ختم الله تعالى الأديان بالإسلام، وجاء ناظما لحياة الناس وما ينفعهم في آخرتهم، وفي خضم الانخراط في المشاغل والأعمال الدنيوية لا ينسى ابتغاء مرضاة الله فيها ونفع المجتمع والناس
وتساءل البعض إذا كرس المسلمون في هذا العالم، جميع أوقاتهم وأفعالهم لما ينفع في اليوم الآخر ولم ينخرطوا في أي من الأعمال الدنيوية، فكيف سيساهمون فيما فيه نفع الحضارة والإنسانية مثل التكنولوجيا والعلم والاختراع ؟.
قال أستاذ الفقه وأصوله بكلية الدعوة الإسلامية د. عبد الباري خلة : " يقول الله تعالى: {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (77) }.
وأضاف د.خلة لـ"فلسطين" : "فالإسلام دين ينظم الحياة كلها، فهو دين الدنيا والآخرة, ومن دعاء المسلمين: ( ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار)، فدين الله كامل وشامل، يجمع بين حقوق الله وحقوق العباد".
وبين أن الإسلام لا يعترف بالرهبانية بل يعتقد المسلمون أن الدنيا ممر إلى الآخرة، ويجب على المسلم أن يوازي بين الدارين فلا يتعلق بواحدة ويترك الأخرى، فكما يعمل الإنسان من أجل الدنيا يعمل من أجل الآخرة.
ولما كان المسلمون متمسكين بدينهم ملكوا الدنيا، ولما أهملوا دينهم أصبحوا تبعاً لغيرهم.
وأوضح د. خلة أن القرآن والسنة يحثان على عمارة الأرض بكل الوسائل، وسارع المسلمون إلى العمل والجد ولم يؤثر على عبادتهم لله، حيث فهموا أنه لا تضاد بين الدارين فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ما من مسلم يغرس غرساً أو يزرع زرعاً فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة إلا كان له به صدقة ) رواه البخاري.
وأشار إلى أن المسلمين كانوا متقدمين في العلوم الدينية والدنيوية فبرز ابن النفيس في الطب، وابن الهيثم في الضوء، والخوارزمي في الرياضيات، وغيرهم.
وأكد د. خلة أنه لا بد من العمل للدنيا وللآخرة، ولا بد أن تكون الدنيا مزرعة للآخرة وطريقا موصلا إليها بل كل عمل دنيوي قصدت به وجه الله فهو أخروي.
وأشار إلى أنه لا تضاد بين الدارين بل هما متكاملتان، ولا يجوز النظر إلى واحدة دون الأخرى، غاية الأمر اعمل لدنياك ولا تنس دينك واعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا.ً