يتفق محللان سياسيان على أن تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأخيرة بأنه "يحب (إسرائيل)" لا تعبر إلا عن حالة "المحاباة"، التي بينه وبين الاحتلال الإسرائيلي الذي تحقق حلمه قبل سنتين من الآن، باعتراف رسمي أمريكي على لسان ترامب؛ بالقدس المحتلة "عاصمة" لـ(إسرائيل)، في السادس من كانون الأول (ديسمبر) 2017م.
ويؤكد المحللان في حديثيْن منفصليْن مع صحيفة "فلسطين" أن حالة "المحاباة" هذه تتطلب فلسطينيًّا السعي لتحقيق المصالحة الوطنية، وإنهاء الانقسام.
وكانت إدارة ترامب نقلت في 14 أيار (مايو) 2018م مقر السفارة الأمريكية من (تل أبيب) إلى مدينة القدس المحتلة، وهو ما لاقى استنكارًا محليًّا ودوليًّا واسعين.
وجاءت هذه الخطوة تتويجًا لوعود إبان الحملة الانتخابية لرئاسة الولايات المتحدة، قطعها ترامب وسفيره الحالي في (إسرائيل) ديفيد فريدمان، بالاعتراف بالقدس "عاصمة" للأخيرة، و"شرعية" المستوطنات، وهو ما أعلنه أخيرًا وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو.
وقطعت واشنطن مساهمتها المالية في ميزانية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).
وكان إعلان ترامب بشأن القدس تخليًا مفاجئًا عن سياسة أمريكية قائمة منذ عقود، تمثلت في عدم منح (إسرائيل) هذا الاعتراف الرسمي.
ولا تحظى خطوات ترامب بموافقة المجتمع الدولي، وتطالب السلطة في رام الله بإقامة دولة فلسطينية على ما تعرف بحدود 1967م.
وفي رام الله، يبدي رئيس السلطة محمود عباس معارضة إعلامية لما تسمى "صفقة القرن"، وقال عباس: إن إعلان ترامب يمثل ”إعلانًا بانسحاب واشنطن من الدور الذي كانت تلعبه خلال العقود الماضية في رعاية عملية“ التسوية الفاشلة.
ويوضح الكاتب المحلل السياسي طلال عوكل أن تصرفات إدارة ترامب تتنافى مطلقًا وإعلان مجلس النواب الأمريكي، قبل أيام، تأييده "حل الدولتين"، وعدم شرعية المستوطنات المقامة على أراضي الضفة الغربية والقدس، المحتلتيْن.
ويصف عوكل خطوات الإدارة الأمريكية بشأن القدس وقضية اللاجئين بغير الإيجابية، خاصة أنها أوقفت الدعم المالي الذي كان مقدمًا لـ(أونروا).
ويلفت إلى أن ترامب يتبنى كل ما يتصل بالاحتلال الإسرائيلي، خاصة ما يتعلق بالتصرفات العدوانية، ولهذا أصبح الشعب الفلسطيني بحاجة إلى خيارات أكثر من النشاط الاحتجاجي الشعبي المناوئ الذي نفذ بعد إعلانه بشأن القدس.
ويشدد على أن الأهم من كل هذا إنهاء الانقسام، لمواجهة سياسة (إسرائيل) الساعية إلى ضرب الوحدة الجغرافية والسياسية للضفة وغزة، وتهشيم وحدة الشعب الفلسطيني، والاستفراد بالقدس، وإقامة المزيد من المستوطنات.
وينبَّه إلى أن استمرار الانقسام يشتت الدعم العربي والدولي للشعب الفلسطيني.
بدوره يعتقد أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الإسلامية بغزة وليد المدلل أن (إسرائيل) استطاعت تحقيق بعض أهدافها فيما يتعلق بالقدس والاستيطان والجولان السوري من وراء ما تسمى "صفقة القرن"، بالتوافق التام مع الإدارة الأمريكية.
ويؤكد المدلل لصحيفة "فلسطين" أن القرارات الأمريكية الداعمة لمخططات الاحتلال الإسرائيلي سيكون لها المزيد من الانعكاسات السلبية على الشعب الفلسطيني، خاصة فيما يتعلق بالقدس ومشاريع الاستيطان وضم الضفة الغربية.
ويلفت إلى أن مسيرات العودة الكبرى وكسر الحصار السلمية التي انطلقت في 30 آذار (مارس) 2018م شكلت أداة نضالية للتعبير عن رفض صفقة القرن، تزامنًا مع رفض بعض الدول العربية لها؛ وتواطؤ دول أخرى.
وكان جيش الاحتلال تعامل مع مسيرات العودة السلمية قرب السياج الاحتلالي الفاصل بين قطاع غزة والأراضي المحتلة سنة 1948م، بعنف شديد، وقمع المشاركين فيها بالرصاص وقنابل الغاز، ما أوقع مئات الشهداء، وعشرات آلاف الجرحى.
ويتابع المدلل: "مثلما كان هناك قوى مؤيدة للصفقة، يوجد أيضًا قوى معادية لها، وهو ما أدى إلى عدم استكمال تطبيقها".
ويؤكد أن استكمال إفشال "صفقة القرن" يتطلب موقفًا صلبًا وموحدًا ومعاندًا ومعارضًا لها بشدة، مضيفًا: "إذا قال الفلسطينيون لا لهذه الصفقة، فإنه لن يستطيع أحد تمريرها".