أرسل الله أنبياءه إلى الناس ليخرجوهم من الظلمات إلى النور، وليدعوهم إلى الخير والصلاح، وفي زماننا الحالي بعد موت رسولنا خاتم الأنبياء عليه الصلاة والسلام وانقطاع الوحي، لم تعد هناك معجزات ورسل ترشدنا لطريق الخير والحق، وتبعدنا عن الضلال، ولكن حياتنا لم تخلُ من الأفراح والأحزان، والتي تحمل في طياتها رسائل ربانية من الله للمسلم، يرسلها ليرشدنا للطريق، وللأسف فإن البعض يجهل فهم رسائل الله له، فكيف يمكن للمسلم أن يفهم رسائل الله؟ وما أهمية فهمها على حياة المسلم؟ هذا ما نتحدث عنه في السياق التالي.
يقول رئيس محكمة الاستئناف الشرعية الشيخ عمر نوفل: "لا بد أن يعي المسلم أن الله سبحانه وتعالى لا يريد للمسلم إلا الخير دائمًا، فلا يراه منظوره الصغير رغم أنه في بعض الأحيان يكون ظاهره المرض والفقر، إلا أن ذلك هو من رسائل الله لعبده، ولكنه في بعض الأحيان لا يعيها إلا بعد فوات الأوان".
وأوضح أن الكتب السماوية جميعها هي رسائل من الله لعباده أجمعين، فمنهم من استجابَ لها، ومنهم من أعرضَ عنها، رغم أنها مليئةٌ بالخير والحكمة والمحبة.
وأشار الداعية نوفل إلى أن ما يتعرض له المسلم من ابتلاءاتٍ على مر الحياة لا بد أن يفهم من أن عليه أن يسلك الطريق الصحيح وأن يفهم المراد منها، فعن عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "ما يُصيب المسلم من نصبٍ ولا وصب ولا همٍ ولا حزن ولا أذى ولا غمٍ حتى الشوكة يُشاكها إلا كفَّر الله بها من خطاياه".
وبين أن على المسلم أن يفهم بأن كل ما يحدث معه من الله، وأنه دليل محبة، فأكثر الناس ابتلاءً هم المؤمنون، وليس شرطًا أن تكون الرسائل بمفهوم المرض والفقر فقط، بل قد تكون أيضًا للغني ولنعمةٍ مثل نيل وظيفةٍ معينة، ولكنها ابتلاء ينظر إليه هل سيصبر المسلم أم أنه سيجزع، وهل سيشكر على النعمة أم أنه سيغفل عنها.
ولفت نوفل إلى أن الكثير يغَفل عن الحقيقة الواضحة أن كل ما يحدث في الكون هو صورة من صور الرسائل التي يرسلها الله لعبده، وعليه أن يدرك أن كل ما يحصل على الأرض ما هو إلا بأمر الله، ومتعلق بعلاقة الإنسان بربه.
وأضاف: "لذلك فإنها مساراتٌ ورسائل تكون موجهة من الله لعبده، كما أنها رسالةٌ خاصة لكل مسلم عليه أن يتعامل معها، من خلال إحساسه وإدراكه فتأتي في منظور خوف الله على عبده من الهلاك والضياع".
ولفت نوفل إلى أنه على المسلم أن يدرك أن الله معه في السراء والضراء، وتكون الرسالة لتجنب المعصية والابتعاد عن الآثام، وقد تكون تنبيه عن ذنب يقوم به، فالله سبحانه وتعالى لا يرضى للمسلم المعصية فتأتي رسالة الله لتوقظه من غفلته، وقد تكون لتثبته على ما هو عليه من الحق.
وأوضح أنه تكمن هذه الرسائل الخاصة بكل فرد في تغيير سلوك الإنسان، والوقوف على حقيقة الرسالة، ويتعين عليه الابتعاد عن الخطأ، وأن يبقى مدركًا بأن الله ناظرٌ إليه ومراقبه.