"كسروا بخاطر ابني. هذا البلد بلا قانون ولا رحمة".. بهذه الكلمات لخصت والدة مؤمن نزال حكاية "تلاعب" جهاز الأمن الوقائي بأعصاب العائلة في التعامل مع قضية ابنها المعتقل على خلفية سياسية منذ (11) شهرًا.
وتفاجأت والدة نزال وأهله باتصال من محاميه يفيد بأن جهاز الوقائي أخبره أن يوم أول من أمس، سيكون موعد الإفراج عنه، فعمَّت الفرحة في بيت المعتقل السياسي، وتجهز الجميع لاستقبال نجلهم بعد حرمان طويل من رؤيته.
وعلى الجانب الآخر في سجن الأمن الوقائي بمدينة قلقيلية شمال الضفة الغربية، كان التفاؤل يسود زنزانة المعتقل مؤمن (18 عاماً) بعد إخبار والده خلال زيارته بنبأ إخلاء سبيله قريبًا، وإنهاء قضيته عبر القضاء.
ومع الساعات الأولى لصباح الأحد، أيقظت والدة مؤمن، زوجها مع تجهيز جميع الأوراق المطلوبة الخاصة بقضية نجلها، لكي يذهب إلى المحكمة برفقة المحامي مبكرًا لإنهاء إجراءات الإفراج عنه، وفقًا للوعود التي تلقوها من جهاز الأمن الوقائي.
لكن سريعًا ما إن وصل والد "مؤمن" إلى المحكمة، كما تروي الوالدة لصحيفة "فلسطين"، حتى بدأت التساؤلات برفقة المحامي توجه للنيابة العامة حول الاتصال الذي تلقوه، فكان ردها للعائلة أنه لا علم لديها بوجود شيء يتعلق بالإفراج عن ابنهم.
غادر والد مؤمن المحكمة وذهب إلى مقر جهاز الأمن الوقائي، وأخبرهم بما حدث معه وما قالت له النيابة، فكان رد الوقائي أن أمر الإفراج عنه هو من اختصاص المحكمة والنيابة العامة، ولا يوجد شيء يقدمونه كجهاز أمني لهم.
لم يستسلم الوالد "نزال" لحالة الإحباط التي أرادت السلطة وأجهزتها الأمنية إصابته به، فعاد إلى المحكمة والنيابة العامة من جديد، ليعلم أخيرًا بعد يوم شاق أنه كان ضحية للاستهزاء، والضغط النفسي من قبل السلطة وأجهزتها الأمنية.
عاد الوالد إلى بيته، ولكنه لم يكن يحمل الأنباء المنتظرة لزوجته وأبنائه، وهو ما أصابهم بحالة من الحزن والغضب الشديدين بسبب حالة التلاعب بأعصابهم.
القضاء.. أداة سياسية
تقول والدة المعتقل نزال: "هذا البلد بلا قانون ولا قضاء، فالوقائي هو يدوس على كل هذه القوانين، ويرفض التعامل مع المحاكم، ويتلاعب بحياتنا من خلال ممارسته الكذب علينا".
واتهمت الوالدة السلطة باستخدام القضاء كأداة سياسية لتحقيق أهدافها الأمنية على حساب المواطنين، وتجاوز القانون.
وعن حالة ابنها في سجون الوقائي بعد عدم الإفراج عنه، قالت: "نفسية ابني تعبت كثيرًا وهم كسروا بخاطره بعد الحديث عن قرب الإفراج عنه بعد (11) شهرًا من الاعتقال على تهم ملفقة كإثارة النعرات الطائفية".
وخلال مدة اعتقال مؤمن المتواصلة تعرض للتعذيب والصعق الكهربائي في عدة أنحاء من جسده بسجون الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة، كما تؤكد والدته.
ويعانى مؤمن من تشنجات تصيبه من فترة لأخرى وخصوصًا في المناطق السفلى من جسده، من جراء إخضاعه للشبح والتعذيب والصعق بالكهرباء من قبل السجانين بحسب ما ذكرت والدته.
وفي 24 فبراير/شباط الماضي، اقتحمت قوات كبيرة من الأجهزة الأمنية منزل الطالب نزال في مدينة قلقيلية عقب عودته من جامعته، وتم تخريب مقتنياته ومصادرة العديد منها بما فيها من أجهزة إلكترونية وأوراق طابو وجواز سفر لشقيقه.
كانت والدة الطالب نزال قد دخلت في إضراب مفتوح عن الطعام في وقت سابق، احتجاجًا على اعتقال نجلها، ونقلت عدة مرات للمستشفى بسبب الهبوط الحاد في الضغط نتيجة إضرابها.
وتواصل الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة حملاتها الاعتقالية لمناصري حركة حماس والجهاد الإسلامي على خلفية العمل السياسي أو النقابي والطلابي في الجامعات.