أكدت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، أن الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية، الذي دام 52 عاما (دون نهاية في الأفق) شرّع قوانين وأوامر عسكرية غير مبررة وغير قانونية.
ويدرس تقرير المنظمة الصادر في (79) صفحة، بعنوان: "بلا حقوق منذ الولادة: استخدام الأوامر العسكرية الإسرائيلية الجائرة في قمع فلسطينيي الضفة الغربية"، الأوامر العسكرية التي تجرّم النشاط السياسي السلمي، بما في ذلك الاحتجاج، ونشر أي مادة "لها دلائل سياسية"، والانضمام إلى جماعات "معادية" لدولة الاحتلال.
ودرست "هيومن رايتس ووتش" العديد من الحالات لإظهار أن (إسرائيل) تعتمد بشكل غير مبرر على هذه الأوامر الشاملة لاعتقال الفلسطينيين بسبب خطابهم أو نشاطهم أو انتماءاتهم السياسية المناهضة للاحتلال، وحظر المنظمات السياسية وغيرها من المنظمات غير الحكومية، وإغلاق وسائل الإعلام.
وقالت المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال افريقيا في المنظمة، سارة ليا ويتسن: "جهود (إسرائيل) لتبرير حرمان الفلسطينيين من الحماية الأساسية للحقوق المدنية لأكثر من نصف قرن بناء على مقتضيات احتلالها العسكري المطوّل لم تعد تنطلي على أحد".
وأجرت المنظمة (29) مقابلة، شملت "محتجزين سابقين ومحامين مثّلوهم، وراجعت لوائح اتهام وقرارات محاكم عسكرية، ونظرت في ثماني حالات توضيحية لنشطاء وصحفيين وفلسطينيين آخرين احتُجِزوا بموجب أوامر إسرائيلية تقييدية في السنوات الخمس الماضية".
وقالت ويتسن إن على الحكومات الأخرى والمنظمات الدولية المعنية بحقوق الفلسطينيين أن تستخدم إطار الحقوق المدنية لتسليط الضوء على تأثير الأوامر العسكرية الإسرائيلية التقييدية في الضفة الغربية.
كما دعت للضغط على (إسرائيل) لمنح الفلسطينيين حماية كاملة للحقوق المدنية والحقوق الأخرى، تكون على الأقل مساوية لتلك التي تمنحها للمواطنين الإسرائيليين، وينبغي أن تستكمل هذه الخطوات تدابير الحماية بموجب قانون الاحتلال مثل حظر بناء المستوطنات، التي تبقى سارية طالما استمر الاحتلال.
تعطل الحياة العامة
ويتطلب القانون الدولي من (إسرائيل) كقوة احتلال، إعادة "الحياة العامة" للسكان الفلسطينيين الخاضعين للاحتلال، ويزداد هذا الالتزام في ظل احتلال مطوّل كما في الحالة الفلسطينية، حسبما قالت "اللجنة الدولية للصليب الأحمر".
وازدادت احتياجات السكان الفلسطينيين على مر العقود بينما لم تفعل سلطات الاحتلال ما يُذكَر لتطوير استجابات مصممة بشكل أكثر اتساقا لمواجهة "التهديدات الأمنية" والتي تقلل من القيود على الحقوق.
وأضافت المنظمة الحقوقية: "كلما طال أمد الاحتلال، كلما زادت الحاجة لأن يصبح الحكم العسكري مشابها لنظام حكم اعتيادي يحترم معايير القانون الدولي لحقوق الإنسان التي تنطبق في جميع الأوقات".
وتابعت ويتسن: "وفي حالات الاحتلال لأجل غير مسمى، كما في حالة (إسرائيل)، يجب أن تكون الحقوق الممنوحة للسكان الخاضعين للاحتلال على الأقل مساوية للحقوق الممنوحة لمواطني قوة الاحتلال".
أنظمة غير ملائمة
وأشارت إلى أن أنظمة عهد الانتداب البريطاني التي لا تزال سارية في الضفة الغربية المحتلة، وأن الأوامر العسكرية التي أصدرتها (إسرائيل) منذ سيطرتها على الضفة الغربية عام 1967، تسمح لجيش الاحتلال بتجريد الفلسطينيين من الحماية الأساسية للحقوق المدنية.
وذكرت ويتسن أن سلطات الاحتلال اعتمدت على تلك الأنظمة والأوامر لحظر (411) منظمة، وتسمح بموجبها، على سبيل المثال، بتحديد جماعات على أنها غير مشروعة لأنها تدافع عن ""كره أو ازدراء... أو التحريض على عدم الولاء"، ضد السلطات المحلية، وباعتقال الفلسطينيين لارتباطهم بهذه الجماعات.
وتفرض الأوامر العسكرية عقوبات بالسجن تصل إلى عشر سنوات على المدنيين الذين أدانتهم المحاكم العسكرية بسبب التأثير على رأي الجمهور" بشكل يمسّ سلامة الجمهور أو النظام العام".
كما يمكن فرض عقوبة بالسجن لعشر سنوات على الفلسطينيين الذين يشاركون في تجمع فيه أكثر من عشرة أشخاص دون تصريح عسكري بشأن أي موضوع "يمكن تفسيره كسياسي" أو إذا كانوا يحملون "أعلاما أو رموزا سياسية" دون إذن عسكري.
ولفتت ويتسن إلى أن هذه القيود الشاملة تنطبق على (2.5) مليون فلسطيني من سكان الضفة الغربية، باستثناء شرقي القدس المحتلة، ولا تنطبق على أكثر من (400) ألف مستوطن إسرائيلي في نفس المنطقة يخضعون للقانون المدني الإسرائيلي.
وقالت: "القانون العسكري الإسرائيلي الساري منذ 52 عاما يمنع الفلسطينيين في الضفة الغربية من الحريات الأساسية مثل التلويح بالأعلام، والاحتجاج السلمي على الاحتلال، والانضمام إلى جميع الحركات السياسية الكبرى ونشر المواد السياسية"، مشيرة إلى أن هذه الأوامر "تمنح الجيش الضوء الأخضر لمقاضاة أي شخص ينشط سياسيا أو يتحدث أو حتى ينشر الأخبار بطرق تزعج الجيش"، وفق تعبيرها.