فلسطين أون لاين

تمهد لمرحلة جديدة من الصراع

تقرير خطة "بينيت" تقرب الاحتلال لـ"حلم الاستيلاء على 63% من الضفة"

...
غزة/ يحيى اليعقوبي:

يمهد قرار وزير جيش الاحتلال نفتالي بينيت بمنع الفلسطيني من البناء في المنطقة المصنفة (ج) لمرحلة جديدة من الصراع، باتجاه خطوة أخيرة في فرض "السيادة" الإسرائيلية على تلك المنطقة البالغة مساحتها 63% من مساحة الضفة الغربية المحتلة، ولا يتجاوز عدد سكانها عن 10% من سكان الضفة.

صحيفة "إسرائيل اليوم" العبرية، كشفت الجمعة الماضية عن الخطة الجديدة لوزير جيش الاحتلال للتعامل مع البناء الفلسطيني بالمناطق (ج)، وقالت إن بينيت أمر الجيش بوقف ما وصفه بـ"السيطرة الفلسطينية" على المنطقة، وأمر كذلك بمنع السماح للفلسطينيين بالبناء في هذه المنطقة.

وأضافت الصحيفة العبرية أن بينيت أوعز بهدم كل المنازل الفلسطينية القريبة من المستوطنات أو الشوارع الرئيسة بالمنطقة (9).

ويسكن في المنطقة (ج) نحو 300 ألف مواطن، بما فيها مناطق شرقي القدس المحتلة، التي تعتبر مشمولة ضمن هذه المناطق، ويسكن هؤلاء ضمن 78 تجمعاً سكنياً لا يحصلون فيها على أدنى الخدمات أو مقومات الحياة، فيما يركز الاحتلال عملياته في ثلاث مناطق، هي محيط القدس كالخان الأحمر وما حولها من قرى وتجمعات بدوية، ومنطقة الأغوار، وجنوب مدينة نابلس.

وتبلغ مساحة الأغوار وشمال البحر الميت، نحو 1.6 مليون دونم، وتعادل نحو 30% من مساحة الضفة الغربية، وتبلغ مساحة الأراضي الصالحة للزراعة في منطقة الأغوار 280 ألف دونم، يستغل الفلسطينيون منها 50 ألفا، فيما يستغل المستوطنون 27 ألف دونم، وبها ينابيع وآبار مياه، ومناطق زراعة استراتيجية تجعلها في مقدمة مطامع الاحتلال.

ووفقاً لاتفاق "أوسلو" الذي وقعته منظمة التحرير الفلسطينية والاحتلال عام 1993، قسمت أراضي الضفة الغربية إلى ثلاث مناطق، (أ) وتمثل 18% من المساحة وتخضع لسيادة مدنية وأمنية فلسطينية، بينما تتمتع بالسيادة المدنية فقط على 21% في مناطق (ب)، في حين يسيطر الاحتلال على مناطق (ج) التي تشكل 61% من مساحة الضفة الغربية (قرابة 3.3 ملايين دونم).

انزياح نحو اليمين

المختص في الشأن الإسرائيلي فرحان علقم، يرى أن قرار بينيت بشأن أراضي (ج) يأتي ضمن الدعاية الانتخابية؛ حيث يحاول كل مرشح مغازلة اليمين المتطرف بالانزياح نحو أقصى اليمين والتطرف، لتحقيق أعلى مكاسب على مستوى أصوات الناخبين، مشيراً إلى أن بينيت يحاول إثبات نفسه بالتوجه نحو ضم هذه المناطق لأنه عاجز عن شن عدوان على قطاع غزة واللجوء لخيارات أخرى كان يلوح بها قبل تولي منصب وزير الجيش.

وقال علقم لصحيفة "فلسطين"، إن بينيت يريد إثبات بعض من الشعارات التي رفعها، كونه لا يستطيع التوجه نحو الحرب المفتوحة على قطاع غزة والشمال، وغير قادر على وضع حد للصواريخ المنطلقة من القطاع، فأراد أن يعوض عن ذلك بالهجمة على الضفة الغربية ورفع رصيده الانتخابي بها.

ويعتقد أن الهجمة الإسرائيلية على المنطقة (ج) هدفها تحجيم التمدد الديمغرافي والجغرافي الفلسطيني، والتمهيد لعملية الاستيلاء وفرض "السيادة" المزعومة على المنطقة بالكامل وتقطيع أوصال المناطق الأخرى بالمستوطنات وجدار الفصل العنصري، وجعل الكفة الديمغرافية لصالح المستوطنين وبالتالي يجد الاحتلال مسوغا إذا ما أراد ضمها حسب قانونه العنصري.

ولفت علقم إلى أن الاحتلال يركز هجمته الاستيطانية على مناطق مسافر يطا المكونة من 19 قرية جنوب الخليل، ومحافظة الخليل كذلك، والخان الأحمر، ومحيط القدس ومنطقة الأغوار ونهر الأرض، باعتبارها واسعة المساحة.

وأشار إلى أن بينيت هدد الاتحاد الأوروبي بأن أي إنشاءات ومشاريع سيمولها ستكون عرضة للهدم والإزالة، رغم أن الاتحاد لا ينفذ مشاريع بهذه المناطق منذ سنوات.

وعن دور السلطة الفلسطينية في مواجهة هذا التحدي، يقول علقم، إنها تواصل تقديم إبر "مخدر" للشعب الفلسطيني وذر الرماد في العيون، دون أي إجراءات حقيقية على أرض الواقع، في مواجهة إجراءات الاحتلال.

وشدد على ضرورة أن يكون هناك إجراءات لتوسيع البناء في مناطق (ج) من قبل الفلسطينيين وشرعنة ذلك دوليا، وحماية المنشآت التي تبنى من الهدم، واستغلال عزم المحكمة الجنائية الدولية فتح تحقيق بجرائم الاحتلال في الأراضي المحتلة، مستدركا: "للأسف، اتفاقية أوسلو التي وقعتها السلطة مع الاحتلال تحمي المستوطنات وتقر بوجودها".

تطهير عرقي

الناشط في قضايا الاستيطان خالد منصور، يقول إن توجه الاحتلال لفرض "السيادة" على المناطق (ج) ينفذ منذ فترة وزادت وتيرته في التنافس بين الأحزاب الإسرائيلية خلال الفترة الأخيرة، لأن الاحتلال يوميا يقوم بتحديد مواعيد للهدم، مشيرا إلى أن هناك ألف بيت مقرر هدمها.

ولفت منصور في حديثه لـ"فلسطين"، إلى أن الاحتلال يخشى فعليا من الهدم، كما حدث في منطقة "واد الحمص" بالقدس عندما هدم 17 وحدة سكنية فلسطينية، ما أثار غضبا محليا وخارجيا، لذلك يتوجه الاحتلال نحو ضم مناطق (ج) وفرض سيادة كاملة عليها.

"قرار بينيت بوقف بناء الفلسطيني بمنطقة (ج) خطير"، هكذا يحذر منصور؛ لأنه سيكون هناك مجازر هدم بحق المنازل الفلسطينية خلال الفترة القادمة، وخنق وتضييق بإجراءات كثيرة على الأرض، ومنع البناء خاصة بمنطقة الأغوار، مبينا أن الاحتلال يمنع المزارعين في الأغوار حتى من شق الطرق وعمل الجرافات والحراثة، ويتدخل جيشه ويصادر تلك المعدات الفلسطينية في إطار إحكام السيطرة عليها.

ما يجري، وفق منصور، سياسة تطهير عرقي يمارسها الاحتلال بالقدس والأغوار، من خلال الضغط المتواصل، متوقعا أن يقوم بتنفيذ سياسته بشكل واسع خلال المرحلة المقبلة.