد لإدخال 428 ألف لتر من الغاز الصناعي، ونحو 75 طنا من غاز الطبخ، بالإضافة لـ105 شاحنات إغاثة.
ومع بدء العدوان، استهدف الاحتلال معظم المرافق الحيوية في القطاع، إضافة إلى المدارس والجامعات والمساجد والمستشفيات والمراكز الطبية، ومراكز وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا", ومنها مدرسة الفاخورة في جباليا شمال غزة التي تم استهدافها في السادس من يناير/كانون الثاني 2009 بقنابل الفسفور الأبيض الحارقة، مما أدى إلى استشهاد 41 مدنيًا وإصابة العديد بجروح وحروق.
ونفذ الطيران الإسرائيلي غارات طالت الجامعة الإسلامية في غزة، وتحديدًا مباني المختبرات العلمية والهندسية بالجامعة وقد ادعى الاحتلال أنها تستخدم لصناعة وتطوير الأسلحة والصواريخ.
واستخدم الاحتلال الأسلحة المحرمة دُوليًا في مقدمتها اليورانيوم المنضب، حيث حملت أجساد بعض الضحايا آثار التعرض لمادة اليورانيوم المخفف بنسب معينة، وقد اتهمت منظمة "هيومن رايتس ووتش" (إسرائيل) باستخدام أسلحة محرمة دولياً آنذاك.
وضع الاحتلال لنفسه عددًا من الأهداف التي يريد تحقيقها من خلال حربه المسعورة، ومن أهمها إنهاء حكم حركة حماس لقطاع غزة، ووقف إطلاق الصواريخ، واستعادة الجندي الأسير آنذاك لدى المقاومة جلعاد شاليط.
وأمام العدوان وتصاعده، قررت فصائل المقاومة عدم تمديد التهدئة، والرد على انتهاكات الاحتلال بإطلاق عشرات الصواريخ والقذائف صوب المستوطنات المحاذية لقطاع غزة، وقد شهدت الأيام الثمانية الأولى، عمليات قصف غير مسبوقة، في مختلف محافظات القطاع، فيما كانت المقاومة الفلسطينية ترد حسب إمكانياتها.
واتسع استهداف طائرات الاحتلال للمنازل والبنى التحتية، ممهدة لعملية الاجتياح البري التي بدأت في الثالث من شهر يناير/ كانون الثاني عام 2009 بمشاركة مئات الدبابات بغطاء جوي واسع.
وآنذاك، لجأ الاحتلال خلال عدوانه إلى سياسة الاغتيالات، لردع المقاومة، وتغطية عجزه في تحقيق أهداف الحرب، وقد اغتال عضو المكتب السياسي لحركة حماس وزير الداخلية سعيد صيام، إضافة إلى القيادي بحركة حماس نزار ريان.
وبعد مرور 23 يومًا على العدوان، أعلن رئيس وزراء الاحتلال آنذاك أيهود أولمرت، عن وقف إطلاق النار من جانب واحد، دون الانسحاب من غزة، فيما أعلنت الفصائل الفلسطينية في اليوم التالي عن هدنة لمدة أسبوع، كمهلة لانسحاب جيش الاحتلال الاسرائيلي من القطاع.
وأسفر العدوان ووفق توثيق وزارة الصحة الفلسطينية بغزة عن استشهاد 1330 مواطنًا غالبيتهم من المدنيين والنساء والأطفال، فيما أصيب 5500 مواطن آخرين، أما جيش الاحتلال فقد اعترف بمقتل 13 اسرائيليًا بينهم 10 جنود وإصابة 300 آخرين.
ومع وضع الحرب أوزارها، أخفق الاحتلال في تحقيق أهدافه الثلاثة ولم يستطع إسقاط حكم حركة حماس في القطاع، وازدادت صواريخ المقاومة وجرى تطويرها لتصل إلى تل أبيب وحيفا، وظل شاليط في قبضة المقاومة، وتسببت تلك الحرب في إحداث أكبر حملة تضامن مع الشعب الفلسطيني، من غالبية دول العالم وخاصة الأوروبية، وكشفت حقيقة (اسرائيل) وفظاعة جرائمها بحق المدنيين الفلسطينيين، أمام الرأي العام العالمي.