دعا متحدثان لضرورة استثمار المزاج الشعبي العربي الذي لا زال رافضاً للتطبيع مع دولة الاحتلال، مؤكدين أن ضعف الموقف السياسي الفلسطيني العام واستمرار السلطة الفلسطينية في التطبيع مع الاحتلال يمنح بعض دعاة التطبيع العرب منفذاً للمضي قدماً فيه.
وطالب المتحدثان خلال ورشة عمل نظمها مجلس العلاقات الدولية– فلسطين بعنوان "التطبيع مع الاحتلال.. بين تطلعات الشعوب وإرادة الأنظمة الرسمية" بمقر نقابة المهندسين بغزة أمس، بالعمل على إبقاء وعي الشعوب العربية حيّاً.
الرفض الشعبي
وقال عضو مكتب العلاقات الدولية في حركة حماس باسم نعيم: "مقابل سماح الاحتلال الإسرائيلي لفرق عربية أن تأتي للضفة أو القدس للرياضة أو الغناء سيجعل ذلك تلك الدول مجبرة على استقبال أي فرق إسرائيلية رياضية وغنائية وهنا تكمن الخطورة".
وأضاف: "ينبغي بذل جهود لحماية أمتنا العربية من الاختراق، فتلك الزيارات تأتي لاستطلاع توجهات الشعوب السياسية حتى صار المطبعون العرب يشتمون الفلسطينيين لنيل رضا (إسرائيل)".
وتابع نعيم: "ما يحدث من زيارات تطبيعية – كزيارات بعض الخليجيين- مستحيل أن تكون كما تبدو في ظاهرها فردية لكنها مدعومة بغطاء رسمي لجس نبض الناس وردة فعلهم".
وأضاف: "كل ما يحدث ضد إرادة الشعوب ولكن في ظل حالة التيه والضياع والانشغال بالقضايا الثانوية فإن تلك الأمور تتم دون مواجهة شعبية لها"، مشيراً إلى أن المطبعين "شواذ لا يمثلون الشعوب العربية".
ومضى نعيم بالقول: "يجب الاستمرار بالنضال لإبقاء وعي الشعوب حياً، فلن تتحول دولة الاحتلال لكيان شرعي مهما حاولت، فلا تغرنا بعض التحركات هنا وهناك ويجب أن نصر على أن هذه الدولة لا مكان لها بالمنطقة".
وأشار إلى أن الفلسطينيين يساهمون في الضعف الذي تمر به قضيتهم بسلوكهم السياسي، قائلاً: "الزيارات التطبيعية واحدة من تجليات التطبيع مع الاحتلال وتجدد الجدل حولها بسبب كثافتها في الآونة الأخيرة وارتفاع المستوى ووجود أجندات سياسية خطيرة خلفها".
وأضاف نعيم: "الاحتلال يحاول منذ توقيع اتفاقية التسوية مع مصر التطبيع مع المجتمع المصري لكنه فشل في ذلك حتى الآن فالشعب بكافة أطيافه يرفض تلك العلاقة".
وتابع: "الموقف التاريخي العام من هذه الزيارات هو التجريم والمنع، حتى أن بعض الرياضيين العرب انسحبوا من بطولات حتى لا يقابلوا نظراءهم الإسرائيليين".
ودعا لتحديد المفاهيم الخاصة بالتطبيع حول ما إذا كان دخول الضفة الغربية والقدس بجواز إسرائيلي تطبيعًا أم لا، أو هل هناك فرق بين تطبيع الأفراد والمؤسسات والدول، وغيرها من المفاهيم التي تحدد إذا كان سلوك أي عربي تطبيعاً من عدمه.
فك عزلة (إسرائيل)
بدوره، اعتبر رئيس مجلس إدارة الهيئة الدولية (حشد) صلاح عبد العاطي، أن التطبيع مع دولة الاحتلال يعني القبول بنظامها وصيغتها التوسعية الاستيطانية الاحتلالية وقبول احتلالها للأراضي الفلسطينية ويتعدى ذلك للصمت على جرائمها بحق الفلسطينيين.
وقال عبد العاطي: "بعض الدول العربية تبرر تطبيعها بأنها تريد إجبار الاحتلال على تقديم تنازلات مع القضية الفلسطينية مع أن التاريخ يثبت عكس ذلك، فالمطبعون كمنظمة التحرير ومصر والأردن قد انزلقوا للقبول بـ(إسرائيل) العنصرية وخسرت قدرتها على المناورة معها بسبب نشوء مصالح مشتركة بينهما".
وأضاف: "التطبيع يعزز من شرعية وجود (إسرائيل) ويزيد من تماديها في جرائمها بحق الفلسطينيين والعرب، فقد ازدادت بشكل مهول في الاستيطان وتهويد القدس وقتل المدنيين وغيرها من الممارسات في السنوات الأخيرة".
وتابع عبد العاطي: "(إسرائيل) توظف التطبيع العربي لفك العزلة عنها وتحسين صورتها كدولة مارقة على الأراضي الفلسطينية واستغلال الصراعات العربية - العربية لصالحها وسعيها مع الولايات المتحدة لتصفية القضية الفلسطينية".
ومضى بالقول: "ما ساهم في التطبيع ضعف الموقف الرسمي الفلسطيني في وقفه أو الحد منه، فعلى الرغم من مرور 72 عاماً على تأسيس دولة الاحتلال لا تزال مشروعيتها غير مكتملة على الصعيد العربي إذ لم تعترف بها سوى: مصر والأردن وموريتانيا".
وتابع عبد العاطي : "أما حالياً تعترف بها 157 دولة في الأمم المتحدة على إثر توقيع منظمة التحرير لاتفاق أوسلو مع الاحتلال"، مشيراً إلى أن للتطبيع آثارًا سلبية خطيرة على القضية الفلسطينية، حيث إنه أضعفها وحال دون قدرتها على عزل (إسرائيل).
وقال: "رغم كل ذلك تبقى هناك محاولات عربية للتصدي للتطبيع وغضب شعبي كبير على الحكومات المطبعة لكنها للأسف لا تكترث لرأي الشعوب، وطالما لم تتخذ القيادة الفلسطينية موقفا لمواجهة التطبيع فإن الجهود الشعبية العربية ستبوء بالفشل".