دأبت وسائل إعلام عبرية منذ فترة من الزمن على نشر أخبار حول ممتلكات اليهود في الدول العربية والإسلامية بعد نزوحهم منها والهجرة لدولة الاحتلال الإسرائيلي بعد تأسيسها عام 1948، على أنقاض أراضي الشعب الفلسطيني، وتنوه تلك الأخبار الى وجود مفاوضات مع بعض الدول العربية منذ أكثر من عامين لدفع تعويضات عن هذه الممتلكات لأصحابها.
آخر ما تم الكشف عنه أوردته صحيفة (يسرائيل هيوم) العبرية في عددها الصادر أمس، ادعت فيه أن 150 مليار دولار هي قيمة الممتلكات، التي خلفها اليهود في الدول العربية، مشيرةً إلى أن هذه الأرقام، التي تنشر لأول مرة، هي "تقدير متحفظ لأنه لم يتم ملاءمتها مع قيمتها اليوم".
وأشارت الصحيفة إلى أنه ومنذ عام 2002، "طرحت الحاجة لإجراء تقدير لممتلكات اليهود بعد تقديرات الفلسطينيين حول ممتلكاتهم في (إسرائيل)، ومع ذلك، لم يحدث تقدم كبير في هذا الأمر حتى عام 2017، حيث بدأ التغيير الذي طال انتظاره: فقد كشف عن مشروع سري هدفه الوصول بطرق متنوعة لتقدير الممتلكات في جميع البلدان العربية تقريبًا".
الكاتب والمحلل السياسي ساري عرابي، رأى أن الاهتمام الإسرائيلي مؤخرًا بهذا الملف يشير لحيويته، ووجود مصالح استراتيجية من الممكن أن يتم تحقيقها في سياقات سياسية أو مالية بحتة.
ورأى عرابي في حديثه لصحيفة "فلسطين"، أنّ سلطات الاحتلال سارت في هذا الملف بتدرج، حتى وصلت إلى طرح أرقام بالمليارات لممتلكات اليهود قبل هجرتهم من الدول العربية لـ(إسرائيل)، مشيرا في ذات الوقت إلى أن الاحتلال يحاول أن يُسوِّق رواية كون اليهود تم طردهم وتركوا أموالهم وممتلكاتهم ليس بمحض إرادتهم، وهو مناف للحقيقة.
وأبدى اعتقاده بوجود هدفين أساسيين لهذا الملف الأول منه هو فتح بوابات جديدة للتطبيع، عبر السماح لليهود بزيارة البلاد التي كانوا فيها، أو بيوتهم التي عاشوا فيها، مما يشير إلى أن اليهود فعليًا أصلاء من المنطقة، وليسوا غرباء محتلين.
وأشار إلى أن الهدف الثاني، ذو شق سياسي يتعلق بمحاولة ابتزاز الدول العربية التي كان اليهود يعيشون فيها لتحقيق مكاسب تفتح المجال لتعويض اليهود ماليًا.
وتتحدث دولة الاحتلال رسميًا عن عشر دول في هذا السياق، هي: الجزائر، المغرب، تونس، ليبيا، مصر، العراق، سوريا، لبنان، اليمن، وإيران. وبحسب قناة عبرية فإن تقديرات قيمة "الأملاك اليهودية المفقودة" أجرتها شركة مدققي حسابات دولية.
وسن "الكنيست" في العام 2010، قانونا يُلزم بأن تشمل أي مفاوضات (سلام) موضوع "التعويض عن فقدان أملاك للاجئين والجاليات اليهودية التي خرجت من الدول العربية ودولة إيران".
الكاتب والمحلل السياسي نهاد أبو غوش، أكد أن سلطات دولة الاحتلال تبرعُ في سياسة الابتزاز منذ نشأتها، على حساب الفلسطينيين، وأن طرح هذا الملف لا يخرج عن كونه محاولة ابتزاز جديدة.
وأشار أبو غوش في حديثه لصحيفة "فلسطين"، إلى استخدام ورقة ملف التعويض للضغط على الدول التي ترفض التطبيع عبر مطالبتها بدفع تعويضات من خلال مؤسسات دولية، وما يحدث الآن هو مرحلة التحضير لهذه الخطوة.
وشدد أبو غوش، على أنّ هناك مبالغة كبيرة في تقديرات الأرقام المنشورة حول أملاك اليهود في الدول العربية، مع الإقرار بوجود أملاك فعلية لليهود، غير أنهم تركوها بمحض إرادتهم.
ونوه إلى أن العالم يدرك تماما أن الوكالة اليهودية والحركة الصهيونية هما اللتان ساهمتا في التهجير القسري لليهود من الدول العربية، وإقناعهم بأن وجودهم في هذه الدولة كما حصل في مصر والعراق خطر على حياتهم.
ورأى أبو غوش أن الاحتلال يهدف أيضا لتحقيق صورة أخرى عبر هذا الطرح، يتعلق في "التعمية والتضليل" على حقوق الفلسطينيين في وطنهم السليب عام 48، على اعتبار أنهم تركوا أملاكهم، وكذلك اليهود، وأن الطرفين في حالة جديدة "عليهم الرضا بها أمرا واقعا".