قائمة الموقع

"سراب".. سهم أمني يرتد إلى خاصرة مخابرات الاحتلال

2019-12-17T22:05:00+02:00

معركة أمنية وصراع أدمغة تدور في الخفاء، ما يظهر منها على السطح يعكس قوة وشراسة هذه المعركة، فما عرضه فيلم "سراب" دليل على الحرب الواقعة بين المقاومة والاحتلال الإسرائيلي، وكيف ابتلعت مخابراته "الطُّعم" بمعركة طويلة استمرت عامين، من خلال تشغيل عميل "مزدوج" أراد الاحتلال استخدامه لتخريب صواريخ المقاومة، إلا أن الأخيرة جعلت كل أحلامه سراباً، وهو يعتقد أنه نجح بالوصول لسلاح المقاومة "الفتاك".

وقد كشفت له المقاومة من خلال العميل ذاته بعدما استنفدت العملية نهايتها، أنه عاش وهماً كبيراً، وأن كل ما قدمه "العميل المزدوج" عبارة عن تضليل، وأن تلك الصواريخ التي اعتقد أنه استطاع تخريبها وإحباط إطلاقها، هي أول من ضربت عمق مستوطنات الاحتلال في جولات التصعيد، ليعيش وفق مراقبين "خيبة أمنية واستخبارية جديدة تحت وقع هذه الصدمة".

ويُظهر فيلم "سراب"، لكتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس، الذي بثته فضائية الميادين مساء الثلاثاء، طبيعة العملية الأمنية العسكرية التي كان يحاول الاحتلال عبرها تدمير صواريخ المقاومة من خلال إرسال "عميل مهمات"، ليس من مهامه جلب معلومات بقدر ما هو تخريب أدوات المقاومة وإحباط إطلاق الصواريخ من قطاع غزة إلى الأراضي المحتلة، ما يدلل على عجز الاحتلال على مواجهة صواريخ المقاومة، وفق المختص الأمني محمد أبو هربيد.

وقال أبو هربيد لصحيفة "فلسطين" إن الاحتلال حسبما أظهره الفيلم، ركز على محاولة تدمير الصواريخ في مكانها قبل إطلاقها من خلال تشريكها (زرع مواد متفجرة بداخلها)، وزرع أدوات تجسس تقوم بإرشاد الطائرات إلى أماكن ومرابض الصواريخ من أجل قصفها بأماكنها ومنع وصولها للاحتلال.

إحباط مبكر

وأضاف أن الإنجاز الأمني الذي حققته المقاومة وما عرضه فيلم "سراب" يظهر حجم التقدم في التفكير الأمني لديها، وكيفية إدارة الصراع الاستخباري مع الاحتلال، وأنها انتقلت لمراحل متقدمة في صراع العقول بالوصول لـ"العميل المزدوج".

وتابع أن الفيلم يظهر أن استخبارات القسام خاضت معركة أمنية مع جهازين أمنيين إسرائيليين كبيرين وهما "الشاباك" وشعبة الاستخبارات العسكرية "أمان".

وأوضح أن هناك فهما سريعا للعمل، والدليل أن مديري التشغيل من الطرف الفلسطيني استطاعوا تمرير معلومات تضليلية وهمية إلى ست ضباط مخابرات إسرائيليين من بينهم قائد "الشاباك" في قطاع غزة "أبو صقر"، ما يجعل الفجوة بين فهم المقاومة وذكاء ضباط الاحتلال تضيق، فيما ثبت أن المقاومة قادرة على مواجهة التحدي وإثبات نفسها.

ويعتقد أبو هربيد أن الاحتلال سيجري تقييما لخيبته وفشله، وأن شكوكه ستدور حول عمل العملاء واستخباراته في غزة، خشية أن يعمل هؤلاء بشكل مزدوج.

"استهداف الصواريخ أسلوب جديد حاول الاحتلال استخدامه"، يقول أبو هربيد، وذلك مع محاولة اختراق شبكة اتصالات القسام، وهذا كله من توصيات عدوان الاحتلال على غزة عام 2014، عندما عانى الاحتلال من عدم قدرته على التنصت على منظومة اتصالات المقاومة التي أتاحت السيطرة والتحكم بين أركانها من خلال شبكة اتصال آمنة، وكذلك الصواريخ التي استمر إطلاقها طوال مدة العدوان، لكن يقظة المقاومة حالت بعدم تمكن الاحتلال من زراعة أدوات تنصت.

وأشار إلى أن الاحتلال كان يركز كما عرض فيلم "سراب" على تخريب الصواريخ الاستراتيجية طويلة المدى، مع عدم إهمال الصواريخ القصيرة، مبينا أن العميل المزدوج عمل لمدة عامين، في الفترة التي كان يشعر فيها الاحتلال بخطورة الصواريخ.

ونبه إلى أن ضباط مخابرات الاحتلال كان يعنيهم الإنجاز والنجاح، إلا أنه كل مرة يتفاجأ بنجاحات المقاومة، ويشعر أن هناك خطورة في العمل الأمني والاستخباري على أرض غزة، وأنه لم يدرس بيئة المقاومة بشكل جيد، مضيفا أن المخابرات الإسرائيلية أصبحت تدرك أن أعمالها تواجه إحباطا مبكرا، ما يحد من الوصول لأهداف المقاومة.

ثقة الشارع الفلسطيني

فيما يقول المختص الأمني عبد الله العقاد، إن فيلم "سراب" يظهر تطور قدرات المقاومة الأمنية في مواجهة الاحتلال الذي ينفق مليارات الشواكل على أجهزته الأمنية، خاصة جهازي "أمان والشاباك" اللذين عملا معا في هذه العملية الفاشلة، ويظهر كيف أحبطتها المقاومة بطريقة "ذكية" استمرت عامين.

ورأى العقاد في حديث لـ"فلسطين"، أن هذا الإنجاز يعزز ثقة الشارع الفلسطيني بالمقاومة، وأن سهم الوصول لأبناء الشعب الفلسطيني يرتد إلى خاصرة الاحتلال.

وأضاف أن العملية شهدت نزالا بين جهاز استخبارات المقاومة، وأجهزة الاحتلال الأمنية "أمان" و"الشاباك" اللذين فشلا بشكل ذريع، بعدما اشترك عدة ضباط بالعملية لكنهم ابتلعوا الطعم، مبينا أن المقاومة توجه رسائل إلى حلفائها أن المقاومة بغزة قد بلغت من الرشد والحكمة والدراية والخبرة.

والفيلم، وفق العقاد، يعطي مؤشرات قوية أن المقاومة تمارس عملا أمنيا احترافيا استطاعت من خلاله هزيمة قادة الاحتلال، بعد نشر تفاصيل عملية "حد السيف"، وهذه العملية (سراب) لن تكون أقل تأثيرا منها.

وتابع أن الاحتلال لم يستطع اكتشاف العملية إلا بعدما كشفت المقاومة عنها لما وجدت أنها استنفدتها، وأوصلت له الرسالة عبر العميل المزدوج، بعدما كان الاحتلال يظن أنه يحقق إنجازات كبيرة، لكنه شعر بخيبة أمل، مبينا أن المقاومة استطاعت تقديم معلومات وبراهين جعلت ضباط الاحتلال يثقون بالعميل، بعدما درست نفسيات هؤلاء الضباط وما الذي يريدونه.

اخبار ذات صلة