في تجاوز جديد للقوانين الدولية، حتى مواقف إدارات أمريكية سابقة، غيرت إدارة الرئيس دونالد ترامب من موقف واشنطن الرسمي من المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة، إذ لم تعد ترى وجودها مخالفًا للقانون الدولي، وهو ما يعد تغييرًا في سياسات إدارة الدولة الأكبر في العالم.
وكان القرار الأمريكي الذي اتخذه ترامب، ضمن جملة خطواته المؤيدة لدولة الاحتلال الإسرائيلي، وأعلنها وزير خارجيته، مايك بومبيو، الشهر الماضي، خطوة مغايرة لنهج الرئيس السابق باراك أوباما تجاه المستوطنات.
وامتنع أوباما في أواخر 2016م عن استخدام حق النقض (فيتو) ضد قرار يؤكد عدم شرعية المستوطنات في الضفة الغربية وشرقي القدس.
وبعد 26 سنة على اتفاق أوسلو، ارتفع عدد المستوطنين في الضفة الغربية المحتلة من 111 ألفًا إلى 750 ألف مستوطن.
وفي 1978م توصلت إدارة جيمي كارتر إلى أن بناء المستوطنات الإسرائيلية التي وصفتها بـ"المدنية" مخالف للقانون الدولي، وفي 1981م اختلف الرئيس الأمريكي السابق رونالد ريغان مع هذا الموقف، مؤكدًا أنه لا يرى أن المستوطنات غير قانونية بطبيعتها.
وعلى مدار سنوات طويلة تتبنى الولايات المتحدة موقفًا يتضمن أن المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة غير شرعية، ولكن إدارة ترامب الحالية أنهت هذا الموقف، بعكس مواقف الأمم المتحدة وقراراتها.
ولم يحصل قرار ترامب على تأييد الاتحاد الأوروبي الذي موقفه أن النشاط الاستيطاني الإسرائيلي في الضفة غير قانوني بموجب القانوني الدولي، ويقلل فرص التوصل إلى تسوية مع السلطة.
ودعا الاتحاد الأوروبي دولة الاحتلال الإسرائيلي لإنهاء كل النشاط الاستيطاني في ضوء التزاماتها قوة محتلة، وهو موقف دولي معارض لقرارات ترامب المتسارعة لمصلحة (إسرائيل)، على حساب القضية الفلسطينية.
رئيس مجلس إدارة الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني "حشد" صلاح عبد العاطي يرى أن الولايات المتحدة الأمريكية تمارس شريعة الغاب، بحيث لا تلتزم بأي من القوانين أو القرارات الدولية التي تؤكد أن المستوطنات في الضفة الغربية غير قانونية.
ويقول عبد العاطي لصحيفة "فلسطين": "الضم والتوسع والاستيطان ترقى إلى جريمة حرب وفق كثير من القوانين الدولية، وخاصة اتفاقية جنيف، وفضلًا عن ذلك إدارة ترامب تخالف كل قرارات الإدارات الأمريكية السابقة بعدم عدّ الضفة والقطاع أراضي محتلة وينطبق عليها قرارات القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني".
ويوضح أن إدارة الولايات المتحدة الحالية تحول سياستها من إدارة الصراع إلى حسمه بتصفية الحقوق الفلسطينية، بوقف التمويل الذي كانت تقدمه لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، والضغط على الدول التي تضيف اللاجئين بهدف توطينهم، والاعتراف بالقدس المحتلة "عاصمة" لـ(إسرائيل).
ويشير إلى أن القرار الأمريكي الأخير بشأن المستوطنات يفتح الطريق لـ"ضم" أراضي الضفة، رغم عدم شرعية الاستيطان.
وتعاكس قرارات إدارة ترامب اتفاقية جنيف الرابعة التي تحظر على القوة المحتلة نقل مستوطنين إلى الأراضي التي تحتلها.
كما أن قرار ترامب بشأن نقل سفارة بلاده عاكس مواقف سابقيه، ومرر الكونجرس قانون سفارة القدس عام 1995م، الذي يقضي بنقل السفارة من (تل أبيب) إلى القدس المحتلة، لكن الإدارات الأمريكية المتعاقبة منذ رئاسة بيل كلينتون مرورًا بجورج دبليو بوش كما باراك أوباما لجأت إلى استخدام استثناء تنفيذي، لتأجيل نقل السفارة، "من أجل مصلحة الأمن القومي الأمريكي".
وكانت إدارة ترامب قررت في 31 آب (أغسطس) 2018م وقف التمويل كليًّا عن (أونروا)، بعدما قررت في مطلع العام المذكور تخفيض الدعم السنوي الذي تقدمه للوكالة من 365 مليون دولار إلى 125 مليونًا، لم تقدم منها آنذاك إلا 60 مليونًا فقط.
وكان التمويل الأميركي للوكالة يمثّل سابقًا ثلث ميزانيتها السنوية البالغة 1.24 مليار دولار.
ونقل ترامب بالفعل سفارة الولايات المتحدة من (تل أبيب) إلى القدس المحتلة في 14 أيار (مايو) 2018م.