قائمة الموقع

نطاق "الولاية الإقليمية".. سؤال سياسي يرمي بالكرة للمحكمة الابتدائية الدولية

2019-12-22T10:44:00+02:00

بعد خطوة متأخرة استغرقت خمس سنوات منذ بدء الدراسة الأولية في 16 كانون الآخر/ يناير2015، أعلنت المدعية العامة في المحكمة الجنائية الدولية، فاتو بنسودا، عزمها فتح تحقيق في ارتكاب جرائم حرب "محتملة" في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

ويرى مراقبون أن إلقاء المدعية بالكرة إلى المحكمة الابتدائية لتحديد نطاق الولاية الإقليمية للسلطة الفلسطينية، كون دولة الاحتلال ليست عضوًا في المحكمة، محمول على أبعاد سياسية وليست مهنية، ويعلق عملية فتح تحقيق جنائي الذي يفترض أن تنتقل إليه مباشرة حسب نظام روما لستة أشهر أخرى بانتظار رد الابتدائية.

إطالة غير مبررة

ويصف المدير العام لمؤسسة الحق شعوان جبارين قرار المدعية العامة بأنه خطوة متقدمة بعد إطالة غير مبررة استغرقت خمسة أعوام، وكان يجب الإجابة عن السؤال الذي أحالته أخيرا للمحكمة الابتدائية بالجنايات الدولية بشأن "الولاية الإقليمية لفلسطين" في المراحل السابقة.

وقال جبارين لصحيفة "فلسطين": "يبدو أن المدعية العامة لم تستطع الحسم في الإجابة عن السؤال، وطلبت رأي المحكمة الابتدائية، وجاء في رسالتها المؤلفة من (113) صفحة أن لدى المدعية العامة الاختصاص والضوء الأخضر لفتح تحقيق دون إذن الابتدائية كما تجري العادة في الحالات الأخرى، كما لديها تخويل من فلسطين بفتح فحص أولي دون المرور على الابتدائية والتقدم بطلب إجازة لها".

السؤال عن نطاق الولاية الإقليمية للسلطة يقصد به البعد الإقليمي لدولة فلسطين، أي الاختصاص المكاني لفلسطين إن كان في حدود عام 1967م أو أكثر أو أقل، رغم أن الإجابة عن هذا السؤال معلومة بنص قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن، وفق جبارين.

وأوضح أن المدعية العامة تريد القول إنها انتهت من الفحص الأولي، وتنتظر الإجابة حتى تنتقل للتحقيق الجنائي الكامل، وذلك بإعطاء المحكمة الابتدائية سقفا زمنيّا بمدة (120) يومًا للإجابة عن نطاق الولاية الإقليمية، منبهًا إلى أن ذلك بعد خمسة أعوام من قرار دراسة التحقيق "قد يكون نوعا من التهرب من التصدي للاحتلال".

ولفت جبارين إلى أن ثلاثة عناوين سيبحث فيها التحقيق الجنائي بعدما تجيب المحكمة الابتدائية عن سؤال المدعية العامة، وهي الاستيطان بالضفة الغربية المحتلة بما فيها القدس، وعدوان الاحتلال الإسرائيلي على غزة عام 2014م، ومسيرات العودة، قائلا: "لا يمكننا توقع المدة التي سيستغرقها التحقيق الجنائي".

عودة للمربع الأول

في حين يرى المستشار القانوني عصام عابدين أن قرار المدعية العامة يظهر من حيث المبدأ انتهاء دراسة الحالة التي بدأت فيها في 15 يناير/ كانون الآخر 2015م، لكن طلب تحديد نطاق الاختصاص يبدو مستغربًا، وكأنها تسأل: أين هي أرض فلسطين؟! فالأمر محسوم بنص القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ممثلة بالضفة الغربية وشرقي القدس وقطاع غزة، المصنفة دوليًّا أرضًا محتلة.

ويشير عابدين في حديثه لـ"فلسطين" إلى أن السؤال عن نطاق الولاية الإقليمية كان يفترض طرحه قبل عملية الفحص الأولي التي بدأت في 2015، مشددًا على أن الاستفسار المطلوب يحمل طابعًا سياسيَّا.

وقال: "لا يوجد داعٍ للطلب من الدائرة التمهيدية الإجابة عن سؤال واضح، والأصل أن تنتقل مباشرة إلى التحقيق الجنائي ما دامت أنهت الفحص الأولي، وعليه فإن طلب المدعية العامة غير مهني".

وبحسب عابدين فإن المادة (14) من النظام الأساسي للمحكمة تنص على الذهاب لتحقيق جنائي بعدما تنتهي مرحلة الفحص والدراسة، وبيان المدعية العامة يعيد الأمور للمربع الأول.

ولفت إلى أن المادة (15) التي استندت إليها المدعية العامة لا تحدد فترة للرد، رغم أن المدعية أمهلت المحكمة الابتدائية (120) يوما، ما يجعل طلبها محمولا على دوافع سياسية "إذ يفترض أن تكون مسألة الاختصاص والمكان أول شيء قبل الدراسة الأولية، ما يطرح أسئلة حول الهدف من التسويف وإلقاء الكرة مجددًا في الدائرة التمهيدية، خاصة أن المدعية العامة في نهاية ولايتها الوظيفية".

وأضاف: "بيان المدعية العامة لا يستند لأصول مهنية، ويحتاج إلى تأمل عميق، فالمحكمة تسير بعكس منهج تقرير الإسكوا عام 2017م والملاحظات الختامية للجنة القضاء على التمييز العنصري على المراجعة الأخيرة للاحتلال عام 2019، ولا ترى فيما يبدو السياق الأوسع للجرائم الدولية الممنهجة، وواسعة النطاق المرتكبة ضد الشعب الفلسطيني".

ولفت عابدين إلى أن المدعية العامة تجاهلت الجرائم ضد الإنسانية كالأبارتهايد، والفصل العنصري، مشددًا على ضرورة أن تكون هناك متابعات يومية من السلطة الفلسطينية مع مكتب المدعي العام، مستدركا أنه حتى لو ذهبت المدعية لموضوع الولاية الإقليمية يفترض الاتجاه معهم بما لديها من أسانيد كثيرة.

من جانبه يرى المحلل السياسي سامر أبو العنين، من جنيف، أن تأخر قرار المدعية العامة سببه "ضعف السلطة في تحريك الملف، وصدور القرار يوجب على السلطة التفاعل معه إيجابيَّا وبخطوات عملية من خلال تسليم الوثائق والشهود لإنجاح وتمرير عملية التحقيق".

اخبار ذات صلة