فلسطين أون لاين

أكل ثمار الأشجار العامة والخاصة بين الإباحة والتحريم

...
غزة- مريم الشوبكي:

قد يقع بعض الناس في مخالفات شرعية عن جهل أو معلومات خاطئة، لا سيما فيما يتعلق بأكل الثمار من الشجر في الطريق أو في أرض حولها حائط، أو ثمار في أرض أصحابها مسافرون ويتعلل البعض أن هذه الثمار ستفسد إن لم يستفِد منها أحد.

وعن الحكم الشرعي الذي يلحق بالمسلم في هذه الحالات، يتحدث إلى "فلسطين" أستاذ الفقه المقارن في كلية الدعوة الإسلامية د. عبد الباري خلة:

بين د. خلة أنه لا يجوز أخذ مال امرئ مسلم إلا بإذنه، قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ) سورة النساء الآية 29.

واستعرض الشيخ خلة لـ"فلسطين" بعض الأحاديث التي تدلل على عدم جواز الأكل من الزرع غير المملوك لصاحبه، عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَحْلُبَنَّ أَحَدٌ مَاشِيَةَ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِهِ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تُؤْتَى مَشْرُبَتُهُ فَتُكْسَرَ خِزَانَتُهُ فَيُنْتَقَلَ طَعَامُهُ إِنَّمَا تَخْزُنُ لَهُمْ ضُرُوعُ مَوَاشِيهِمْ أَطْعِمَتَهُمْ فَلَا يَحْلُبَنَّ أَحَدٌ مَاشِيَةَ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِهِ رواه مسلم.

وذكر حديث ابن عبد البر قال:[في الحديث النهي عن أن يأخذ المسلم للمسلم شيئًا إلا بإذنه وإنما خص اللبن بالذكر لتساهل الناس فيه فنبه به على ما هو أولى منه]، وعن أَبِي بَكْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: الزَّمَانُ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَةِ يَوْمَ خَلَقَ السَّموَاتِ وَالأَرْضَ،..... قَالَ: فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ قَالَ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ.... أخرجه البخاري.

واستدل د. خلة بحديث أَبِي هُرَيْرَةَ الذي قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" لَا تَحَاسَدُوا وَلَا تَنَاجَشُوا وَلَا تَبَاغَضُوا وَلَا تَدَابَرُوا وَلَا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يَخْذُلُهُ وَلَا يَحْقِرُهُ التَّقْوَى هَاهُنَا وَيُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنْ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ" رواه مسلم.

وأكد د. خلة أنه لا يجوز للمسلم أن يأكل من بستان غيره إلا بإذنه، وسواء أكان المأكول مملوكا لشخص أو لمؤسسة، وسواء أكان موجودا في أرض محاطة ومحرزة أم من غير إحاطة، وسواء من شجر ممتد في الشارع أم في أرض لمسافرين، أو لمن لا يهتمون بأرضهم.

وأشار إلى أن الزرع أو الشجر كان لمؤسسة أو وزارة، وأذن القائمون عليها بالأكل فيجوز له أن يأخذ منه، وحتى وإن علم إذن الوزارة يجوز الأكل أيضا، أما إن علم المنع أو جهل فلا يجوز لأن الوقف يكون على شرط من وقف والملك يكون للمالك ومن أذن له، ومن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه.

 وذكر د. خلة أنه عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ وَأَهْوَى النُّعْمَانُ بِإِصْبَعَيْهِ إِلَى أُذُنَيْهِ إِنَّ الْحَلَالَ بَيِّنٌ وَإِنَّ الْحَرَامَ بَيِّنٌ وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ لَا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ فَمَنْ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى أَلَا وَإِنَّ حِمَى اللَّهِ مَحَارِمُهُ أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ.

بين الإباحة والمنع

وهناك بعض الآراء التي تبيح أكل الزرع ثمار الأشجار ولكن بشروط محددة، بين أستاذ الفقه المشارك في جامعة الأقصى د. محمد العمور أن بعض العلماء أجاز أكل الثمار من أغصان شجرة متدلية في الشارع، والبعض الآخر حرم أكلها إلا بإذن صاحبها.

وأوضح د. العمور لـ"فلسطين" أن الأكل من ثمار شجرة متدلية أغصانها على شارع عام أو فيه نخلة أو حديقة عامة أو بيت مهجور يجوز الأكل شجرها دون الحمل إلى البيت أو البيع، ما لم يكن هذا الشجر في أرض موقوفة أو عقار موقوف فإنه يأخذ حكم الموقوف.

ولفت إلى أن بعض العلماء كرهوا زراعة الأشجار في المساجد حتى لا ينشغل الناس.

والبعض يجيز لنفسه الأكل من ثمار أرض تركها أصحابها وسافروا، لأنه يعتني بها من حيث الري والحراثة، عن موقف الشرع من ذلك، أجاب العمو: "لا يجوز الاعتناء بملك الآخر حتى لا تكون سببا لتنازع الناس في الملك".