السمك لم يسلم من يد الإنسان، فامتدت إليه ليغدو هناك ما يسمى بصناعة الأسماك واستزراعها، لكن ثمة فعل بشري آخر يؤثر على الثروة السمكية، يتمثل بتلوث البحار، لذا كلما صغر عمر السمكة قل احتواؤها على الأملاح الثقيلة والمعادن الثقيلة والمسرطنة كالزئبق والرصاص مثلا.

وفي قطاع غزة تقل نسبة وجود هذه العناصر، لأن الأسماك تعيش في المياه العميقة، وحتى تلوث البحر بالمياه العادمة بدأ بالانحسار في ظل جهود بلديات القطاع.

ويشدد خبير التغذية د. رمضان شامية في حديثه لصحيفة "فلسطين" على أن المقصود بالصغر هو عمر السمكة لا حجمها، فمثلاً أسماك اللوكس أو الهامور سمكة صحية وكبيرة نوعًا ما يكون طولها من 10 إلى 15 سم، وقد يصل طولها إلى 70 سم وأكثر، مضيفًا: "صغيرة العمر، بمعنى أن لحمها لم يخزن كمية كبيرة من الأملاح الثقيلة".

ويوضح أن أهم المعادن التي يوفرها السمك هي الكالسيوم والفسفور، ويليها الزنك واليود، مبينًا أن الكالسيوم مهم في بناء العظام والمفاصل والأسنان، والفسفور مهم جدًا للهيكل العظمي واللحم والكثير من عمليات الأيض داخل الجسم.

ومعلومة مهمة جدًا يتحدث عنها شامية، وهي أن الجميع يتناول الخبز والأرز في طعامه بما نسبته من 60-70%، وهذه الأطعمة تتحول إلى أحماض في جسم الإنسان وهي خطيرة جدًا، وبالتالي نحن بحاجة لمعادلة هذه الأحماض عن طريق الفسفور.

وأهم مصدر للفسفور هو الأسماك –وفق قوله- ومن هذه النقطة تبرز أهمية السمك في غذائنا، مشيرًا إلى أن وجبة واحدة في الأسبوع تكفي لتغطية احتياج الجسم من الفسفور من الأغذية الأخرى المتناولة، شرط أن يكون من ضمن الغذاء اليومي الخضروات.

ويقسم خبير التغذية الأسماك إلى نوعين: سمك دهني وسمك غير دهني، موضحًا أن جميع الأسماك الدهنية غنية بفيتامينات (أ) (المهم للأبصار خاصة كبار السن)، وفيتامين (د) المهم لتقوية العظام، وفيتامين (هـ) لتقوية الخصوبة والحيوانات المنوية والخصوبة عند المرأة.

ويلفت إلى أن الأسماك الدهنية على رأسها السلمون (وهي نادرة في غزة)، والسردين والبوري والمكاريل، قائلاً: "إذا أُكلت طازجة ففائدتها في الفيتامينات كبيرة جدًا، وهي موجودة في غزة".

أما الأسماك الأخرى مثل القريدس والمحاري والسلطعونات وخلافه هذه غنية بالأملاح المعدنية وفيها كثير من اليود والزنك والحديد وهي الأكثر أهمية للإنسان وللأم الحامل وللطفل في مرحلة النمو، ففيها مضادات أكسدة وتمنع السرطان بإذن الله، كما يقول شامية.

ويشدد على أن السمك لا يؤكل نيئًا، فالكثير من البكتيريا والفيروسات تعيش في جسم السمكة كما كل الكائنات الحية، فبالتالي طهو السمكة أساسي، لكن عملية القلي في زيت قلي قديم تؤثر عليه .

لذا ينصح بشيه في الفرن بوضع شرائح من الخضروات أسفله للمحافظة على الأحماض الدهنية الموجودة فيه، معللًا أن قلي السمك يقلل الأحماض أو يؤكسدها ويحولها إلى زيوت غير مفيدة، وأفضل أنواع الشوي هو الشوي على الحرارة أي الهواء الساخن، وليس التعرض المباشر للنار.

ويبين خبير التغذية أن البروتين الموجود في السمك مهم جدًا لاحتوائه على كمية كافية من الأحماض الأمينية الأساسية، وسهل الهضم، ودهون السمك مفيدة جدًا، وكميتها أقل من اللحوم الحمراء.

ويختم بالإشارة إلى معلومة قيمة وهي أن سمك السردين الأكثر رخصًا في السوق، هو الأكثر فائدة.

ويوضح مدير عام المياه والصرف الصحي في بلدية غزة م. رمزي أهل أنه مع بداية صيف العام الحالي 2019 تجاوزت بلديات قطاع غزة مشكلة صبّ مياه الصرف الصحي في البحر، والتي كان سببها الأساس عدم توفر السولار لتشغيل محطات معالجة المياه العادمة في ظل عدم وجود كهرباء على مدار الساعة.

ويلفت أهل إلى أن شركة الكهرباء أمدت محطات معالجة مياه الصرف الصحي الساحلية بخط كهرباء يعمل على مدار الساعة، مشيرًا إلى أن محطة معالجة المياه العادمة في غزة تعالج 68 ألف لتر مكعب يوميًا لمعالجة ملوثات رئيسية بنسب وقيم قياسية حسب المعايير الفلسطينية.

وينبه أهل إلى أنه مع بداية عام 2020 سيتم تشغيل محطة المعالجة المركزية شرق مخيم البريج لمعالجة المياه العادمة التي تصب في وادي غزة وسط القطاع.

ويختم بقوله: "وهذا يعني أن مياه البحر نقية من التلوث بالمياه العادمة، وأن الأسماك القريبة من الشواطئ مثل سمك البوري لا تحوي تلوثًا ويمكن تناولها دون أي خوف".